كل شيء في ذلك اليوم الجميل،كان يدعو إلى الانطلاق مع الحياة.فالشمس بسطت أشعتها الذهبية،زارعة الدفء في الأجساد المستلقية على رمال الشاطئ,بينما راحت أمواج البحر تتلاحق في اطِّرادٍ،كأنها نوتات موسيقية تعزفها أنامل ماهرة على آلة البيانو. بعض الأجساد المنهكة من متاعب الحياة،كانت تبحث عن الانتعاش وسط الماء،وتحاول استعادة لياقة اتعبها الحر وسط زحمة المدينة. حتى الأطفال،وجدوها فرصة للانطلاق واللعب على الرمال تارة،والسباحة تحت حراسة والديهم تارة أخرى. في الصيف،تهجر المدينةُ المدينةَ.فالأزقة تكاد تخلو من المارة.الكل يرتحل إلى البحر،حيث تنتعش حياة جديدة هناك. تحت ظل شمسية كبيرة،استلقت مريم جنب عماد ليشربا بعض العصير وهما يستمتعان بالصوت الملائكي،الذي يطير بهما إلى عالم جميل،لا يدركه سواهما،أو هكذا كان إحساسهما: شايف البحر شو كبير…كبر البحر بحبك). فالحب الذي يجمعها،كان حبا مسروقا من الزمان،والمكان.ومع ذلك فقد كان حبا كبيرا كبر أحلامهما.كانا إذا التقيا يعيشان لحظات السعادة المهربة من أعين الرقيب،بلهفة،وجنون،وهما يترقبان بخوف،وقلق لحظة الفراق.فإذا ما افترقا،حمل كل منهما حنينه، واشتياقه إلى الآخر،وعاش يعد الساعات،والأيام،وهو يستدني اللقاء القادم.في الحقيقة هما يريان بعضهما كل يوم،ولكنهما لا يلتقيان ! وقد تكون تلك هي الضريبة التي فرض عليهما دفعها،ليستمر هذا الحب. فالحياة لا يمكن أن تصفو لأحد،وظروفها المتقلبة كثيرا ما تدفع الإنسان إلى عيش حياة،خارج الحياة.فيضطر إلى تغييب العقل،والانسياق وراء عاطفته سارقا من الزمن الرديء أيام سعادة،وصفاء. لم ينتبها من سفرهما إلى عالم السحر،والجمال على متن الصوت الملائكي،إلا على رنة الهاتف التي أرجعتهما إلى دنيا الواقع. التقط عماد هاتفه بسرعة،ثم راح يجول بنظره بينه،وبين مريم ، قبل ان يقف،ويبتعد قليلا،لتسمعه يقول: -ألوووو. كيفك حبيبتي ؟ وكيف الأولاد؟ . ( اسأل روحك .. اسأل قلبك .. قبل ما تسأل إيه غيّرني أنا غيّرني عذابي فى حبك .. بعد ما كان أملي مصبّرني غدرك بيّ .. أثّر فىّ .. و اتغيّرت شوية شوية اتغيّرت و مش بإيديا و بديت أطوي حنيني إليك .. و أكره ضعفي و صبري عليك و اخترت أبعد .. و عرفت أعند حتى الهجر قدرت عليه .. شوف القسوة بتعمل إيه ) يتبع ..
مشاركة :