لم أستغرب أن يتجه من يدعون أنهم يمثلون الدين إلى وزارة التعليم العالي بخيلهم ورجلهم. ذهبوا إلى هناك وعزفوا نغمات سبقهم إليها أسلافهم. فقد اعترض أسلافهم على التعليم النظامي قبلهم بعقود. أما تعليم البنات فقد قاتلوا قتالًا مستميتًا لمنعه فإذا هم جزء من منظومته وإذا بناتهم ينخرطن في الصفوف يتعلمن ماحرمه آباؤهن بمباركة المُحرِّمين. أما معاهد التمريض فقد أُعلن من فوق المنبر أن من يلحق ابنته بمعاهد التمريض لا يعدو أن يكون ديوثا. اعتراضات لاتنتهي ولن تنتهي وكلها تقترف ظلما وبهتانا باسم الله. إنهم يحذرون من العلم الذي ميز الله به آدم على الملائكة وأهله لخلافة الأرض. يحذرون من العلم الذي حقق للبشرية كل المستحيلات. العلم الذي تحثنا عليه آيات كثيرة وأحاديث. فلنترجم لاءاتهم تلك بلغة مفهومة: لا للابتعاث لأنه سيوفر لنا أطباء بارعين. لا للابتعاث لأنه سيوفر لنا مهندسين مبدعين. لا للابتعاث لأنه سيوفر لنا متخصصين في شتى المجالات. لا للابتعاث لأنه سيوفر لنا علماء يساعدون في دفع عجلة التنمية للأمام. هذا هو الابتعاث الذي يحذرون منه. ترى ماالذي يرعبهم في ذلك. لابد من البحث والتقصي ومعرفة السبب. لابد أن هناك سرًا بدأ يطفو للسطح. نعم ففي السابق كان للإسلام الحركي بريق جذاب، وكان أغلب المبتعثين ينضمون إلى تلك التنظيمات في كندا وأوروبا وأمريكا، أما من كان يرفض أن يكون جزءًا من تلك المنظومة فيصبح منبوذا مشكوكا في أمره. وقد عاد لنا مبتعثون أشد تعصبا ممن احتسبوا "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" بالذهاب إلى وزارة التعليم العالي محذرين من الابتعاث. أما وقد فقد الإسلام الحركي بريقه، فسيتفرغ المبتعثون للعلم وسيعودون إلى الديار مسلحين بعلم نافع وفكر مستنير لايسهل قياده من قبل أصحاب الأجندات الأيديولوجية كما حدث من قبل "وليست القوائم الذهبية منا ببعيد". إنه الفكر الحر الذي يقض مضجعهم. حرية التفكير والقدرة على التمييز. هو ما جعل أصواتهم تعلو مرددين "لا للابتعاث". لم أستغرب أنهم لم يعترضوا على فساد الوزارة ولا فوضاها. ولم أستغرب أنهم لم تكن لديهم أجندة تتحدث عن ضعف الكوادر الأكاديمية في الجامعات الجديدة. فهذا لايعنيهم!
مشاركة :