لا تزال حادثة الشهيد المغدور (بدر الرشيدي) الذي غرر به ستة من أقربائه حية في الأذهان ، خاصة وقد شهد الأسبوع الماضي إطباق يد العدالة عليهم وإرداءهم حتفهم . وتبقى كثير من الأسئلة المعلقة فيما يخص كيفية تجنيد الدواعش ، وطبيعتهم السيكولوجية، وسمات شخصياتهم التي تجعل منهم أرضاً خصبة ، وهدفاً قابلاً للتوظيف والاستخدام . يتضح مما ضبط مع الإرهابيين الهالكين من كتب تطوير الذات ، أن التنظيم يلعب على أوتار التأثير النفسي على من يستهدفهم ، ويستغل كل ما يمكنه توظيفه من طرق حديثة في التنمية البشرية والتطوير الذاتي ، ليتمكن من الهيمنة والاستحواذ على عقول من يستقطبهم ، ثم إعادة توجيههم لتجنيد المزيد من الأتباع ، ولتنفيذ العمليات الإرهابية . وهذه الآليات تتضمن بطبيعة الحال البرمجة العصبية اللغوية، ولغة الجسد، وطرق التأثير على الجماهير، إلى غير ذلك من وسائل التدريب ، وهي العناوين التي وجدت مع الإرهابيين حسب صحيفة الوطن . وذلك ليستطيع توجيه عصاباته الإرهابية كيفما يشاء ، عبر التحفيز وتعزيز الثقة بالنفس واستنهاض الهمم وتقوية الإرادة . وتمر العملية على مايبدو بمراحل تبدأ بتحديد الأهداف ، ثم تأتي مرحلة التخطيط الإستراتيجي المدروس ، وصولاً للتنفيذ واستدراج الضحية كما حدث مع الشهيد بدر الرشيدي . واستخدام التقنية الحديثة ليس جديداً على التنظيم المجرم الذي يبرع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، وتوظيفها لزرع الكراهية والتحريض على المختلف ، والتأليب وحشد الصفوف وخلافه . استخدامه للنساء سواء كوسيلة جنسية جاذبة عبر ماعرف بجهاد النكاح وغيره من المغريات -كاستثمار فكرة الحور العين -، أو بتجنيدهن في صفوفه في الدعم والمساندة ، وصولاً للتنفيذ الفعلي للجرائم والمساعدة عليه ، يؤكد أن التنظيم مستعد للذهاب لأبعد مدى براجماتي ، ليصل لغاياته المنشودة ، خارقاً كل محظوراته الدينية ، وجارفاً معه كل أدبياته المتشددة في حبس المرأة والحجر عليها!. كانت الأدوية النفسية هي الأخرى مما ضبط مع الهالكين الستة ، مما يقودنا للسؤال عن طبيعة استخدام الإرهابيين لها ، وهل كانت تعينهم بشكل أو بآخر على إخراس أصوات ضمائرهم ، وارتكاب جريمتهم الموغلة في التوحش دون أن يرف لهم جفن ؟! أم أنها كانت تستخدم للتحكم والسيطرة على أعراض عصابية أو ذهانية محددة تحد من قدرتهم على الأداء ؟! وحسب بعض الدراسات النفسية فإن الشخصية الداعشية شخصية مركبة، وتجمع في خصائصها بين خمس شخصيات مصنفة على أنها غير سوية ؛ وهي النرجسية ، والوسواسية القهرية ، والفصامية، والشخصية المعادية للمجتمع ، فضلاً على الزورية أي المصابة بالبارانويا أو جنون الاضطهاد . من أهم الصفات التي تذكرها تلك الدراسات ، ويمكن ملاحظتها وتلمس تطبيقاتها وسماتها لتشخيص الميول الداعشية ؛ هي وجود واقع خاص بالشخص ، والشعور بالعظمة وأهمية الذات ، والشعور بالتفوق الديني على باقي المجتمع ، والعجرفة والتعالي في السلوك ، وهي ملامح نراها عند الأشخاص المتطرفين دينياً ممن يدعون امتلاك الحقيقة المطلقة . بلا شك لايمكن أن يؤتي الخلل النفسي وعدم السواء -المذكور آنفاً- أكله الإرهابية ، دون فكرة مقدسة تشعل كوامنه وتحرك ماخمد منها ، وهنا يأتي دور صناع الكراهية من الوعَّاظ والمحرضين ! amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :