ولأن الجبال قد تنوء بما تحمل أحيانا،وتتصدع الجدران بأثقالها،فإن مريم عاشت متعبة بسرها الذي حاولت إخفاءه عن الحميع.لكنها إنسانة.والإنسان بما فيه من قوة،وضعف يحتاج إلى قلب عطوف يقاسمه همومه،وصدر حنون يحتويه في لحظات الحيرة،والاحساس بالوحدة،والضياع في عالم لا يرحم. هكذا وجدت مريم نفسها تبوح بمكنوناتها لأقرب صديقاتها،لعلها ترتاح قليلا من ثقل ما تحمله بين جنبيها. لكن الأيام لا يؤتمن غدرها،وليس كل إنسان مهما كانت درجة علاقتنا به جدير بالاطلاع على أسرارنا.فالناس معادن،منها النفيس،ومنها الرخيص.وأغلبهم لا تظهر حقيقتهم إلا وقت الخصام،وساعة الغضب. فكثيرون هم الذين يلتصقون بنا،لكنهم يتصيدون أولى عثراتنا لينهالوا ينهشون لحومنا بسكاكينهم الصدئة.فمع أول سوء تفاهم بين مريم ،وسعاد،سارعت هذه الأخيرة لفضحها عند صديقة أخرى لهما،تعرف أنها تغار منها،وتدرك بخبثها أن الخبر لن يطلع عليه نهار جديد ،حتى يكون مادة دسمة في نشرات أخبار الأرصفة. وهذا ما حدث بالفعل.إذ بمجرد تلقفها للخبر،حتى سارعت لتهز به هدوء،وسكينة زوجة عماد. كان للخبر وقع الصاعقة عليها.فقد هاجت،وماجت،وحضرت حقيبتها لتغادر البيت بمجرد رجوع زوجها (الخائن).لكنها بخبثها،ودهائها الأنثوي،تراجعت عن فكرة ترك البيت.فخروجها،معناه إفساح المجال لضرتها غير المعلنة لتأخذ مكانها في وضح النهار،وأمام الجميع.لهذا اهتدت إلى فكرة معاقبتها،وجعلها أضحكوة في أعين كل العاملين في الشركة.لهذا تظاهرت بالتماسك أمام زوجها،والظهور في مظهر من يجهل ما وقع،بينما عمدت في الخفاء إلى شراء شريحة هاتف جديدة،وأرسلت رسالة ساخرة إلى كل العاملين الذين تعرف أرقامهم في الشركة تقول فيها:(خبر عاجل : مريم المرأة الوقورة في الشركة،سرقت عماد من زوجته،واتخذته عشيقا لها.مع مريم ،لا يمكنك أن تأمن على قلب رجل!) وكانت الفضيحة المدوية التي هزت أركان الشركة.فقد انتقل الخبر بين الموظفين ،كالنار في الهشيم. ليستقبلها الجميع بالهمز ،واللمز،والابتسامات الساخرة على غير عادتهم معها.الأمر الذي جعلها تنظر إليهم حائرة،مرتبكة قبل أن تدفن نفسها في مكتبها وهي لا تجد تفسيرا لما رأته.لكن حيرتها لم تدم طويلا، فما أن استوت جالسة،حتى دخلت عليها إحدى صديقاتها،ودون مقدمات ،وضعت هاتفها أمامها،واظهرت لها الرسالة. ( وصلتني للحال ده بإيدك .. بعد ما كانت روحي ف إيدك سِبتك و مفيش حد فى عمري .. يشغل عنك قلبي و فكري سِبتك من غير حتى ما أفكّر .. حأقدر أسيبك او مش حأقدر إسأل روحك .. إسأل قلبك .. قبل ده كله اتغيروا ليه أنا غيرني عذابي ف حبك .. لكن انت غيّرك إيه ) يتبع..
مشاركة :