عِندَ العُقلَاءِ؛ يُعتَبَرُ الفَشَلُ مَحطََّةً مِن مَحطَّاتِ الوصُولِ إلَى النَّجَاح.. إنَّه يُشبه تَمامًا ذَلك الطّفل؛ الذي يَتعلَّم المَشي. في المَرَّةِ الأُولَى يَمشي، ثُمَّ يَقَع، وفي المَرَّةِ الثَّانية يَمشي ثُمَّ يَقَع، وهَكَذا خُطوَة وَرَاء خُطوَة، حَتَّى تَنطلق قَدمَاه مَشيًا ورَكْضًا، ليُصبح لَاعبًا في نَادي الاتّحاد..! إنَّ أَوّل مَرحلَة مِن مَرَاحِل الوصُول إلَى النَّجَاح، هي الثِّقَة بالنَّفس، وهَذه الثِّقة عُنصر مُهم؛ في عَالَم المُحَاولات والتَّجريب، إذْ لَابدَّ أَنْ تَثِق بنَفسك، وتُؤمن بقُدرَاتِك، إذَا حَاوَلتَ الوصُول إلَى شَيءٍ. فالثِّقَة بالنَّفس تَتحقَّق حِين يُجهّز الإنسَان نَفسه -فِكريًّا ونَفسيًّا وأدوَاتيًّا- لتَنفيذ المُهمَّة التي هو بصَدَدِهَا، بمَعنَى أنَّه يَفعل كُلّ مَا يَجب عَليه فِعله، ويَنتَظر التَّوفيق مِن الله جَلَّ وعَزَّ..! هَذا كُلّه يَجعلنا نَطرح السُّؤال التَّالِي: مَا مَصدر ضَعف الثِّقَة بالنَّفس؟ لَن أُطيل في الجوَاب، بَل أَتركه لأُستَاذي الذي دَرَّسني في الجَامِعَة، البروفيسور «عبدالكريم بكّار»، حَيثُ يَقول في كِتَابه «تَكوين المُفكِّر»: (ومَصدر ضَعف الثِّقَة بالنَّفس، قَد يَكون التَّجارُب الفَاشِلَة؛ التي خَاضهَا الإنسَان في حيَاتهِ، فالذي خَسِر عَشر صَفقَات تُجَاريَّة، والذي حَاول أن ينظم قَصيدة، أو يَكتب كِتَابًا، أو يُصلح بَين زَوجين، وكَانت عَاقِبَة كُلّ مُحَاولة أسوَأ مِن الأُخرَى.. هَؤلاء وأشبَاههم كَثيرًا مَا يَنتهون إلَى انطبَاعٍ وَاحِد: «أنَا غَبي، أنَا فَاشِل، أنَا لَا أَصلُح لأيّ شَيء، أنَا غَير مَحظوظ، لَو عَثَرتُ عَلى وَظيفَة آمِنَة؛ لكَان خَيرًا لِي مِن الأعمَال الحُرَّة»، وقَليلون أُولئك الذين يَبحثون في أسبَاب إخفَاقهم، ويَعتقدون أنَّ الإخفَاق -في مَجالٍ مِن المَجَالَات- لَا يَعني نهَاية العَالَم، وأنَّ عَليهم تَجريب شَيء جَديد، أو بَذل الجُهد في مَجالٍ آخَر، عَلى حَدِّ قَول الشَّاعِر: إذَا لَم تَستَطع شَيئًا، فدَعه وجَاوزه إلَى مَا تَستَطيع..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّأكيد عَلى أنَّه؛ إذَا أَردتُم النَّجَاح؛ فاعتَبروا أنَّ الفَشَل مَحطَّة مِن مَحطَّات الوصُول إلَى التَّفوُّق، ولَن يَكون الفَشَل مُفيدًا، إلاَّ إذَا حَلّلناه ودَرسنَا أسبَابه، وتَجنَّبنَا الطُّرق المُؤدّية إليهِ في المُحَاولات السَّابِقَة..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :