شغور حاكمية مصرف لبنان 'يغري' حزب الله

  • 2/23/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - انفتح لبنان على سجال جديد حول التمديد لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة الملاحق محليا وخارجيا في شبهات تتعلق بقضايا فساد مالي وتبييض أموال، بينما طرح وزير المالية اللبناني يوسف خليل مؤخرا فرضية التمديد، مشيرا إلى أنه رغم أن القضية خلافية ولم تتوصل القوى السياسية إلى اتفاق حول هذا الأمر، فإنه قد لا يوجد خيار آخر غير التمديد في ظل المناخي السياسي الراهن. ولم يكن موقف حزب الله القوة العسكرية والسياسية النافذة واضحا حتى أعلن نعيم قاسم نائب الأمين للحزب في مقابلة مع صحيفة الأخبار اللبنانية أن الجماعة الشيعية ترفض التمديد لسلامة. وأعلن سلامة ذاته الذي يدير مصرف لبنان المركزي منذ نحو 3 عقود وتنتهي ولايته في مايو/ايار القادم، عدم رغبته في الترشح مجددا ولا في قبول التمديد في حال ذهبت الأمور في مسار التمديد وبذلك فإن باب الشغور في حاكمية مصرف لبنان أمر وارد، ما يعمق الأزمة المالية ويعطل المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي حول حزمة دعم مالي لإنقاذ البلاد من الانهيار الشامل. وقد يفتح موقف حزب الله الباب لجدل أكبر، فيما تنظر قوى لمواقفه من الشغور الرئاسي أو الشغور المترقب في حاكمية المصرف المركزي، على أنها رغبة في تمديد الأزمة والاستفادة منها سياسيا بأكبر قدر ممكن. وفي المقابل مع الصحيفة المقربة من حزب الله قال نعيم قاسم "إننا قطعا لسنا مع التمديد لرياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان ونحن مع استمرار التدقيق الجنائي ليصل إلى خواتيمه ويُبنى عليه الموقف الرسمي من الحاكم". وتفتح تصريحات قاسم الباب لتأويلات سياسية يذهب بعضها إلى أن حزب الله كما يريد رئيسا للبلاد على مقاس أجندته، يريد أيضا أن يكون اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان حسب مواصفاته. والعلاقة بين رياض سلامة وحزب الله ملتبسة في كثير من تفاصيلها ولا تحددها شبهات الفساد التي تلاحق الرجل وينفي صحتها، بقدر ما تتعلق بتطبيقه على مدى السنوات الماضية وبشكل فوري كل ما يتصل بالعقوبات الغربية على أفراد وكيانات تابعة للحزب وهذا في حدّ ذاته يرسم إلى حدّ ما نوعية العلاقة بين حاكم المصرف المركزي والجماعة المدعومة من إيران. وسبق لحزب الله أن اعتبر أن لا اثر للعقوبات الأميركية عليه باعتبار أنه لا يملك حسابات مالية خارج دائرة النظام المصرفي اللبناني، فيما تقول مصادر إن الحزب أنشأ واجهات مالية كثيرة تدير حساباته ومصالحه بالوكالة. وأنشأ حزب الله إمبراطورية اقتصادية في ذروة المواجهة الداخلية والخارجية مستفيدا من علاقاته ونفوذه ومن واجهات مالية كانت ستارا لنشاطاته. وهو بذلك يكون قد خطى على منهج الحرس الثوري الإيراني الذي شكل شبكات مالية واسعة إقليميا ودوليا للالتفاف على العقوبات الغربية. وتذهب بعض التفسيرات إلى أن رفض حزب الله التجديد لحاكم مصرف لبنان حتى إن أحدث ذلك شغورا آخر على رأس أعلى هيئة مالية لبنانية من شأنه أن يعمق الأزمة الطاحنة، هو البحث عن منفذ موثوق للتسلل إلى النظام المصرفي من خلال واجهة جديدة قد تكون الشخصية التي يريدها أن تتولى حاكمية مصرف لبنان. والواضح في الوقت الراهن بعيدا عن موقف حزب الله من التمديد لسلامة، أن الوضع يتجه للمزيد من التأزيم وأن فرص التمديد المحتمل تتضاءل مع تزايد الخناق القانوني على حاكم مصرف لبنان. ويواجه سلامة الكثير من المتاعب القضائية مع توسع نطاق التحقيقات بين لبنان وأوروبا، بينما نفى اليوم الخميس الاتهامات التي قال مصدر قضائي رفيع إنها وجهت إليه بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع. وقال في رسالة نصية لرويترز "كما أعلنت سابقا أنا بريء من هذه الاتهامات"، مضيفا "أنا أحترم القوانين والنظام القضائي وسألتزم بالإجراءات وكما تعلمون فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، مؤكدا أن الاتهامات الجديدة لا تمثل لائحة اتهام. وادعى المحامي العام الاستئنافي في بيروت الخميس على سلامة بجرائم عدة بينها اختلاس وتبييض أموال في أول ادعاء محلي يطاله على هامش تحقيقات تجريها دول أوروبية عدة حول ثروته، وفق ما أفاد مسؤول قضائي. وفتح القضاء اللبناني في أبريل/نيسان 2022 تحقيقا محليا بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا ولاحقا في دول أوروبية أخرى، للاشتباه بضلوعه وشقيقه رجا سلامة في قضايا اختلاس أكثر من 300 مليون دولار. وأوضح المسؤول القضائي أن القاضي رجا حاموش "ادعى على كل من سلامة وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك وكل من يظهره التحقيق، بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال ومخالفة القانون الضريبي". وطلب المحامي العام الاستئنافي استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم. ويُعد ذلك الإدعاء الأول في لبنان الذي يطال سلامة في التحقيق المحلي الذي يجري على خلفية التحقيقات الأوروبية، إلا أنه ليس أول إدعاء محلي ضده في قضايا أخرى تتعلق بالإثراء غير المشروع وتهريب أموال إلى الخارج، كما أصدرت قاضية في حقه قرارا بمنع السفر. ويأتي الإدعاء على سلامة بعد أكثر من شهر من استماع محققين أوروبيين في بيروت لشهود، بينهم مدراء مصارف وموظفون في مصرف لبنان، في إطار التحقيقات التي تتعلق بثروة حاكم المصرف المركزي. وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري اسوشياتس"، المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة. ويُعتقد أن هذه الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب، جرى تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج. وفي 28 مارس/اذار 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021". ومنذ يوليو/تموز 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة وقد وجه بداية ديسمبر/كانون الأول لامرأة أوكرانية مقربة منه اتهامات بينها غسل أموال واحتيال ضريبي. ولطالما نفى سلامة الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن ملاحقته تأتي في سياق عملية "لتشويه" صورته. ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر في حقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو/ايار 2023.

مشاركة :