'الملكة كليوباترا' السمراء تثير غضب المصريين

  • 4/14/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - رافق إعلان منصة نتفليكس للبث التدفقي عن البرومو التشويقي والبوستر الدعائي لفيلم وثائقي يحمل عنوان "الملكة كليوباترا" (كليوباترا كوين) موجة من الغضب على المواقع الاجتماعية في مصر، وذلك بسبب ظهور الملكة الفرعونية ببشرة سوداء وشعر مجعد. وانتقد كثيرون تصوير الفيلم للملكة كليوباترا ببشرة داكنة وهي من أصول يونانية، كما أعاد العمل الوثائقي النقاش حول أفكار حركة "الأفروسنتريك" التي تنشر فكرة أن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي البشرة السوداء قبل تشتتهم. واتهم مغردون منصة نتفليكس "بتغيير تاريخ مصر القديم" و"تزوير المعطيات التاريخية الثابتة"، مطالبين بـوقف عرض الفيلم. واعتبر النص التقديمي لإعلان الفيلم الذي أنتجته جادا بينكيت سميث زوجة النجم الأميركي الشهير ويل سميث، أن تراث "كليوباترا كان موضوع الكثير من الجدل الأكاديمي، والذي غالبا ما تم تجاهله من قبل هوليوود"، مضيفا أن السلسلة ستعيد "الآن تقييم هذا الجزء الرائع من قصتها". وقالت الشركة إن العمل سيكون ضمن سلسلة وثائقيات لاستكشاف حياة الملكات الأفريقيات البارزات والمبدعات، تبدأها بفيلم "كليوبترا"، إذ "ستخصص الموسم الأول لأشهر امرأة في العالم وأكثرها قوة". وأشارت إلى أنه "أسيء فهم كليوبترا، إذ طغت شهرتها كملكة جريئة وجميلة ورومانسية على معدنها الحقيقي، المتمثل في ذكائها الشديد.. لقد كانت ذات بشرة سمراء على عكس الشائع". وتندرج السلسلة الوثائقية التي سترى النور في العاشر من مايو/أيار المقبل ضمن إنتاجات نتفليكس الأصلية، وتتناول آخر ملكات الفراعنة وهي تحارب لحماية عرشها وعائلتها وإرثها. ويقوم العمل على مشاهد إعادة تمثيل ومقابلات مع خبراء. وأعلن المتخصصون في الآثار عن غضبهم بسبب استخدام منتجي الفيلم لوجه أسود للملكة كليوباترا، بجانب أن ملامحها أفريقية وليست مصرية، وهو الأمر الذي اعتبروه يدعم رواية "حركة الأفروسنتريك" المتعصبة للعرق الأسود، إذ تزعم أن الحضارة المصرية أصلها "زنجي أفريقي". والفيلم الوثائقي صور الملكة كليوباترا بشفاه غليظة وأنف شديد العرض وهو الذي اعتبره رواد التواصل الاجتماعي أيضا محاولة لسرقة تاريخ وحضارة مصر ونسبها إلى حضارات أخرى. وقال كبير الأثريين بوزارة الآثار مجدي شاكر على صفحته بفيسبوك "لا بد أن يقف كل المصريين ضد هذا الأمر، وضد هذه المنصة غير المسؤولة"، مضيفا "خلينا ساكتين على هذه التفاهات ده كليوباترا ولا دول مصريين ده شغل أفروسنتريك". وكتب عالم المصريات محمد فتحي "مسلسل كيلوباترا على نتفيلكس وتزييف الحقائق.. اللعب الآن أصبح على المكشوف ومن المهم أن نحذر بعضنا البعض منه". وتابع "نتفليكس قررت أن تعمل فيلم وثائقي عن حياة الملكة التي حكمت مصر كليوباترا وهي من أصل يوناني، لكن منذ البداية برزت دقة المنصة في التوثيق حيث ظهرت الملكة التي وصُفـت بأنها أجمل نساء العالم وساحرة وكل التماثيل التي