سقط المفتاح من يده مرتين وهو يحاول فتح الباب.كانت يداه ترتجفان،وعيناه لا تستطيعان التركيز على الثقب.فعقله سبقه إلى ما وراء الجدران وهو يرسم أسوأ السيناريوهات.تمكن أخيرا من مد أول خطوة داخل البيت،وهو يسترق السمع.الجو كان غريبا،والمكان يلفه السكون.تعالت دقات قلبه وهو يخطو خطوته الثانية نحو غرفته. -أنت جيت يا حبيبي؟أنت ماعندكش شغل النهارده؟ تسمر في مكانه،وقد علا زفيره،ثم التفت في بطء. كانت تقف في باب المطبخ،وقد ارتسمت علي شفتيها ابتسامة جعلت أوصاله ترتعد. -أنا…أنا فكرت أنك ممكن محتاجة حاجة،والا… -يا حبيبي أحتاج إيه؟ما هو الموبايل موجود،وألف رحمة على اللي اخترعه. ما أن نطقت كلمة الموبايل،حتى أحس بالعرق يسري على كامل جسده.لم يكن يعرف كيف يتصرف،ولا ما يقول.كان كالمحكوم عليه بالإعدام الذي ينتظر تنفيذ الحكم ليرتاح. -كيفها مريم يا زوجي العزيز؟ -مر..مريم مين؟أنت تقصدي إيه بالضبط؟ -هههههه ما تقوليش يا عريس الغفلة،أنك الوحيد في الشركة اللي ما يعرفش. فجأة أحس بالسماء تقع على رأسه.لقد وقع ما لم يكن في الحسبان،ووجد نفسه أمام الأمر الواقع. انهار كلية وراح يبرر لها فعلته،أراد أن يفهمها أنه إنسان كبقية البشر،وأن مريم لم تكن سوى نزوة في حياته،وقع تحت تأثيرها في لحظة ضعف بشري.لكنه كان كمن يحدث نفسه.فزوجته لم تكن تستمع لما يردده من تبريرات.كانت بعقل الأنثى التي أحست أنها مجروحة،ومخدوعة،تفكر في ألف طريقة،وطريقة تجعل بها مريم تدفع الثمن غاليا،وعماد يقضي ما تبقى من عمره تحت سيطرتها،وسلطانها.فالمرأة التي تحس بالغدر ،والخيانة لا تبقى في قلبها ذرة من حب،يمكنها أن تحرق العالم بمن فيه لو أوتي لها ذلك. -طلقها يا عماد. -آه أطلقها…أطلقها. أجاب بسرعة لافتة.هو يعرف أنه حكم أصدرته وليس طلبا.لذلك أحس ببعض الراحة لأنها قالت:طلقها،ولم تقل طلقني! فمريم في نظره فرد يمكن التضحية به،دون أن تكون لذلك آثار وتبعات.بينما تطليق زوجته،يعني تهديم أسرة،وتشريد أبناء.إضافة إلى عائلتها التي يحسب لها ألف حساب. كان يعرف أنها مجرد بداية،وأن ليله سيكون عصيبا،والأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث.فزوجته لن تتوقف عن كلمة (طلقها)والتي لم تكن سوى الرصاصة الأولى من حرب ضروس ستندلع في أية لحظة. فأكثر ما أخافه،هو هذا الهدوء الذي قابلته به زوجته،وهذه الإبتسامة الخبيثة التي لم تفارق محياها منذ دخل البيت.كان يحس أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة،وهو في قرارة نفسه يتمنى أن تبدأ العاصفة لينتهي من الموضوع،ويرتاح.لكن يبدو أن زوجته أرادت له أن يصطلي على نار هادئة،لا برد فيها،ولا سلام. في الجهة الأخرى ،كانت مريم قد أوت إلى بيتها،وانغلقت على أحزانها،وهي تستعيد شريط حياتها التي لم ينصفها فيها الزمن. ( أنا مانسيتش الحب و عهده .. و لا آيامه ولا لياليه اما ان كان ع الحب لوحده .. من غير هجرك أهلا بيه أنا حيّرني هواك .. و أنا علشان انساك بابعد عن كل مكان .. رحته و لو مرة معاك و اهرب من أقرب ناس يعرفوا قصتي وياك و باغيّر أي كلام بيجيب سيرة لذكراك وصلتني للحال ده بإيدك .. بعد ما كانت روحي ف إيدك ) يتبع ..
مشاركة :