بما ليس فيها - د. محمد ناهض القويز

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

له أسبابه بلا شك ليقدم على ما أقدم عليه بحق تلك الفتاة. ماهي تلك الأسباب لا أحد يدري. ولكن تلك الأسباب هي التي دفعته كي يقف أمام تلك الفتاة الجميلة ليسمعها القذيع من الكلام، ويصفها بقبح الخَلق ودمامة الوجه. لم تأبه الفتاة لما قال عنها فهي تدرك جمال خَلقها وأناقة ملبسها وتدرك أن الناس مسحورة بجمالها. كما لم يصدقه الناس فيما قال برغم صوته العالي وادعائه قبحها فما رأته الناس من جمال الفتاة يكذب كل ماقال بحقها. ولكن من سمع صراخه من بعيد ولم يرَ الفتاة تصور أن الرجل يصور الواقع فيما يقول، حتى إذا ما رأوها تيقنوا بجنون الرجل أو تجنيه. ولكن المتجني ليس مجنوناً فحينما أعياه عيب مابها من جمال حدثته نفسه أن يتهمها في أخلاقها وسلوكها. وبالفعل بدأ حملة منظمة للتشويه وبث الإشاعات حول الفتاة وسلوكها واتهمها بما ليس فيها. وهنا انقلب الناس إلى فريقين، فريق صدق وفريق عرف من الفتاة ماينافي ادعاء ذلك الأفّاك. ولكنه للأسف وجد من يؤيده من بنات جنسها ممن غاظه جمالها فمشين بالبهتان فيها بين الناس واختلقن الأحداث ونسجن القصص التي تؤيد مايدعين. تأثرت الفتاة بلا شك وأصبحت تسمع مثل ذلك القول ممن لا يعرف عنها شيئاً عندها لم يكن أمامها إلا أن تواجه هذه الحملة أو ترحل إذ لا تكفي الثقة بالنفس ولا يقينها من حسن خُلُقِها لرد الشائعات فقررت التصدي لها. لم تترك لهذا المفتري مدخلاً لا في مظهر ولا في جوهر، وجمعت حولها من عرفها فشعرت بالثقة بوجودهم وكان ثناؤهم عليها في غيابها هو البلسم الشافي من ادعاءات المتجني. كما أدركت أن كل تصرفٍ أو مظهرٍ أو قولٍ محسوب عليها فصار كل شيء عندها بحسبان. وأهم من ذلك أدركت أن التصدي لمثل هذه الادعاءات لا يكون بالتحدث عن أخلاقها، بل بالسلوك القويم والخُلق المستقيم. وبالفعل استطاعت مع الوقت أن تجعل جمال سلوكها الواقعي يغلب افتراءات المتجنين فرأى الناس من حسن خُلقها خلاف ماشاع عنها فكسبت تعاطفهم فانبروا يدافعون عنها في كل مجلس، بعضهم حبا لها وبعضهم إنصافاً لها وبعضهم عرفاناً لما لمسوه من كريم خُلقها. ومع الوقت اضمحل التأييد للمتجني فخبت ناره وبرد أواره. وأدرك الناس أن دوافعه شريرة وعنفوه على ذلك. تميز المتجني غيظاً، وقرر أن يهجم على الفتاة يريد حرق وجهها بماء النار ليشوه خَلقها بعد أن أعياه خُلقها. وما أن اقترب منها حتى وجد الناس دونها مصطفين فأوسعوه ضرباً وطردوه من ديارهم. لاشك أن مصيرها سيختلف لو أن فيها بعض ما اتهمها به.

مشاركة :