إذا كانت وتيرة المعارك التي يشهدها اليمن منذ أكثر من 8 سنوات قد تراجعت على نحو ملموس خلال الشهور القليلة الماضية، فإن ذلك الانحسار النسبي للعنف على الصعيد الميداني، لم ينعكس بشكل كافٍ على الأوضاع المعيشية في هذا البلد، الذي لا يزال مسرحاً للأزمة الإنسانية، المُصنّفة الأسوأ من نوعها، في العالم بأسره. فبجانب تردي وضع الخدمات الأساسية، التي تضررت بشدة تحت وطأة هجمات جماعة الحوثي وتصعيدها المستمر لعدوانها ضد المدنيين، تتزايد الأعباء الواقعة على كواهل هؤلاء، على ضوء الارتفاع الحالي في أسعار المواد الغذائية على الساحة الدولية، خاصة منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا. وبجانب الصعوبات المتزايدة التي عانى منها مستوردو القمح اليمنيون، فيما يتعلق بجلبه من روسيا وأوكرانيا بسبب الأزمة، أدت موجة الحر المدمرة، التي اجتاحت الهند في مارس من العام الماضي، إلى تقليص محصولها من هذا النوع من الحبوب. وترتب على ذلك بالتبعية، تقلص الكميات التي يمكن لليمنيين استيرادها من القمح الهندي، كبديل للواردات الروسية والأوكرانية. ورغم أن بوسع المستوردين عادة، استيعاب أي زيادات مؤقتة في تكاليف استيراد الحبوب، من دون أن ينعكس ذلك على أسعار البيع للمستهلكين المباشرين في السوق المحلية، فإن تواصل الارتفاع الحالي في الأسعار على الصعيد الدولي لفترة طويلة، يعني أن العبء سيُلقى لا محالة، على عاتق اليمنيين. ويعاني هؤلاء من الأصل، من انخفاض حاد في القوة الشرائية، جراء الصراع الدائر في اليمن، منذ خريف عام 2014، بما يقلص قدرتهم على الحصول على السلع الغذائية المستوردة، حتى إن كانت متوافرة في الأسواق. وبحسب تقرير تحليلي أعدته منظمتا «أكاديميك آند ريسيرش إنيستيتيوشَن» و«ميرسي كور» المعنيتان بالشؤون الإنسانية والإغاثية، يُنذر استمرار الزيادة التي تشهدها أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية، بأن ينخفض الطلب المحلي عليها، بفعل تفاقم عجز المستهلكين اليمنيين، عن تحمل التكاليف المطلوبة لذلك.
مشاركة :