«توقفوا عن جعل الحمقى مشاهير» - أمجد المنيف

  • 2/11/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في غالب الظن أن هذه العبارة - المعنونة للمقال - جاءت من أصل العبارة الإنجليزية STOP MAKING STUPID PEOPLE FAMOUS!، والتي تقول الروايات إن أصلها كان شعارا لحملة قادها ناشطون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في كل من أوروبا وأميركا، وذلك على خلفية عبارة كتبت في أحد شوارع أميركا، وأعتقد أنها نيويورك إن لم تخني الدقة، والتي هدفت لمحاصرة هؤلاء السذج المفلسين (بنظرهم)، الذين جعلوا من سذاجتهم سببا للارتقاء إلى أبواب الشهرة.. ووجدها "ربعنا" شماعة لإطلاقها على من لا يعجبهم، ويعتقدون أن شهرته التي جناها - من عرق "ظرافته" - لا يستحقها. قبل كل شيء، يجب أن نتذكر أننا نحرق المراحل التاريخية سريعا، وخاصة في السنوات الأخيرة، ويصاحب هذا التغيير ندرة، أو نستطيع أن نقول انعدام، في التوثيق، في كل شيء، بما فيها الظواهر الطارئة، سواء الباقية أو المندثرة، وهو الأمر الذي يربك تعاطينا مع المستجدات، أو تحليلها حتى، أو قبولها بكل أنواع القبول. ما أعتقده، وليس بالضرورة يعبر عن الحقيقة، أن جل من يطلقون هذه العبارة لم يستوعبوا بعد التغير الطارئ على قيادة الرأي، بكل أوساطه وأدواته، وأنها لم تعد حكرا على النخب التي تحلقت على بعضها لعقود، وأن هناك لاعبين آخرين غيرهم، بأدوات لا يتقنونها، ويخاطبون متلقين لا يقبلونهم، برؤى مختلفة، وبساطة غير معهودة، وبتفاعل سريع وآني. من الضروري جدا، وكما كانت تطالب هذه النخب - منذ زمن - بالحريات، أن يمنح "الحمقى" - فيما لو صح وصفهم - حقهم في التعبير، وطريقة المخاطبة وكيفيتها، سواء أكانت جادة أم غير ذلك، طالما لم تكن هناك تعديات على الآخرين وحقوقهم وحرياتهم، ولكل شخص حريته في اختيار ما يقول، ولأي منهجية يتبع، وبغض النظر عن نوعية المحتوى. وفي النهاية للمتلقي الحكم الأخير، في أن يتابع أو يمتنع، أن يقبل أو يرفض، وطالما أن هناك من جعل للحمقى شهرة، فيعني أن لهم جماهيرَ يروجون لبضاعتهم، قد لا تكون منهم، أو لا تعرفهم، أو لا تفهم لماذا! لكن، ليس من حقك سلب شهرتهم، أو محاولة التشكيك في هذا الاستحقاق. في النهاية، وشأن كل الأشياء، الاستحقاقات الحقيقية تبقى، أما الطارئة فتزول، لذلك لا تنشغلوا بالآخرين، واتركوا للآخرين مساحاتهم للتعبير، وللجماهير معاييرها في الاختيار، وتابعوا ما يناسب ذوائقكم، فالعروض كثيرة، والخيارات متنوعة. أما من يقرر أن يتابع من يعتقد أنهم حمقى، ويصر على ذلك، فأرى أن هذا الفعل يندرج تحت ما يعرف ب"المازوخية".. "مازوخية الإعلام الجديد"! والسلام.

مشاركة :