حصار تعز ورقة ضغط حوثية لتحقيق مكاسب سياسية

  • 6/27/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رفع الحصار عن تعز يعد مطلبا رئيسيا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في مختلف جولات مفاوضات السلام مع الحوثيين، إلا أن مقترحات الشرعية لإنهاء الحصار تصطدم بتعنت حوثي تغذيه الحسابات الجيوسياسية. تعز( اليمن) - يتوقع مراقبون أن تتجاهل جماعة الحوثي المبادرة التي تقدمت بها الحكومة الشرعية في اليمن لإنهاء حصار تعز كما تجاهلت العديد من المبادرات السابقة، إذ أن حصار تعز ورقة سياسية يستخدمها الحوثيون لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى لا تزال عالقة. ويستبعد هؤلاء المراقبون أن يقدم الحوثيون أي تنازلات ولو جزئية في تعز مع تواتر معطيات تفيد ببدئهم استعدادات لخوض جولة جديدة من الصراع المسلح على عدة جبهات، رغم انخراطهم في جولات من المفاوضات لتسوية الأزمة اليمنية والوصول إلى سلام دائم. وحتى الأن لم يقدم الحوثيون تنازلات جوهرية تذكر في الملفات الاقتصادية والإنسانية العالقة إلا ما تعلق بملف تبادل الأسرى. وقدمت الحكومة اليمنية مقترحا لفتح خمسة طرق في محافظة تعز جنوب غرب البلاد، ظلت مغلقة منذ نحو ثماني سنوات، مع استمرار جهود شعبية للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة سكان المحافظة المحاصرة. وقالت لجنة التفاوض الحكومية لفتح طرق تعز، مساء الأحد في بيان، إنها “وقفت خلال اجتماع لها أمام استمرار جماعة الحوثي بفرض الحصار على مدينة تعز وإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة منذ ثماني سنوات رغم كل الاتفاقات وجولات التفاوض (لإنهاء هذا الملف)”. جماعة الحوثيين رفضت في وقت سابق مبادرة أممية لفتح الطرق الرئيسية واقترحت فتح طرق جبلية بديلة وأضافت أنه “نظرا لقيام بعض أبناء تعز المقيمين في مناطق سيطرة الحوثيين بتقديم مقترح (لدى طرفي النزاع) لفتح بعض الطرقات فإننا نتقدم بمقترح لفتح خمسة طرقات من المدينة وإليها”. وأبرز هذه الطرق طريق “كرش - الحوبان - جولة القصر” الذي يربط تعز بعدة محافظات يمنية. وأكدت اللجنة وفق البيان “استعدادها لبحث آليات التنسيق لاستقبال المواطنين القادمين إلى المدينة أو المغادرين لها وتشكيل لجان مشتركة (مع جماعة الحوثي) لحل أيّ إشكالات في حال تم فتح الطرق”. وقال مصدر حكومي يمني إن “شخصيات ومشايخ ورجال أعمال من أبناء محافظة تعز المقيمين في مناطق سيطرة الحوثيين يبذلون جهودا لدى طرفي النزاع من أجل التوصل إلى اتفاق لفتح طرق في المحافظة”. وأوضح المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه أن “هذه الشخصيات عقدت منذ مارس الماضي العديد من اللقاءات مع مسؤولين في جماعة الحوثي بهدف إقناع الجماعة للقبول بمقترحات لفتح بعض الطرق المغلقة وإنهاء معاناة السكان في تعز” دون المزيد من التفاصيل. وتتهم منظمات حقوقية وإنسانية الحوثيين بفرض حصار على مركز محافظة تعز (يخضع لسيطرة الحكومة) منذ اندلاع النزاع في 2015، ومنع قوافل الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى السكان ومتضرري الحرب. ويعد رفع الحصار عن تعز مطلبا رئيسيا للحكومة اليمنية في مختلف جولات المباحثات بين الجانبين، فيما ترفض جماعة الحوثيين فتح الطريق وتقترح فتح طرق جبلية بديلة، كما تطالب بأن تدفع الحكومة رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتهم. وتعد محافظة تعز، الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحوالي 256 كيلومترا، أكبر محافظات اليمن سكاناً (يوجد فيها 12.2 في المئة من سكان البلاد)، وتبلغ مساحتها 10321 كيلومترا مربعاً، وعدد مديرياتها 23 مديرية. وشكلت تعز في مراحل تاريخية هامة مفتاح التغيير السياسي والعسكري في اليمن. ودفعت تعز الثمن الأكبر في حرب الحوثيين الذين فرضوا الحصار الشامل عليها، ومنعوا دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، قبل أن يتمكن التحالف العربي والجيش اليمني في أغسطس 2016 من فك الحصار جزئيا. إقرأ أيضا حرب اقتصادية تنغّص على اليمنيين فرحة العيد وتنقسم محافظة تعز بين مناطق تسيطر عليها قوات الحوثيين وأخرى تخضع للقوات الحكومية المعترف بها دولياً والفصائل الموالية لها. ومن شأن السيطرة على محافظة تعز التسريع في عملية الحسم العسكري، عبر اتخاذ المحافظة بوابة انطلاق وقاعدة عسكرية للقوات الشرعية لدحر المتمردين على الشرعية إلى محافظات الشمال وصولا إلى صنعاء، باتجاه صعدة معقل الحوثيين. فتحرير محافظة تعز يسهّل من عملية السيطرة العسكرية للقوات الموالية للشرعية على كامل الساحل اليمني والمنافذ البحرية المطلة على البحر الأحمر وعلى كل المنافذ الأخرى على خليج عدن وبحر العرب. ويقول مايكل بَيْج نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “القيود التي فرضها الحوثيون أجبرت المدنيين على استخدام طرق جبلية خطيرة وسيئة، وهي تشكل الرابط الوحيد بين السكان المحاصرين في مدينة تعز وبقية العالم. ففتح الطرق الرئيسية سيساعد بشكل كبير في تخفيف معاناة السكان الذين ظلوا في عزلة شبه تامة لسنوات”. ومنذ شهور يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن منها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014. وتتكثف منذ شهور مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفود سعودية وعمانية إلى صنعاء، إضافة إلى تحركات أممية ودولية متعددة للدفع بعملية السلام.

مشاركة :