نادر كاظم يبحر في تاريخ «بانيان البحرين» بنادي العروبة

  • 9/22/2023
  • 02:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كتاب يرصد أقدم جماعة تجارية هندية أثرت في المنطقة ‮«‬بانيان‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬رحلة‭ ‬سبر‭ ‬أغوارها‭ ‬الكاتب‭ ‬د‭. ‬نادر‭ ‬كاظم‭ ‬في‭ ‬أحدث‭ ‬إصدارته‭ ‬‮«‬من‭ ‬تاتا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬رصد‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬سيرة‭ ‬الجماعة‭ ‬التجارية‭ ‬الهندية‭ ‬الأهم‭ ‬والأقدم‭ ‬التي‭ ‬اتصلت‭ ‬بأسواق‭ ‬الخليج‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬وتركت‭ ‬بصماتها‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬نواحي‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الخليج‭.‬ كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬محور‭ ‬الأمسية‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬نادي‭ ‬العروبة‭ ‬مساء‭ ‬الأربعاء‭ ‬ضمن‭ ‬موسمه‭ ‬الثقافي‭ ‬بحضور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬والكُتاب‭ ‬والمطلعين‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين،‭ ‬تلك‭ ‬الأمسية‭ ‬التي‭ ‬أدراها‭ ‬عبد‭ ‬علي‭ ‬الغسرة‭ ‬الذي‭ ‬استعرض‭ ‬فصول‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬رحلة‭ ‬‮«‬البانيان‮»‬‭ ‬من‭ ‬سيراف‭ ‬إلى‭ ‬هرمز،‭ ‬حتى‭ ‬محور‭ ‬حياتهم‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬مارسوها‭ ‬بكامل‭ ‬حريتهم‭ ‬في‭ ‬المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة‭.‬ كما‭ ‬طرح‭ ‬الدكتور‭ ‬كاظم‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬فصلًا‭ ‬خاصًا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬جماعة‭ ‬البانيان‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬تجارة‭ ‬التمور‭ ‬في‭ ‬القطيف‭ ‬والمنافسة‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تعرضوا‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قطر،‭ ‬وتوسعهم‭ ‬إلى‭ ‬تجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬حيث‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬من‭ ‬تجار‭ ‬البحرين‭ ‬المعروفين‭ ‬بمقابل‭ ‬بيع‭ ‬الأرز‭ ‬لهم‭ ‬وبعض‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬مثل‭ ‬البهارات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬وجود‭ ‬الأرز‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬جماعة‭ ‬البانيان‭ ‬الذين‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬التبادلية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الأرز‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬استيراد‭ ‬اللؤلؤ‭.‬ وأشار‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬التأثيرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تأسيس‭ ‬مستشفى‭ ‬فيكتوريا‭ ‬التذكاري‭ ‬والمدرسة‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دلّ‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬تجارتهم‭ ‬وارتباطهم‭ ‬بالبحرين‭ ‬آنذاك‭.‬ وبيّن‭ ‬د‭. ‬نادر‭ ‬خلال‭ ‬الأمسية‭ ‬الثقافية‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعته‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتاريخ‭ ‬البانيان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تلخصّت‭ ‬في‭ ‬عدّة‭ ‬أمور،‭ ‬جاء‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬البانيان‭ ‬تعتبر‭ ‬أقدم‭ ‬جماعة‭ ‬هندية–هندوسية‭ ‬معروفة‭ ‬اتصلت‭ ‬بالبحرين‭ ‬واستقرت‭ ‬فيها‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬وجاء‭ ‬ذلك‭ ‬بصورة‭ ‬موثقة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬وقد‭ ‬بقيت‭ ‬الهند‭ ‬الخط‭ ‬التجاري‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬استقلال‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬حيث‭ ‬لعبت‭ ‬جماعة‭ ‬البانيان‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬انتعاش‭ ‬التجارة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬ إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬التأثير‭ ‬الهندي‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬المعمار‭ ‬أو‭ ‬الطعام‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬يعود‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬التأثير‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬كما‭ ‬تحدّث‭ ‬الكاتب‭ ‬الدكتور‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الهندوس‭ ‬والمعبد‭ ‬يمثل‭ ‬أبرز‭ ‬معالم‭ ‬التسامح‭ ‬والتنوّع‭ ‬وتقبّل‭ ‬الآخر‭ ‬والتي‭ ‬ميّزت‭ ‬تاريخ‭ ‬المنامة‭ ‬والبحرين‭.‬ وجاء‭ ‬السبب‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬هو‭ ‬أهمية‭ ‬تدوين‭ ‬تاريخ‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وفي‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وموانئ‭ ‬مدن‭ ‬الخليج‭ ‬حيث‭ ‬اعتبر‭ ‬وجودهم‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الخليج‭ ‬ككل‭.‬ وحول‭ ‬معنى‭ ‬اسم‭ ‬البانيان‭ ‬أشار‭ ‬د‭. ‬كاظم‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬اسم‭ ‬علم‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬التجار‭ ‬الهندوس‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬الهند‭ ‬وإقليم‭ ‬البنغال،‭ ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬هندية‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬سنسكريتي‭ ‬وتعني‭ ‬التجار،‭ ‬وقد‭ ‬دخلت‭ ‬الكلمة‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬الشرقية‭ ‬والعربية‭ ‬والعبرية‭ ‬خلال‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬وحوالي‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الميلادي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬الغربية؛‭ ‬ففي‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬البرتغالية‭ ‬وفي‭ ‬أواخر‭ ‬نفس‭ ‬القرن‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزية‭.‬ وتطرّق‭ ‬الدكتور‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬إلى‭ ‬مشاهدات‭ ‬المؤرخين‭ ‬والباحثين‭ ‬والمهتمين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الذين‭ ‬تناولوا‭ ‬في‭ ‬رحلاتهم‭ ‬وجود‭ ‬جماعة‭ ‬البانيان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مثل‭ ‬الكابتن‭ ‬جورج‭ ‬بروكس‭ ‬والذي‭ ‬شهد‭ ‬انتشار‭ ‬البانيان‭ ‬في‭ ‬موانئ‭ ‬الخليج‭ ‬خلال‭ ‬رحلته‭ ‬للمسح‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬حيث‭ ‬لاحظ‭ ‬أنهم‭ ‬اشتغلوا‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬وتجار‭ ‬اقمشة‭ ‬وأنسجة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬اللباس‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬رصدهم‭ ‬في‭ ‬امارة‭ ‬أبوظبي‭ ‬والمنامة‭ ‬ومناطق‭ ‬عدّة‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬ وفي‭ ‬ختام‭ ‬الأمسية‭ ‬الثقافية‭ ‬استعرض‭ ‬الحاضرون‭ ‬تاريخ‭ ‬بانيان‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬عددهم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1959‭ ‬إلى‭ ‬4043‭ ‬نسمة‭ ‬بينهم‭ ‬2128‭ ‬هندوسيا‭ ‬وهو‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬وصلوا‭ ‬إليه‭ ‬طوال‭ ‬تاريخ‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفي‭ ‬البحرين‭.‬ وتطرق‭ ‬النقاش‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مستجدات‭ ‬وجود‭ ‬جماعة‭ ‬البانيان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬الذين‭ ‬تراجع‭ ‬عددهم‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬لعدّة‭ ‬أسباب‭ ‬هي‭ ‬اختلاف‭ ‬اهتمامات‭ ‬تجارتهم‭ ‬وانتقالهم‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لتوسيع‭ ‬تجارتهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬مازالت‭ ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬تجارتها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

مشاركة :