لا تزال الاقتصادات الرئيسة لم تأخذ خطواتها نحو التعافي منذ أزمات 2020 الاقتصادية، لهذا نرى أن توقعات صندوق النقد لا تزال مستمرة في تخفيض توقعات النمو في الاقتصادات المتقدمة، والأمر الأكثر إثارة أن معدل نمو فرنسا وإيطاليا نطاق صفري، وألمانيا وبريطانيا سالبة النمو، في مقابل أن الصين توقع لها أن تسجل 5.2 في المائة، والهند 5.9 في المائة، أما الولايات المتحدة 1.6 في المائة، وكند واليابان 1.5 و1.3 في المائة على التوالي، أما على مستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعالم، فتوقع تراجعه إلى 2.8 في المائة 2023 نتيجة رفع أسعار الفائدة بعد أن بلغ النمو في 2022 نحو 3.4 في المائة. سيوجه الاقتصاديون في مجال السياسات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم صعوبات هائلة وعلى مدار شهور، للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في دولهم وحماية المكاسب في الدول التي لا تزال تحقق معدلات نمو مقبولة، لكن النهايات لا تبدو قريبة للتحديات الهيكلية والتصدي للقضايا التي تمنع تحقق النمو المستدام. الإطار الاقتصادي الذي تعمل به كل الاقتصادات المتقدمة وضعت ثقتها المطلقة في قدرة الأسواق الحرة على التصحيح الذاتي، لكن الواقع يعاكس ذلك وظهرت نظرية البجعة السوداء التي تشير إلى صعوبة التنبؤ بالأحداث المفاجئة والنادرة وتحولت الثقة والتفاؤل إلى وهم، وأصبحت المؤسسات المالية والناس تسعى إلى المقامرة من أجل استعادة خسائرها التي تولدت من صدمات اقتصادية متلاحقة. لاحظ الاقتصاديون أن أمريكا وحدها جذر الأزمات الاقتصادية والمالية، وفي الوقت نفسه سلامة اقتصادها يحقق الانتعاش العالمي الشامل، لذا هناك دول أدركت مبكرا مخاطر الاقتصاد الأمريكي عليها وعملت على تحصين النظام الإنتاجي وإعادة توازن الطلب الداخلي بالاعتماد على الأسواق الداخلية أو مواردها النادرة، أو بالاعتماد على الحلول المبتكرة في التجارة النوعية كما فعلت الهند في استغلال أسعار نفط روسيا وإعادة بيعه، ونلاحظ أن الدول التي حققت نموا إيجابيا ضمن توقعات صندوق النقد الدولي فوق 2 في المائة هي تعمل بما ذكرنا أو جزء منه. وعلى أي حال، ألفت النظر إلى أن البنوك في الماضي عندما كانت ترتفع أسعار الفائدة كان لديها يسر مالي وتشدد شروط منح الإقراض فقط، أما حاليا فهناك شكوك في قدرة البنوك الأمريكية على الصمود أكثر مقابل طلبات المودعين المتضخمة أصلا من التسيير الكمي، وفي الوقت نفسه لم يتعرض المودعون لخسائر استثمارية حتى يمكن تأكيد مبدأ الخسارة الفعلية التي ستكون أمرا مفيدا للفيدرالي لإعدام تلك الأموال، وهي من التحديات الهيكلية في النظام النقدي الذي يقوده الدولار، لذا السير في اتجاه تشكل نظام اقتصادي متحول من النظام الحالي سيكون مرحبا به من حلفاء أمريكا إذا ما خفف عنهم ألم تبعية الصدمات والاضطرابات الاجتماعية وربما سيكون في مصلحة أمريكا نفسها.
مشاركة :