في الوقت الذي أصدرت الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، مؤخراً، قراراً بالتحول التدريجي إلى استخدام المعايير الدولية للمحاسبة ابتداء من 2017 في الشركات المساهمة، و2018 لبقية الشركات، استنفرت الشركات المساهمة المفتوحة لتطبيق المعايير بالتعاقد مع استشاريين وشركات محاسبة متخصصة، فيما اعتبر اقتصاديون أن تطبيق معايير المحاسبة الدولية سيساعد الشركات السعودية على الإدراجات المزدوجة في الأسواق العالمية، وكذلك العكس، موضحين أن المعايير الدولية للمحاسبة تسهم في دعم عمليات الاندماجات والاستحواذات الدولية. وتطرقوا إلى أن التحول سيمكّن مراكز الدراسات والأبحاث المحلية والدولية من تحليل الشركات المدرجة السعودية والاقتصاد الوطني بشكل أدق، ويساهم في إنتاج دراسات ذات جودة عالية، إضافة إلى أنه يعد عامل جذب للمؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار في السوق المالية السعودية. وذكروا ان المعلومة المحاسبية المفُصح عنها في ميزانيات الشركات، سواءً كانت مساهمات مغلقة أو عامة، هي الركيزة الأساسية والطبيعية لصنع القرار الاستثماري بالنسبة للمستثمرين والمساهمين في أسواق المال أو قرارت الإقراض بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى، مشيرين الى ان وجود معايير ذات جودة عالية لتضبط كمها ونوعيتها وجودتها أمر غاية في الأهمية. وأكد المستشار المالي الدكتور عبدالله باعشن لـاليوم ان تطبيق معايير المحاسبة الدولية سيساعد الشركات السعودية على الإدراجات المزدوجة في الأسواق العالمية والعكس، ودعم عمليات الاندماجات والاستحواذات الدولية، موضحا ان السوق المالية والمستثمرين في الشركات المساهمة يأملون من الشركات المدرجة تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة والإفصاح عند إعداد القوائم المالية. واضاف باعشن: ان تأثيرات تطبيق المعايير الدولية للمحاسبة ابتداء من 2017 في الشركات المساهمة، و2018 لبقية الشركات، سوف يزيد من شفافية الشركات في الافصاح عن البيانات المالية، مؤكدا ان شركات الاسمنت - على سبيل المثال - سوف تعلن في قوائمها المالية عن كلفة الانتاج. وفيما يتعلق بمزايا تطبيق المعايير الدولية، قال: أهم مزايا المعايير الدولية أنه يتم إصدارها وتحديثها بشكل دوري، وبعد دراسات واستشارات مستفيضة من أهل الخبرة في المجال على المستوى الدولي، تشمل جميع ممثلي الجهات المعنية بأي معيار جديد. واضاف: إن المعايير الجديدة من شأنها أن تشكل بيئة محفزة للاستثمار الخارجي كأفضل ممارسات الحوكمة والإفصاح عند إعداد القوائم المالية على حدّ سواء. بالإضافة إلى أن استخدام المملكة لمعايير موحدة مع كبرى القوى الاقتصادية في العالم سيساعد المستثمرين في مقارنة المعلومات بين الشركات المحلية والدولية، وبالتالي اتخاذ قرارات استثمارية ناجحة، مؤكدا أن الهيئة طالبت الشركات المدرجة في السوق المالية “تداول” بتطبيق معايير المحاسبة الدولية IFRS دفعة واحدة، بدءا من الأول من يناير 2017 وفقا لقرار مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين. وأبان أن التحول لتطبيق معايير المحاسبة الدولية يظهر مزايا على نطاقات عدة ذات تأثير مباشر على السوق المالية السعودية، والذي يعد تطويره أحد الأهداف الرئيسية في إستراتيجية هيئة السوق المالية، مشيرا إلى أن توحيد المعايير يسهل من فهم ورفع جودة وشفافية القوائم المالية وإمكانية المقارنة بين الشركات. وأوضح باعشن أن الجهات الحكومية حرصت على ضرورة الاستعداد المبكر من قبل الشركات لتطبيق معايير المحاسبة الدولية، وما يتضمنه تطبيقها من مراجعة للسياسات المحاسبية وتهيئة العاملين، وذلك لتلافي أي معوقات أو صعوبات عند بداية التطبيق، مفيدا بأنه تم توجيه مجالس إدارات الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية بضرورة إعداد خطة لتطبيق المعايير الدولية المعتمدة من هيئة المحاسبين قبل نهاية العام الجاري 2015. فيما ذكر الأستاذ المساعد في المحاسبة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، د. عمرو خالد كردي، ان المعايير الدولية المحاسبية تحمل العديد من المزايا التي حدَت أكثر من 116 دولة حول العالم بأن تعتمدها أو تضع خططا واضحة للتحول إليها عن قريب، موضحا أن أهم مزايا المعايير الدولية أنه يتم إصدارها وتحديثها بشكل دوري وبعد دراسات واستشارات مستفيضة من أهل الخبرة في المجال على المستوى الدولي، تشمل جميع ممثلي الجهات المعنية بأي معيار جديد. واضاف كردي: إن المعايير المعمول بها في المملكة تكون دائماً حديثة ومتناسقة ومواكبة لمتغيرات المال والأعمال داخلياً وخارجياً، وتساعد المملكة في مواكبة التطوُّرات الاقتصادية في ظل العولمة، موضحا أن المعايير الجديدة من شأنها أن تشكل بيئة محفزة للاستثمار الخارجي تزيد