من الناحية الإنسانية التأمين على السيارة ضروري، ويحيد احتمالات الدخول في أمور من نوع إيقاف الخدمات، والتصرفات القانونية المشابهة، وما تؤدي إليــــــه من إضرار بسمعة الشخص ووضعه المعيشي، والإشكالية الأكبر تبدو في أسعار تأمين السيارات، التي لا تعـــرف التراجــع في المملكة منذ أعوام.. في بداية أكتوبر الجاري بدأ جهاز المرور السعودي آلية جديدة لتغريم المخالفين، وتحديداً أصحاب السيارات التي لا تحمل وثيقة تأمين سارية المفعول، وذلك عن طريق الرصد الآلي وإقرار غرامة تصل إلى 40 دولاراً يتم تجديدها كل 15 يوماً، وبإجمالي 960 دولاراً في العام الواحد، وهذا الإجراء أغلق منافذ الالتفاف على إلزامية التأمين السنوي للسيارات، بعد أن كان الناس يكتفون بتجديده مع تجديد استمارة السيارة ولمرة واحدة كل ثلاثة أعوام. قبل هذا تم تأسيس هيئة التأمين السعودية في أغسطس من العام الحالي، لتأخد مكان البنك المركزي وهيئة الضمان الصحي في مجالاتهما التأمينية، وبما يختصر ملفات التأمين في مرجعية واحدة، ولأغراض تعمل عليها رؤية المملكة، تستهدف مضاعفة إسهام هذا القطـاع في الناتج المحلي غير النفطي، وإيصاله إلى 4,3 %، حتى يكـــون قريباً من نظرائه في الأسواق العالمية، والتي تتراوح فيها النسبة ما بين 6 % و10 %، وأسعار التأمين المحلية ضد الغير، وفي حدها الأدنى، لا تقل سنوياً عن 400 دولار، وتعتبر الأعلى على مستوى دول الخليج والمنطقة العربية، ويظهر أن من صمم المخالفة وضع هــــذا في حساباته، بمعنى أنه حرص على جعل قيمتها السنوية أعلى من قيمة معظم وثائق التأمين. التأميــــن بـــــدأ مع السفن في عام أربعة آلاف قبل الميلاد، وجـاء في وثيقة حمورابي في 1772 قبل الميلاد، تعهده الشخصي، بســــداد ديون كل الذين يتعرضون لإعاقة أو كارثة، وفي أوروبا القرون الوسطى، أقيمت نقابات لأصحاب المهــن والحـــرف، تقوم بالتأمين على أعضائها ضد الإصابة والمخاطر، وفي أواخر عام 1896، ظهرت أول وثيقة تأمين ضد حوادث السيارات، وكان ذلك في العاصمة البريطـــــانية لندن، وسرعة السيـــارات في تلك الفترة لم تكن تتجاوز عشرين كيلومتراً في الساعة. شركات التأمين تعمل على فكرة إحصائية اسمها (قانون الأعداد الكبيرة) والمعنى أن التوقعات ترتفع دقتها كلما كبر حجم المشتركين في تأمين معين، ومن الأمثلة، حساب التأمين على الوفاة استناداً إلى متوسط أعمار الناس في المجتمع المؤمن، فكلما زادت أعداد الوفيات في هذه السن، ارتفعت الثقة في التأمين وأنه مربح، وشركات التأمين ترغب في أشخاص يستمرون معها لفترة طويلة وبلا خسائر، وأكدت الدراسات الغربية أن امتلاك الشخص لوثيقة تأمين، يمارس دوراً أساسياً في خفض مستويات التوتر والكورتيزول لديه، وأنها تقلل من احتمالات تعرضه للاكتئاب بنسبة 30 %. من الناحية الإنسانية التأمين على السيارة ضروري، ويحيد احتمالات الدخول في أمور من نوع إيقاف الخدمات، والتصرفات القانونية المشابهة، وما تؤدي إليــــــه من إضرار بسمعة الشخص ووضعه المعيشي، والإشكالية الأكبر تبدو في أسعار تأمين السيارات، التي لا تعـــرف التراجــع في المملكة منذ أعوام، ومن الأمثلة وبالأخص في عام 2022، أو قبل إلزامية التأميــن، ارتفاع قيمــــة وثائق التـــأمين ضد الغير بنسبة 300 %، ووثائق التأمين الشامل بنسبة 400 %، وقد وصلت أرباح التأمين في نفس العام لقرابة 184 مليون دولار، وارتفعت أقساط التأمين إلى 14 مليار و134 مليون دولار، وبما أن المختصين يؤكدون عدم تأمين نصف السيارات في الأراضي السعودية، فالرقم السابق مرشح للارتفاع إلى الضعف أو لحوالي 368 مليون دولار، وأقســـــاط بقيمة 28 مليار و267 مليون دولار في هذا العام، ما لم يكن أكثر، فقد أصبحت المسألة إلزاميــــة وليست اختيارية أو عشوائية، كما هو الحال قبــــل قرار الرصد الآلي، مع ملاحظة أن أكثر من 80 % من سوق التأمين في المملكة، يعتمد على التأمين الصحي والتأمين على السيارات، ويصنف قطاع التأمين السعودي بأنه الأكبر في الشرق الأوسط ، وفي مثل هذه الظروف تحضر انتهازية شركات التأمين. المفروض أن يعمل قطاع تأمين السيارات على التصنيف العمري للمستفيدين، ويقوم بخفض قيمة وثيقة التأمين على الحوادث المرورية، كلما تقدم الشخص في السن، ورفعها في حالة المراهقين والشباب الصغار، لأنهم الأكثر وقوعاً في الحوداث، وما سبق يؤخذ به في أميركا وأوروبا، وهيئة التأمين ومعها الأجهزة الأمنية، مطالبون بمعالجة أوضاع من لديهم مخالفات متراكمة، ولا يستطيعون التأمين أو تجديد استمــــارة السيارة لظــــــروفهم، بإيجاد حلـــــول كتخصيص منصة إلكترونية تستقبل التبرعات لمساعدتهم، بالإضافة إلى المكافأة السنوية للسائقين أصحاب السجلات المرورية النظيفة، بخصم نسبة لا تقل عن 25 % من قيمة التأمين في كل عام، لأن الشركة لن تخسر شيئاً. وليس وفق المعمول به، في الوقت الحالي، وهو 10 % سنوياً، ولمدة خمسة أعوام متواصلة مجموعها 50 % للتأمين ضد الغير، وستة أعوام مثلها و60 % للتأمين الشامل، وتطبيق نظام التعرفة الثابتة، بأن لا تزيد قيمة التأمين على 2,5 % من سعر السيارة، مثلما تفعل معظم الدول الخليجية، وعدم التفرقة بين الرجال والنساء في التأمين، وبالتأكيد لابد من إيجاد محاكم خاصة تفصل في المنازعات بين شركات التأمين والمستفيدين من خدماتها.
مشاركة :