المعتمد إبن عباد أنشد أبيات شعر محزنة ينفطر لها الفؤاد لما أل إليه حال حياته من الغنى الفاحش إلى فقر مدقع من بعد ذاك العز والمكانة المرموقة وتلك القصور الفارهة والحدائق الغناء والرفاه حتى أنه من كثر دلاله لزوجته زرع لها أشجار اللوز على جبل قرطبة حتى إذا أزهر بياضا بدى وكأنه محملا بالثلج. حتى قيل في هذا الترف الذي وفره لزوجته هو أن في أحد الأيام رأت زوجته اعتماد فلاحات يمشين في الطين و ينشدن بنشاط و فرح وحيوية ، فاشتهت المشي في الطين ، فأمر المعتمد أن يصنع لها طينا من الطيب . سُحقت كميات هائلة من الطيب والمسك والكافور وماء الورد ووُضعت على هيئة عجين حتى بدى كالطين بساحة القصر ، فخاضته مع جواريها . ولكن تبدل هذا الحال إلى وضع مزري عاشه المعتمد بن عباد في منفاه بالمغرب وكان الفقر اشتد عليه فأصبح ذا عوز وشفقة من الأخرين ومماروي عن ما آل إليه وضع بناته في أواخر أيامم حياته هو أنه كان يفضل الموت على حياة الذل والأسر والقهر فكيف يرغب في العيش وهو يرى بناته عاريات حافيات الأقدام، بعد أن عشن وهن يرفلن بالحرير والرفاهية فأنشد قصيدة عنوانها: ” فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا “يقول في أبياتها. فيما مَضى كُنتَ بِالأَعيادِ مَسرورا فَساءَكَ العيدُ في أَغماتَ مَأسورا تَرى بَناتكَ في الأَطمارِ جائِعَةً يَغزِلنَ لِلناسِ ما يَملِكنَ قَطميراً بَرَزنَ نَحوَكَ لِلتَسليمِ خاشِعَةً أَبصارُهُنَّ حَسراتٍ مَكاسيرا يَطأنَ في الطين وَالأَقدامُ حافيَةٌ كَأَنَّها لَم تَطأ مِسكاً وَكافورا لا خَدَّ إِلّا تَشكّى الجَدبَ ظاهِرهُ وَلَيسَ إِلّا مَعَ الأَنفاسِ مَمطورا أَفطَرتَ في العيدِ لا عادَت إِساءَتُهُ فَكانَ فِطرُكَ لِلأكبادِ تَفطيرا قَد كانَ دَهرُكَ إِن تأمُرهُ مُمتَثِلاً فَرَدّكَ الدَهرُ مَنهيّاً وَمأمورا مَن باتَ بَعدَكَ في مُلكٍ يُسرُّ بِهِ فَإِنَّما باتَ بِالأَحلامِ مَغرورا للتواصل مع الكاتب mhmdsdlhrth@gmail.com
مشاركة :