"فيلم شفتو".. سلسلة رمضانية من 30 حلقة، نطرح فيها ومن خلالها، قراءة انطباعية لأفلام سينمائية عالمية مختلفة، لنعيد تعريفها لقراء 2M.ma، وتقريبهم منها. يقول الكاتب الأسترالي ماركوس زوساك، مؤلف رواية "سارقة الكتب": "أحبّ الألمان حرق الأشياء؛ المحلات التجارية، والمعابد اليهودية، والبرلمان، والمنازل، والممتلكات الشخصية، والقتلى، وبطبيعة الحال؛ الكتب. استمتعوا بحرق كتاب جيد، ما أعطى مُحبّي الكتب الفرصة للحصول على بعض المنشورات التي لم تكن لديهم أدنى فرصة بخلاف ذلك للحصول عليها. ومن بينهم هؤلاء الأشخاص الذين تتملكهم مثل هذه الرغبة، هي كما تعلمون فتاة نحيلة تُدعى ليزيل ميمنجر. ربما انتظرت أربعمئة وثلاثة وستين يوماً لتنفّذ سرقتها الثانية، إلا أن الغنيمة تستحق عبء الانتظار. من بعد ظهر أحد الأيام الذي انطوى على الكثير من الإثارة والشر الجميل، وكاحل غارق بالدم، وصفعة من يد موثوقة، حققت ليزيل ميمنجر قصّة نجاحها الثانية". يتناول الفيلم قصة معاناة الألمان أنفسهم، يظهرون في مشاهد الضحايا، الذين يدفعن ثمن سياسات الحزب النازي وحروبه الطويلة المكلفة، مثال على ذلك، قصة عائلة هانز، الجندي السابق في الجيش الألماني، الذي عاش الحرب العالمية الأولى، وكيف نجا من موت محقق، لولا والد ماكس، الذي تدخل لإنقاذه، تعيش هذه العائلة حياة قاسية، فهي في مواجهة صعوبات ومتطلبات الحياة اليومية، واستحالة توفير الحاجيات الأساسية، مما يضطر زوجته روزا إلى العمل في غسل الملابس، لمساعدة زوجها في إعالة الأسرة، بينما يذهب الشباب إلى الخدمة الجندية، وترك البلاد وأسرهم، لخوض حروب في بلاد أخرى بعيدة، حروب عنيفة، تنتهي في أسوأ الأحوال، بعودة هؤلاء الشبان، في توابيت خشبية، بعد القائهم لحتفهم هناك. تظهر ألمانيا مثل بلد أتى عليه الطاعون، منهارة تماما، إلا من بعض المسنين والعجائز، بينما الحياة تشبه في عيونهم مواكب جنائز تكاد لا تنتهي. في الجانب الآخر، تظهر حياة الترف والعيش الرغد، الذي يغرق فيه أعضاء الحزب النازي. ولد زوساك في سيدني، عاصمة أستراليا، من أم ألمانية وأب نمساوي. يقول إن والديه كانا يتحدثان معه في مطبخ الأسرة عن الحرب العالمية الثانية. "شعرت بأن مطبخنا أصبح جزءا من أوروبا، عندما كان أبي وأمي يتحدثان عن ألمانيا والنمسا والغارات الجوية على مدينة ميونيخ، وعن المعتقلين الذين دفع بهم النازيون عبر شوارع المدينة". كان هذا سببا كافيا، ليصبح زوساك كاتبا روائيا. ورواية سارقة الكتب، التي اقتبس منها الفيلم، وحافظ على العنوان نفسه، تحكي قصة ليزل، طفلة في عمرها 12 سنة، ترعرعت لدى والدين بالتبني، تم نزع الفتاة من أمها لكونها شيوعية. صدرت الرواية 2005. وبعد ذلك بسنتين نُشرت لها الترجمة الألمانية، التي أصبحت مع مرور الوقت، أحد أكثر الكتب مبيعا على الصعيد الدولي، وتمت ترجمتها إلى أربعين لغة. لم يخف الكاتب تدمير أدولف هتلر للشعب الألماني بواسطة كلماته، غير أن بطلة الفيلم ليزل، تستعيد هذه الكلمات وتسرقها لتكتب باستخدامها في قصة خاصة بها. يقول المخرج براين بيسيفال: "إن ليزل تدرك أنه يمكن استخدام الكلمات لصالح الخير ولصالح الشر، وعندما تصبح على وعى بذلك، تستطيع تغيير حياتها واتخاذ قرارات، وهي تدرك أن هناك إمكانيات عدة لها يمكن أن تختار بينها، مما لم تتمكن منه قبل ذلك". اقتبس لكم من الرواية هذا النص للكاتب زوساك: "أردتُ أن أقول أشياء كثيرة لسارقة الكتب، أن أحدثها عن الجمال والوحشية، ولكن ماذا في وسعي أن أقول لها عن تلك الأمور التي عرفتها واختبرتها بالفعل؟ أردتُ أن أشرح لها بأنني دائماً ما أبالغ في تقدير الجنس البشري، أو التقليل من شأنه، وبأنني نادراً ما أقدره حق قدره ببساطة أردتُ أن أسألها: كيف يمكن للشيء نفسه أن يكون قبيحاً جداً وجميلاً جداً في آن معاً، وكيف يمكن لكلماته أن تمتلك هذا القدر من القوة التدميرية، والروعة الفائقة في الوقت عينه؟ إلا أنّ شفتي لم تنطقا باي من هذه الأفكار" . عن الفيلم: من إنتاج سنة 2013، إخراج براين بيسفال، سيناريو مايكل باتروني، مقتبس عن رواية للكاتب ماركوس سوزاك، بطولة الطفلة صوفي نيليس، وجيفري راش، وايملي واتسون. موسيقى جون ويليامز
مشاركة :