تجسدها تبرز بياض بشرتها وجمالها من أصل أفريقي!!". وأضاف "هذا يذكرنا تلقائيا بتوجه الأفروسنتريك وأهدافها الخبيثة لتزوير تاريخ مصر القديم وبعض الحضارات الأخرى ومحاولة نسبها زوراً للأفارقة أصحاب البشرة السمراء وأنهم أصحاب الحضارة الأصليين وأن المصريين الحاليين ليسوا مصريين أصلا". ويظهر نفوذ أصحاب هذا التوجه من خلال وصولهم إلى أكبر منصة إنتاج أعمال لتوثيق حياة أشهر ملكات مصر بملامح سمراء لترسيخ نفس الفكرة وتأكيدها في عقل المتلقي خاصة الغربي الذي سيتقبل الأمر بوصف مصر في أفريقيا، لكن الملفت للنظر هو غباء اختيارهم لملكة ليست من أصول مصرية بالأساس، بحسب محمد فتحي. ويرى أن ذلك مقصود وليس غباء، "لأن مجرد الإعلان عن الفيلم أثار ضجة في الغرب، حيث أعرب الكثيرون عن استغرابهم من اختيار ملكة من أصل يوناني ببشرة سمراء، وهذا كلام جميل لكن الخبيث في الأمر يكمن في الجزء الثاني من هذا الاعتراض، حيث ترددت عبارات من قبيل إذا رغبتم في الاستعانة بملكات سمراوات عليكم بالمصريات من أمثال حتشبسوت ونفرتيتي!". من هنا تظهر كيفية الاعتماد على دعاية مضادة وتسليط الضوء بشكل غير مباشر على قضية تافهة ولا أصل لها، طريقة جعلت العالم بأسره سيتكلم عن القضية ويتقبل الفكرة ويصبح لها أرضية وفرصة لطرحها، وفقا لفتحي، مطالبا أن تعترض مصر بشكل رسمي على هذه المهازل وتتصدى لها بشكل قوي. واعتبر د. وسيم السيسي عالم المصريات في حديثه لموقع "إي تي بالعربي" أن المصادر التي اعتمد عليها صناع الفيلم غير دقيقة، متسائلا "هم جابوا مصادرهم من فين؟"، قائلا "من المعروف أن هناك أعداء للحضارة المصرية وكليوباترا بالذات كانت يونانية لكن مصرية الهوى، وكانت عاشقة للحضارة المصرية، وبالعقل لو كانت هي بهذا القبح لن يقع في هواها مارك أنطونيو". كليوباترا لم تكن سمراء ولا أفريقية، هي من أصول يونانية، ومن صعب جدا أن نقول إن الملوك أصلهم أفريقي.. كل هذا تشويه للحضارة المصرية ومحاولات فاشلة، بحسب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار د. مصطفى وزيري. وتصدر الفيلم الهاشتاغات على المواقع الاجتماعية، حيث طالب الكثير من الرواد وقف عرض الفيلم ومقاطعته، لأنه يعد حملة لتشويه الحضارة المصرية. وتعتبر أمنية شفيق أن حكاية كليوباترا السمراء من الممكن أن تكون مجرد إثارة للجدل والدعاية، لكن يمكن أيضا أن ترمي إلى أهداف أخرى. أما المعلق عمر عبدالخالق مصطفى فيرى بحسب ما جاء في تدوينة له على فيسبوك أن "المشكلة الوحيدة في موضوع فيلم كليوباترا الوثائقي يكمن في أنه لا يوجد في مصر من يقوم بإنتاج أفلام عن الحضارة المصرية القديمة أصلا". لكن رغم موجة الاستياء والمطالبات برد مصري رسمي، فإن بعض المغردين على موقع تويتر نبذوا حملة الانتقادات، معتبرين في ذلك إساءة وعنصرية. وغرد حساب باسم "DODO buti" "ألن نتخلص من هذه العنصرية.. نعم الملكة كليوباترا لون بشرتها أسمر وفقا لكتب التاريخ.. اللون الأبيض ليس له أصل مصري فهو جنيات مكتسبة.. الفيلم سيكون عظيما".

مشاركة :