في الجانب الثاني للحيثيات المطروحة، لم يستطع جينسلر تعريف تفويض لجنة الأوراق المالية والبورصات. الواقع أن النائبة الأمريكية ماكسين واترز، كبيرة الديمقراطيين في اللجنة، سألت جينسلر ثلاث مرات ما إذا كانت لجنة الأوراق المالية والبورصات تتمتع بالسلطة القانونية اللازمة لتنظيم صناعة العملات الرقمية المشفرة. في كل مرة أصر على أنها تتمتع بهذه السلطة. بعد لحظات، عندما ذكـر النائب فرينش هـل جينسلر بمواقفه في الماضي، أقر رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات بأن الكونجرس قد يضطر إلى تمكين الوكالة من الإشراف على سوق العملات الرقمية المستقرة التي تبلغ قيمتها 185 مليار دولار. ثالثا، عندما سأله النائب الديمقراطي ريتشي توريس عن السبب الذي يجعل لجنة الأوراق المالية والبورصات تستهدف شركات الأصول الرقمية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها مثل Coinbase، في حين يـظـهـر التاريخ الحديث أن الشركات غير المنظمة في الخارج تفرض على المستهلكين خطرا أعظم كثيرا، لم يتمكن جينسلر من تقديم تفسير مـرض. في جوهر إجابته، زعم أنه من الأصعب حمل الشركات الأجنبية على الاستجابة لمذكرات الاستدعاء. يشير هذا الاعتراف المذهل إلى أن لجنة الأوراق المالية والبورصات ليست مهتمة بالتعاون مع شركات الأصول الرقمية المسؤولة لإصلاح النظام المالي الأمريكي الذي وجـه 89 في المائة من كل الأوراق المالية إلى أغنى 10 في المائة بين الأسر الأمريكية. رابعا، على الرغم من دعواته المتكررة الموجهة إلى شركات الأصول الرقمية "للدخول والتسجيل" في لجنة الأوراق المالية والبورصات، إلا أن جينسلر أقر بأن الوكالة لم تضع قواعد جديدة من شأنها أن تمكن شركات ويب 3 من القيام بذلك. قبيل جلسة الاستماع، وقـع أعضاء اللجنة الجمهوريون على رسالة مشتركة تنتقد هذا النهج، الأمر الذي يجبر الشركات على تخمين "قواعد الطريق". أخيرا، لم يجد جينسلر ما يقوله عن خروج شركات الأصول الرقمية جماعيا من الولايات المتحدة. في يوم مواجهة جينسلر للجنة، قال بريان أرمسترونج الرئيس التنفيذي لشركة Coinbase، إن البيئة التنظيمية غير المؤكدة قد تدفع بورصة العملات الرقمية المشفرة إلى الانتقال إلى بلد آخر. أخيرا، أرسلت لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى شركة Coinbase ما يسمى إشعار ويلز لتنبيهها إلى إجراء إنفاذ محتمل، وهي الخطوة التي أثارت الدهشة، خاصة أن لجنة الأوراق المالية والبورصات سمحت لشركة Coinbase بطرح أسهمها للتداول في البورصة قبل عامين فقط. ما لم تغير الولايات المتحدة مسارها، فقد تخسر ريادتها في مجال الأصول الرقمية. وفق تقرير صادر أخيرا عن شركة رأس المال الاستثماري إلكتريك كابيتال، تتخلى الولايات المتحدة بالفعل عن 2 في المائة من حصتها في سوق المطورين كل عام. وعلى الرغم من الفوائد المحتملة الهائلة المترتبة على الإبقاء على شركات ويب 3 في الولايات المتحدة، إلا أن التقرير يتوقع أن ينمو عدد مطوري سلسلة الكتل من 23343 اليوم، إلى مليون بحلول 2030، ويبدو أن جينسلر لا يبالي بهذا. من منظور شركات ويب 3، كان التباين الشديد مع الموقف المرحب من جانب نظراء جينسلر في البرازيل ولندن وطوكيو وسيدني وبروكسل ودبي وسنغافورة صارخا. من الواضح أن الاختيارات السياسية التي تتخذها لجنة الأوراق المالية والبورصات من الممكن أن تخلف عواقب بعيدة المدى على المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية، والمخاطر أعظم من أن نسمح بترك هذه الاختيارات في يد هيئة تنظيمية واحدة. على الجانب المشرق، ربما تكون كارثة جينسلر في الكونجرس، إلى جانب الجهود التي تبذلها الصين أخيرا لاجتذاب شركات العملات الرقمية المشفرة من هونج كونج، قد نبهت أخيرا المسؤولين المنتخبين في الولايات المتحدة إلى المخاطر. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :