كتاب المستقبل – إشراف وإعداد – د. إيمان حماد الحماد – المدينة المنورة

  • 8/31/2023
  • 15:51
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ما بعد الشدة إلا الرخاء. لن أنسى ذلك اليوم الذي كنت أعاني فيه كثيراً، حيث أن عيني لم تهدأ، وقلبي لم يعد يحتمل، ذلك اليوم الذي كان قاسياً على فؤادي المكسور، الذي لن يختفي ألم جرحه ، ولكنني أؤمن بأنه سيلتئم ذلك الجرح. عندما جرحتني الحقيقة التي لا أخاف منها أبداً، ولكن في تلك المرة، حتماً جرحت وبقوة، حتماً تألمت، أعلم بأنني لست الخاسرة، ولا يعتبر ذهابي ضعفاً مني، ولكن لحظة الإدراك كانت صعبة وقوية عليّ، بأنني أهدرت السنين ولم أرَ نفسي، أهدرتها وهي أمانة عندي، هي أغلى من كل ما كنت أملكه من قبل ، علمت وأخيراً بأن لا أحد يمكن أن يحبني مثل حبي لنفسي، فأحببتها، علمت بالآونة الأخيرة بأنني حاربت كثيراً من أجل لا شيء، وخرجت أيضا بلاشيء، علمت بعدما بقيت وحيدة في طريقي، عندما لم يكن أحدهم بجانبي، أيقنت بأن الله معب ، وهو وحده الذي يراني حين ضعفي ، أنه هو وحده قاضي حاجتي، هو وحده من سأستخيره وسألجأ له دوماً، ذلك اليوم أيقنت وعلمت حقاً معنى السجود بخشية، معنى أن أسجد وأبكي وأتوسل إليه، وأخبره بأنني تعبت، بأنني هرمت، بأنني لا أستطيع الإكمال، ودعوت. ثم قلت: اللهم لا تعلقني بأحد من عبادك وعلقني بك، اللهم باعد بيني وبين ذنبي، ذنبي الذي كان صعباً عليّ، وهو أنني أهملت نفسي، أهملت روحي، وأتعبت قلبي، وشتت ذهني، وارزقني الخير لنفسي والخير لحياتي وكن معي في كل وقتٍ وحين. ذلك اليوم الذي كان أصعب يومٍ في حياتي، كان حتماً نقطة تغيير بي ، كانت نقطة جعلتني أرسم بعدها حياتي بيدي ، وألونها بألوان الفرحة، رسمت البسمة على شفتي أخيراً، وأصبحت السعادة عنواناً لي في النهاية، ولكن… ولكن بالبداية حتماً كان ذلك صعبا، صعبٌ أن تغادر شيئا بعد أن كان لك كل شيء، وأن تبكي خوفاً من أن تكتشف أن سيرك خاطئ، وخوفاً من أن تدرك أنك ضحيت بهم لأنك لست معتاداً على ذلك ، كنت دوماً تضحي بنفسك وبسعادتك وبكل شيء من أجلهم! ولكن لم تنل شيئاً من طيبتك. علمت أخيراً بأن هناك فضلاً للوحدة، بأنها تجعلك تدرك بأن ذلك الطريق المسدود سيفتح لك يوماً. وبأن من تركك في طريقك لوحدك لن تلتفت وراءك لتنتظره ، و لا تنسَ بأن الله لا يتركك حتى ولو كنت مذنباً ، وإن كانت ذنوبك كالجبال ، تلك الوحدة سترجعك إلى الله ، وذلك اليوم الصعب الذي عشته بوحدتك سيعلمك بأن ما بعد الشدة إلا الرخاء، ستحزن قليلاً على تلك الأيام، ستمر وتتمنى بأن تعانق تلك الضحكات معهم، ستمر و تتمنى بأنك تنسى كل شيء وتعود كما كنت ولكن لا يمكنك لأنك أصبحت أمانةً لنفسك، أمانةً لسعادتك، وأمانةً لروحك التي تعبت من الجدال والتفكير الذي أهلكها، تخطى الجميع وإنسَ كل شيء من أجلك، لأن لا أحد سيبقى خلفك عندما تمرض ، وعندما تهلك بعد تضحياتك الكثيرة وبعد حبك الكبير، لن يفهمك أحد، وستتألم كثيراً واصفاً ألمك بدموعك، ودوماً تذكر الخيرة التي يختارها الله لك ، وتذكر أيضاً بأن ما بعد الشدة إلا الرخاء! للتواصل مع الكاتبة  https://twitter.com/AlhjylyDanh?t=

مشاركة :