محمد كركوتي يكتب: مصير الفائدة الأميركية

  • 10/16/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ليس واضحاً تماماً ما إذا كان المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «البنك المركزي»، سيرفع الفائدة أو يُبقيها عند حدودها الراهنة 5.5%، هناك شيء من الانقسام في أوساط المشرعين الأمريكيين، بين مؤيد لتجميدها في المراجعة المقبلة بعد أسابيع، ومؤيد لرفعها ربع نقطة لا أكثر والقصة تبقى محتفظة بشكلها التقليدي المرتبط مباشرة بمستويات التضخم، التي شهدت تحسناً ملحوظاً في الفترة الماضية، لكن في نظر البعض لا يمكن البناء عليه فأسعار المستهلكين بلغت الشهر الماضي 3.7% مقارنة بمستواها في الشهر نفسه من العام 2022، وشهدت ارتفاعاً طفيفاً في شهر أغسطس الماضي. وبعيداً عما إذا كان المشرعون يمكنهم إيصال التضخم إلى الحد الأقصى الرسمي عند 2% في غضون الأشهر المقبلة، فإن نسبة أولئك الذين يعتقدون بضرورة الحفاظ على فائدة مرتفعة، هي الأكبر. وفي كل الأحوال، يلتزم رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول بسياسة الباب المفتوح لرفع تكاليف الاقتراض، وهو يقدم مواجهة التضخم على أهمية تحقيق النمو، الذي سجل في الربع الأول من العام الجاري 1.1%، ووصل إلى 2.1% في الربع الثاني منه. وهذا تطور مهم، لأنه يأتي بعد توقعات أطلقها صندوق النقد الدولي بداية السنة الجارية، بأن الاقتصاد الأميركي قد لا يحقق نمواً أكثر من 1% بحلول مطلع العام المقبل. علماً بأن هذا الاقتصاد تباطأ إلى 2.1% في العام الماضي، بعد أن شهد في سنة 2021 نمواً وصل إلى 5.9%، وكان الأعلى منذ العام 1984. المحركات الاقتصادية الأميركية تبقى أفضل حالياً من مثيلاتها في البلدان ذات الاقتصادات المتقدمة، وذلك من خلال نجاح الولايات المتحدة في جلب التضخم إلى مستوى منخفض، مقارنة بتلك البلدان. الخوف يبقى دائماً مركزاً في إمكانية تحول تباطؤ الاقتصاد الأميركي بنهاية العام الحالي إلى انكماش، الأمر الذي سيرفع من حدة الضغوط على المشرعين الأمريكيين ليس من جهة الفائدة فحسب، بل من ناحية النمو. فإذا كانت «الحرب» على التضخم لها الأولوية، وهذا أمر طبيعي، فلا بد من أن تكون هناك مخارج تحفظ معدلاً مقبولاً للنمو. باختصار من الأفضل وجود تباطؤ بصرف النظر عن مستواه، على انكماش لا يمكن الخلاص منه في العام المقبل على الأقل. والمشكلة الآتية من جهة الانكماش لن تكون حكراً على الولايات المتحدة، بل ستؤثر بصورة كبيرة على الاقتصاد العالمي ككل. وتراجع الناتج المحلي الأميركي أتى في الواقع من انخفاض كبير أيضاً للاستثمارات الخاصة، في الوقت الذي شهد فيه الإنفاق العام ارتفاعاً عالياً، أدى كما شهدنا إلى «المعارك» السياسية الموسمية بين البيت الأبيض والكونجرس. وسط هذا المشهد، يرى العدد الأكبر من المشرعين حاجة إلى زيادات في تكاليف الاقتراض، لإعادة التضخم إلى النطاق المستهدف عند 2%، ما يعني أن الفائدة الأميركية قد تصل إلى 6% في الربع الأول من العام المقبل، وهو أمر سيكون صعباً على الاقتصادين المحلي والعالمي على حد سواء.

مشاركة :