من شفافية المعلومات المالية للشركات السعودية والأجنبية على حدّ سواء، بالإضافة إلى أن استخدام المملكة لمعايير موحدة مع كبرى القوى الاقتصادية في العالم سيساعد المستثمرين في مقارنة المعلومات بين الشركات المحلية والدولية وبالتالي اتخاذ قرارات استثمارية ناجحة. وقال: أكثر ما يميز المعايير الدولية درجة مرونتها في التطبيق، ما يجعلها تتلاءم مع أكثر من بيئة تجارية بحالاتها وظروفها، فهي معايير مبنية في تطبيقاها على المبادئ الأساسية للإطار الفكري العام بنظرية المحاسبة، على عكس المعايير الأمريكية مثلاً التي تضع حدودا وضوابط معينة للتطبيق تكون أكثر عرضة للاستغلال والتطويع من قبل المتلاعبين. فوجود مثل هذه القواعد التي تحدد أرقام ونسب احتساب الأصول والإيرادات وطرق عرضها، ثبت علمياً أنه يفتح المجال «لهندسة» المعاملات التجارية من قبل الشركات لتتلاءم مع طريقة الإفصاح التي تحسن من أداء الشركة على الورق وتظهرها في أزهى صورة ممكنة في حدود المعيار الذي يحكمها. وأوضح كردي انه يخطئ من يعتقد أن المعايير الدولية ستكون عصا سحرية تحسن من مستوى الإفصاح عن أداء الشركات عموماً بدون عواقب أو صعوبات، مؤكدا ان هذه المعايير التي يمكننا وصفها بأنها مبنيَّة على فهم الغرض من الإفصاح أكثر من القانون بنصه، تساعد المحاسب ومدقّق الحسابات في تطبيق روح المعيار لا اتباعه حرفِيَّا، مبينا ان هذا التطبيق في واقعه يتطلب فهما عميقا للمفاهيم المحاسبية ووجود البيئة المالية والخبرات الإدارية المناسبة للتعامل مع نصوص المعايير وتفسيرها والاجتهاد في تطبيقها بشكل سليم. واشار كردي الى ان الشركات والمؤسسات تحتاج إلى العمل الدّؤُوب منذ الأمس على استقراء التغيِّرات القادمة وقياس مدى أثرها المتوقع على عملياتهم وأداء موظفيهم وإصدار تقاريرهم المالية، وإذا استدعى الأمر، فلا بد لهم من استشارة أهل الخبرة لقياس هذا التأثير والعمل على تصحيح مساراتهم بشكل تدريجي وسلس حتى تاريخ التحول. وطالب بتكثيف المشاركات في ورش العمل والندوات والدورات المتخصصة التثقيفية عن مدى أهمية وفائدة التغيير هذا عموماً، وطرق تطبيقه المثلى وقد يتجه البعض إلى القول بأن التحوُّل قد لا يكون مناسباً في الوقت الحالي أو آتٍ بسرعة عالية لا تتيح لنا الاستعداد بشكل كافٍ لإحداث التغيير اللازم، مؤكدا أنه من مؤيدي هذا التحول لما فيه من جدوى وفائدة عامة، إذا ما أُحسن التعامل معه وتم تطبيقه بشكل سليم. مشروع التحول إلى معايير المحاسبة ومعايير المراجعة الدولية يبدأ تطبيق معايير المحاسبة الدولية على القوائم المالية المعدة عن فترات مالية تبدأ في 1-1-2017م، بالنسبة للمنشآت المدرجة في السوق المالية. أما بالنسبة للمنشآت الاخرى فيبدأ التطبيق على القوائم المالية المعدة عن فترات مالية تبدأ في 1-1-2018م، مع السماح لتلك المنشآت بالتطبيق اعتبارا من 1-1-2017م. على أن يعاد النظر في هذه التواريخ بالتأخير في ضوء مستجدات العمل على خطة التحول. وفقا لقرار مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين المتعلق باعتماد القسم الأول من المعيار الدولي للمنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم، ضمن اعتماده لمعايير المرحلة الثالثة من المعايير الدولية في خطة التحول، فإن المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم تعرَّف لغرض تطبيق معايير المحاسبة بأنها تلك المنشآت التي تقوم بنشر قوائم مالية ذات غرض عام للمستخدمين الخارجيين، ولكنها لا تخضع للمساءلة العامة. اطلع مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في اجتماعه الثالث للدورة الثامنة، والمنعقد مؤخرا، على التطورات التي حدثت في المعايير الدولية منذ اتخاذه لقراره في عام 2012م باعتماد خطة التحول إلى المعايير الدولية، حيث حلت معايير جديدة محل معايير قديمة، أو أضيفت معايير جديدة. وأخذاً في الحسبان أن المعايير الجديدة وتحديثاتها إنما صدرت لسد نقص في المعايير القائمة، أو إزالة لبس أو تعقيد فيها، وبعد المناقشة اتخذ المجلس قراره في هذا الصدد كما يلي: • تفويض اللجان الفنية بتحديث خطة التحول إلى المعايير الدولية بالمستجدات التي تحدث على المعايير الدولية، سواء فيما يتعلق بتحديث المعايير القائمة أو صدور معايير جديدة، واعتماد تلك المعايير الجديدة بدلاً من المعايير الملغاة، حتى ولو كان تاريخها لاحقاً لتاريخ تطبيق المعايير الدولية في المملكة. • حث المنشآت على تطبيق المعايير الجديدة حال اعتمادها من مجلس إدارة الهيئة، بدلا من المعايير الملغاة، حيث يوفر ذلك على معدي القوائم المالية تكلفة التحول مرة أخرى إلى المعايير الجديدة عند حلول تاريخ تطبيقها، مع السماح لمن يرغب من المنشآت بتطبيق المعايير الملغاة، والتي لا تزال وفقا للمعيار الدولي سارية المفعول بعد عام 2017م.
مشاركة :