صباح يوم الخميس الموافق 30 يناير/كانون الثاني من عام 2014، رحل عنا جسد الدكتور عبدالله عمران تريم إلى بارئه، مختتماً رحلة كفاح طويلة، لكنه تجذر في محبيه سيرة عطرة، ومحبة ومودة بلا حدود، وفكراً وطنياً وعروبياً صادقاً، فقد عاش حياته مجاهداً لتحقيق ما يؤمن به، وطموحه المتواضع الذي لم يتجاوز حدود تحرير الوطن من علائق الماضي، ووحدته، وبنائه ليواكب عصره، إلا إلى وحدة أمته العربية، وقوة ومنعة أقطارها، لتصبح أمة واحدة غير مشتتة الجهود والموارد والأهداف والأفكار، وإلى إنسانية بلا استغلال، ولا استعمار، ولا عبودية، يعيش الفرد فيها آمناً مطمئناً إلى يومه وغده. سكت الجسد الذي كان يتابع العمل في مطبوعات دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، حتى قبل وفاته بوقت قليل، لكن فكره يعيش بيننا، وكل من تربى فكرياً وسياسياً على يديه، استمع إليه وتابع سيرته ومسيرته وتتلمذ على يديه، وفي مدرسته، وهذا ليس قليلاً، لأنه نتاج جهاد سنوات طوال من الكفاح، لم يتوقف أو يسترح، منذ كان طالب علم في مستوياته المتتابعة، مروراً بامتهانه التدريس عامين، وعمله مديراً للمعارف في الشارقة ثلاث سنوات، إلى أن توفاه الله بعد رحلة كفاح شاقة. عمل د. عبدالله عمران الكثير من أجل تحرير وطنه من مخلفات السيطرة الأجنبية، وكان عضواً في فريق المفاوضات الذي كان يسعى لإقامة دولة الاتحاد، وكان وزيراً في أول حكومة لدولة الإمارات العربية المتحدة 1971 - 1972، كما شغل منصب وزير التربية والتعليم في الحكومة نفسها 1972 - 1979، وعاد وزيراً للعدل مرة أخرى 1990 - 1997، وكلفه مؤسس الدولة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بتأسيس جامعة الإمارات، كما عمل مستشاراً له فيما بعد. وشارك مع المرحوم تريم عمران تريم في تأسيس جريدة الخليج عام 1970، التي توقفت فترة من الزمن ثم أعيد إصدارها عام 1980، وتطورت إلى أن أصبحت مؤسسة إعلامية كبرى، تصدر عنها ست مطبوعات يومية وأسبوعية وشهرية، تولى قيادتها بعد رحيل شقيقه تريم عمران عام 2002، وعمل على تطوير مطبوعاتها العريقة بجهود لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً. كانت الإمارات في قلب فارس الكلمة الحرة الدكتور عبدالله عمران، يسعد بكل إنجاز من إنجازاتها، فقد عاشها وقت أن كانت إمارات، وبسواعد أبنائها المخلصين من أمثاله، وبالقيادة الرشيدة الحكيمة المحبة لوطنها وشعبها، أصبحت الإمارات من دول القمّة في العالم، بعطاءاتها التي لا تتوقف، وإنجازاتها المستمرة لمصلحة شعبها والإنسانية. وكانت العروبة أيضاً الانتماء الأوسع الذي يسعد به، ويجاهد من أجل لمّ شمله على كلمة واحدة وموقف ورأي وفكر، يجمع عناصر قوتها ويرتقي بها إلى مصاف الأمم المتقدمة. رحمك الله أبا خالد وأسكنك فسيح جناته، لقد افتقدناك يا ربان السفينة، لكن عزاءنا أنك باق فينا فكراً مستنيراً ينير درب حاضرنا ومستقبلنا. وخير عزائنا في أولادك، وفي السفينة التي أسست وتوأم روحك تريم عمران، التي ما زالت وستبقى، بإذن الله، تبحر بين أمواج الحياة، ثابتة على مبادئها، وعلى فكرها النير، على نهج الحقيقة من دون خوف، والواقع من دون زيف.
مشاركة :