تاريخ الأعمال الخيرية يُظهر أنها موجودة بين البشر عبر التاريخ. وقد نجحت وهي بيد الأهالي العارفين بحاجة الناس، وتأخرت حتى لا نقول فشلت عندما انتقلت المهمة إلى الدواوين، واقصد الدوائر الرسمية والجمعيات الخاضعة لها. أسمع عن أناس يمدون يد المساعدة إلى عوائل معروفة لديهم شخصياً، وأرى أن هذا لا شك أفضل بكثير مما تقوم به منظمات بيروقراطية حكومية مثقلة بالعمل الورقي، وبالمراجعات الكثيرة والتحقيقات والبحوث. هذا التوجه - إذا ثبتت جدواه وقدرته - سيكون بديل اً للضمان الاجتماعي. إجراءات الدوائر الرسمية كثيرة وطويلة، وهذا أمر يمكن تفهمه وموجود في كل البلدان، لكن الحركة الخيرية الكبرى والعمل التطوعي الذي عم البلاد، الى جانب التقنيات والقدرة الإحصائية بواسطة الحاسبات الآلية العملاقة، ربما كانت مناسبة بأياد أهلية تطوعية. بيروقراطية العمل الحكومي لا تمكن الحكومة - في الوقت الحالي على الأقل - من تطويع هذه الحواجز الروتينية أو ليّها لتتمشى مع حاجة اليوم، فمهما أوتيت الدائرة المختصة بمساعدة الفقراء، من إمكانات تقنية فإنها ستظل خاضعة لأنظمة معينة، لا لتقدير الحاجة ومجابهة الموقف. ولا أعني بهذا بأن على الحكومة أن تنسحب كلية من هذا النشاط، إنما ستصل إلى نقطة يكون دورها إشرافياً فقط، وتترك الحوافز الخيرة لتتولى معرفة ذوي الحاجة والإنفاق عليهم، وتتولى الحكومة الدعم المالي والإشراف عن بعد. والذي أسمعه أن برامج الضمان الاجتماعي - رغم سلامة مقصدها - لاتزال قاصرة عن إيصال ذلك الجهد الحكومي الكبير الى مستحقيه، فالمستفيد يعاني الكثير من العنت للحصول على مستحقاته، ومن الناحية العملية فإن هذا يلحق الضرر بجهد الدولة أكثر من الإطراء والاعتراف بجهدها. مستندات الإعانة كثيرة، والبعض يحصل عليها (المستندات) بسهولة ويسر، والبعض الآخر يحتاج إلى الكثير من (الإعانات) للحصول على الأوراق التي تؤهله للإعانة المالية فيزداد بؤس المراجع بؤساً. ثم إنني أود أن يشمل النشاط الخيري اتجاهاً معاصراً جديداً وهو إنشاء المصانع التي لا تعمل من أجل الربح، لتشغيل أيد عاملة وإنتاج بضائع استهلاكية لها صلة مباشرة بحياة الإنسان كالمطعم والملبس. لو أن مصنعاً خيرياً واحداً، جرى تمويله من القطاع الخاص بدافع خيري، ونجح في منطقة من مناطق بلادنا لتبعته المناطق الأخرى وحذت حذوه. في رأيي أن الأعمال الخيرية كلها يجب أن تكون خدمة تطوعية. binthekair@gmail.com لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :