بعد منافسةٍ قوية وتفاعلية في أبوظبي، تم إعلان فوز الشاعرة العُمانية عائشة السيفي بلقب «أميرة الشعراء»، وهذه ليست المرة الأولى التي تفوز بها شاعرة بهذا اللقب من بين كل دورات برنامج أمير الشعراء في أبوظبي منذ تأسيسه، بل هي أيضاً هي أول حادثة ثقافية تبرز فيها المرأة في طليعة الهرم الشعري الذي ظل فحولياً لقرون وقرون، وكانت الثقافة تبخل على المرأة حتى بكلمة فحلة، وجرى جدل ثقافي في وصف الفحلة لدرجة أن تم إلصاق معنى «سليطة اللسان» لكي تحسم الجدل وتغلق معنى الفحولة للرجل بوصف ذلك وصفاً للدرجة العليا في طبقات الشعراء، بينما الفحلة ستكون تحت المعنى السلبي الذي يحرم المرأة من حقها في اللغة، فإن تجرأت المرأة على سلطة اللغة، فهي إذن سليطة اللسان ولا بد ثقافياً من قمع اللسان السليط، لأن اللسان حق ذكوري، وقد تجاهلت الثقافة تفوق المرأة حتى وإن تفوقت شعرياً، وقد كانت الخنساء تنافس فحول الشعراء تحت خيمة النابغة إلا أن عصر التدوين مطلع العصر العباسي انحاز ليحسم المعنى الثقافي للرجال دون النساء، وصُنعت الكتب، كما جرى التدوين لمصلحة طبقات الفحول، وظلت النساء على هامش المعنى الشعري، وترك لهن السرد ممثلاً بكتاب ألف ليلة وليلة وهو الكتاب الذي جرى وصمه بالدونية فهو «لا يصلح إلا للنساء والأطفال وصغار العقول» كما ورد في متون المدونات. من بعد هذا كله، يأتي الحدث الشعري اللافت نوعياً وثقافياً بتقلد الشاعرة عائشة السيفي للقب أميرة الشعراء، وهنا تأتي القامة الشعرية لتتأنث وتحقق شعريتها عبر التنافس القوي الذي يمتحن المهارات في دورات متصلة من مراحل التنافس والتصفيات، وقبل ذلك بعامين تقدمت حوراء الهميلي في البرنامج نفسه لتصل للمركز الثالث في مسابقة حامية، وكأن حوراء حفرت الطريق لعائشة، وهو الطريق الذي تقدمت فيه عائشة لتكمل خطى حوراء وتصل المرأة للقمة وشارة الإمارة، وهذا يوم ثقافي له معانيه الرمزية والحضارية، وهو شهادة بأن المرأة تنافس وتصل وتحقق متى ما كانت المنافسة شريفةً ومحايدةً وصادقة في الوعي والمطمح.
مشاركة :