أوضح الدكتور خليل عليان أستاذ الاقتصاد والمستشار في التطوير والجودة بجامعة الطائف أن هناك أربعة تحديات تواجه تنفيذ الموازنة العامة، التحدي الأول أن إعداد الموازنة العامة يتم على أساس افتراضي بأن سعر برميل النفط سيكون في حدود 85 دولارا في العام المقبل، وعلى هذا الأساس يتم تقدير مصروفات الموازنة العامة وهذا أمر غير مؤكد في ظل توقعات زيادة العرض عن الطلب في سوق النفط العالمي، نتيجة لتوجهات العراق وإيران وليبيا بزيادة صادراتها النفطية وفي ظل ازدياد إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حالة عدم تحقق افتراض تحقيق سعر النفط المطلوب في الموازنة العامة فسيحصل عجز لا سمح الله ويمكن علاج العجز بطريقين: أولهما التوقف عن تسديد مديونية المملكة، والثاني اللجوء لاحتياطيات المملكة التي تحتفظ بها مؤسسة النقد العربية السعودية والتي تقارب 2.4 تريليون ريال، التحدي الثاني يتمثل في الرقابة على المصروفات في الموازنة العامة وهو حاليا شبه محصور في وزارة المالية وكان الأجدى أن تشارك جهات أخرى مستقلة في مهام الرقابة على الصرف كمجلس الشورى لدعم رقابة وزارة المالية، والتحدي الثالث هو إعداد الموازنة العامة منذ عدة عقود على أساس ميزانية البنود التي تعاني من عدد من السلبيات، والمطلوب أن يتم إعداد موازنة المملكة للسنوات القادمة على أساس حديث وهو موازنة الأداء والبرامج وهو اتجاه تتبعه معظم دول العالم، والتحدي الرابع الذي كان بالإمكان تفاديه أن الموازنة العامة لم يتم ربطها بشكل مباشر بأهداف خطة التنمية الخماسية للأعوام. وبين عليان في حديث لـ»المدينة» أن الموازنة العامة للمملكة العربية السعودية للعام 2014 واعدة، لكونها تلبي حاجات المواطنين من الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وتنمية اجتماعية لكنها تحتاج إلى الشفافية والإفصاح في الإنفاق والرقابة الفعالة لإصلاح الانحرافات والمحاسبة عليها وأن تكون هذه الرقابة من أجهزة تتمتع بالاستقلالية عن الجهاز التنفيذي للدولة لتكون سندا لوزارة المالية وأجهزة الرقابة الحكومية، مطالبا بأن يكون لمجلس الشورى دور فعال في هذه الرقابة باعتباره جهة تمثل رأي الشعب. وأشار إلى أن أرقام الموازنة العامة للمملكة للعام 2014، تشير إلى توازن الإيرادات مع المصروفات، حيث بلغت كل من الإيرادات والمصروفات المتوقعة 855 مليار ريال لكل منهما بدون عجز أو فائض وهذا مؤشر جيد تسعى إليه معظم الموازنات العامة في العالم وأن الميزانيات الفعلية للأعوام العشرة الفائتة قد حققت فوائض تقدر 2,08 تريليون ريال والمملكة من الدول القليلة في العالم التي تحقق فوائض فعلية في موازنتها، تشكل موازنة العام المقبل نسبة نمو في النفقات بنسبة 4% عن العام الفائت تطبيقا للسياسة المالية التوسعية للدولة، حيث يعتبر الإنفاق العام المحرك الرئيسي للطلب الفعال وهو مصدر للنمو الاقتصادي حسب نظرية كينز في الاقتصاد، كما لوحظ أن نسبة الإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة للعام 2014 تبلغ 45% وهي نسبة لا بأس بها ولكن كان المؤمل أن تزيد هذه النسبة عن 50% لأن الإنفاق الاستثماري يعول عليه لتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج وخلق فرص العمل للعاطلين الذي يقارب عددهم 588000 والداخلين الجدد لسوق العمل والذي يربو عددهم عن 250000 سنويا. وأضاف عليان أنه كانت أولويات الإنفاق في الموازنة العامة للعام 2014م للتعليم بنسبة 25% وللصحة وللتنمية الاجتماعية بنسبة 20% منها 13% للصحة تبعها في الأولويات الإنفاق على النقل العام والبنية التحتية والإسكان ثم البلديات وهو مؤشر على اهتمام أولي الأمر بهذه القطاعات ذات الاهتمام للمواطنين، ويتوقع أن ينخفض الدين العام للمملكة إلى 75 مليار ريال وبنسبة تقارب 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي مما جعل المملكة تحتل المكانة الثالثة بين الدول الأقل مديونية في العالم. 1431-1435هـ والتي ركزت على ضرورة تنويع الدخل في المملكة وزيادة نصيب القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وإعطاء القطاع الخاص دوره المطلوب في التنمية الاقتصادية ومكافحة البطالة بإيجاد المزيد من الوظائف في سوق العمل. من الناحية الإجرائية لوحظ الخلط بين مفهومي الموازنة العامة والميزانية من قبل بعض الجهات الحكومية والأجدر من الناحية العلمية استخدام مفهوم الموازنة العامة وليس الميزانية لأن الموازنة العامة تقديرية لعام مقبل بينما الميزانية فهي أرقام فعلية لسنة فائتة.
مشاركة :