بعد مؤتمر الدوحة المنعقد قبل أيام، والذي اتفق فيه أربعة من كبار منتجي النفط على تجميد الإنتاج كمحاولة لها شروطها لتحسين الأسعار، صرح وزير بترولنا أن أي حديث عن تأثير انخفاض أسعار النفط على اقتصادنا يعتبر «كلاما فارغا» وأننا لا نواجه أية مشكلة في التعامل مع الوضع الراهن للأسعار. أفهم أن يوجه هذا الحديث، سواء للداخل أو الخارج، بغرض التطمين والتأكيد بمتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على تحمل الأزمة الحالية بما لديه من قدرات كامنة وموارد عدة، برغم أنها حقائق يعرفها الجميع ولا تحتاج تأكيدا، أما نفي تأثر الاقتصاد بهذه الأزمة فيتنافى مع الإجراءات التي اتخذتها الدولة تماشيا أو تحاشيا لتأثيراتها. وهي إجراءات مطلوبة سواء بوجود أزمة في أسعار النفط أم لا، ولو أدت فقط لوقف الهدر والفساد، وهما أكبر أعداء اقتصادنا، لكان خيرا وبركة ولوجب علينا اتخاذها قبل الأزمة بعقود. وهي إجراءات تتخذها أية دولة يتعرض دخلها للنقص بحوالي النصف، فنزويلا أعلنت حالة الطوارئ، روسيا خضعت وجلست على طاولة المفاوضات، وقطر أرهق ميزانيتها، ونحن أعلنت الدولة عجزا في الميزانية وحددت رقما له، والعجز ليس عيبا يستر بل طارئ يجبر، هناك دول عدة مرت اقتصاداتها بفترات عجز وتخلصت منه بتدابير اقتصادية كالتي أعلنتها وزارة ماليتنا، بل دولة كالولايات المتحدة تعاني عجزا دائما منذ عقدين، ومع ذلك ظل اقتصادها أحد أقوى اقتصادات العالم، فهل نأتي بعد كل هذه الإجراءات الاحترازية والتي تداولتها كل الصحف في حينه ونقول إنه كلام فارغ؟ إذا أردت أن تُسمع يا سيدي فقل ما يقنع. النظام الاقتصادي الدولي، كما يعرف الجميع، اقتصاد متداخل يعتمد بعضه على بعض، بمعنى اقتصاد تبادلي، وتأثيراته كذلك دولية عابرة للقارات، تتبادل فيه أسعار السلع والخدمات تأثيراتها عالميا. والأزمة الحالية لأسعار النفط ليست أول أزمة تمر علينا، بل مر ما هو أسوأ حين وصل سعر البرميل إلى عشرة دولارات، ومع ذلك مررنا منها وعاد اقتصادنا أقوى مما كان. في عصر انتشار المعلومة لا يمكن دحض ونكران معرفة كثيرين بها، وليس عيبا أن يتأثر اقتصادنا بانخفاض أسعار النفط لأكثر من النصف، وهو المعتمد على إيراد النفط بأكثر من 90 % العيب ألا نسارع بعلاج ذلك، بتنويع مصادر الدخل واستغلال بقية الموارد، وهو ما تحاوله الدولة الآن وتعلنه كل حين.
مشاركة :