أنشد الشاعر الأندلسي الرائع إبن خفاجة ثلاث أبيات من الشعر يصف ويمتدح فيها الأندلس وأهلها بأجمل وصف بقوله: يَأَهلَ أَندَلُسٍ لِلَّهِ دَرُّكُمُ ماءٌ وَظِلٌّ وَأَنهارٌ وَأَشجارُ ما جَنَّةُ الخُلدِ إِلّا في دِيارِكُمُ وَلَو تَخَيَّرتُ هَذا كُنتُ أَختارُ لاتَختَشوا بَعدَ ذا أَن تَدخُلوا سَقراً فَلَيسَ تُدخَلُ بَعدَ الجَنَّةِ النارُ كتبت الدكتورة وفاء المزروع أستاذة التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى لمحة تاريخية مضيئة عن الأندلس تحت عنوان: “دمشق في الذاكرة الأندلسية” بالمجلة العربية العدد (528) محرم 1442هجري الموافق شهر سبتمبر 2020 ذكرت فيه: “وارتبطت الأندلس ببلاد الشام ارتباطاً وثيقاً، وكثر أهل الشام في الأندلس خصوصاً بعد دخول طالعة بلج بن بشر القشيري سنة 123هـ/740م مع آلاف من أهل الشام وجند مصر، واستقرت غالبية هذا الجيش في الأندلس، وكل مجموعة استقرت في الموقع الذي يشبه إقليم بلدهم؛ فأقام أهالي دمشق في البيرا (غرناطة)، وأهالي حمص بالقرب من أشبيلية، وأهالي قنسرين في جيان. وعلى صعيد المؤثرات الشامية والتشابه بين الشام والأندلس، فقد تبين أن موقع مدينتي غرناطة وقرطبة يشبه إلى حد كبير موقع مدينتي دمشق وبغداد، فدمشق تقع على الضفة اليسرى لنهر بردى، وقرطبة تقع على الضفة اليسرى لنهر الوادي الكبير، ويطل على دمشق جبل قاسيون بينما يطل على قرطبة جبل الشارات، بالإضافة إلى التشابه بين البلدين في بيوتهما وأساليب الحياة فيهما، وقد صدق قول الجغرافيين العرب بأن الأندلس شامية في هوائها، وشامية في حياتها، ومن ذلك قول المقري في نفح الطيب: «الأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمنية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جباياتها، صينية في معادن جواهرها، عدنية في مناخ سواحلها”، أما شكيب أرسلان فيقول نقلاً عن الشقندي: «غرناطة، دمشق بلاد الأندلس، ومسرح الأبصار، فصارت الدولة الإسلامية الأندلسية، شاميةً بعد مجيء(بلج)، وأصبح أهل الشام هم أصحابها وذووا المكانة العليا فيها، وهذا ما يعرف في تاريخ الأندلس بالتقليد الشامي، وقد تمسك أمراء بني أمية بأصولهم وعاداتهم الشامية على طول تاريخهم، حتى أن الأمير محمد رفع الشاميين فوق غيرهم، وقرر لهم ذلك امتيازاً حافظوا عليه حتى منتصف إمارة عبد الرحمن الناصر على الأقل “ وقد أفاض شعراء الأندلس في وصفها لجمال طبيعتها ومغانيها وتغنوا بكل مظاهر الجمال فيها و ها هوا الشاعر إبن سفر المريني الأندلسي والذي تعلق ببلاده ينشد فيها شعرا جميلا ويصف فيها الأندلس بأجمل الأوصاف في هذه الأبيات الجميلة والتي يقول فيها: فــي أرض أنـدلسٍ تـلتذّ نـعماء ولا يـفـارق فـيها الـقلب سـرّاء أنـهارها فـضةٌ والـمسك تـربتها والـخزّ روضـتها، والـدُرُّ حصباء ولـلـهواء بـها لـطف يـرقّ بـ ـمن لا يـرقّ وتـبدو مـنه أهواء لـيس الـنّسيم الذي يهفو بها سحراً ولا انـتـشار لآلـي الـطلّ أنـداء ُ وإنّـمـا أرج الـنـدّ اسـتثار بـها فـي مـاء ورد فـطابت منه أرجاء وأيـن يـبلغ مـنها مـا أُصـنّفه؟ وكـيف يحوي الذي حازته أحصاء؟ قد مُيّزت من جهات الأرض حين بدت فـريـدةً وتـولّـى مـيزها الـماءُ دارت عـليها نـطاقاً أبـحر خـفقت وَجْـَداً بـها إذ تَـبدّت وهي حسناء لـذاك يـبسم فـيها الزّهر من طربٍ والـطّير يـشدو ولـلأغصان إصغاءُ فـيها خـلعت عِـذارِي ما بها عوضٌ فـهي الرّياض وكل الأرض صحراء للتواصل مع الكاتب mhmdsdlhrth@gmail.com
مشاركة :