الدار البيضاء (المغرب) - أقامت جمعية البيت الثقافي في المغرب مؤخرا ضمن أنشطة السبت الثقافي الذي دأبت على تنظيمه، أمسية شعرية شارك فيها ثلاثة شعراء مغاربة الشاعر محمد بوجبيري، الشاعرة حفيظة الفارسي، الشاعر عبدالجواد العوفير، وعرفت مشاركة الأستاذ والموسيقي الأستاذ رشيد الشناني، وذلك يوم السبت 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بالمركز السوسيو ثقافي وإدماج الشباب الرحمة 2 بمدينة الدار البيضاء، وحضرها جمهور متعطش للشعر، ومهووس بالخيال. استهل الأمسية رئيس الجمعية الشاعر والباحث عبد الهادي روضي بكلمة افتتاحية رحب فيها بالحضور وشعراء الأمسية، مثنيا على استجابتهم لدعوة الجمعية وتفاعلهم الإيجابي معها، مثلما كشف عن السياقات المرتبطة بتنظيم الحدث الثقافي، وتتمثل في رغبة الجمعية في الاحتفاء بالتجارب الشعرية المغربية المتميزة، من جهة، وتقريب جمهور الشعر من عوالم هؤلاء الشعراء، من جهة أخرى، باعتبار أن الشعراء ظلوا أرفع الناس قدرا في زمن لم يعد يؤمن بجدوى الشعر ورسالته وقيمه، وقد توزعت الأمسية، بموازاة ذلك، على محورين أساسيين أحدهما نقدي وآخر شعري، وقد كشف الشاعر محمد بوجبيري في مفتتح المحور الأول عن تصوراته لكتابة وخلق السعر، والعوالم التي تبنيها مخيلته الشعرية، وعن علاقته الخاصة والحميمة بالمكان الأول، وأهمية الشعر بالنسبة للشاعر وللعالم وللآخر، كاشفا أن لا مفر من الحاجة إلى الشعر للإمساك بتفاصيل الحياة ومكوناتها الجزئية والكلية، وأتاح المحور الثالث فرصا أمام القاريء ليسافر إلى عوالم الشاعر محمد بوجبيري السفلية، والاقتراب من لغته الشعرية المتعلقة بالطين كأصل وماهية وجوديين. ومن جهتها عبرت الشاعرة حفيظة الفارسي في مداخلتها النقدية عن غبطتها بتلبية دعوة البيت الثقافي، وذهبت في معرض ردها عن أسئلة الناقد الدكتور رشيد الخديري إلى أنها بدأت كتابة الشعر منذ زمن مبكر من حياتها، لكنها ظلت متهيبة فعل النشر والطبع سيما في ظل استسهال الكتابة الشعرية، لذلك آثرت الاكتفاء بمتابعة قلق الشعراء وفتوحاتهم، رافضة خوض غمار طبع عملها الشعري الأول "خوذة بنصف رأس"، الذي ظهر للوجود بإيعاز وتحريض من مجموعة من أصدقائها من قراء الشعر وكتابه، وما ميز نصوص الشاعرة المقروءة في الأمسية ميلها إلى اجتراح صور العالم المتشظي الذي يعيشه الإنسان، وإصرار الذات الشاعرة على تفجيره باللغة والعاطفة والخيال، باحثة عن بناء معنى للعالم خارج المهيمن والسائد. واكتفى الشاعر عبد الجواد بقراءة مجموعة نصوص الشعرية من دواوينه الشعرية الثلاثة (راعي الفراغ، ضحكات الكركى، سماء بضفيرتين)، واتسمت بلغتها الشعرية المشبعة بالرؤيا، رؤيا الشاعر عبدالجواد العوفير التواق يحن إلى عوالم سوريالية، تقف على منأى من الواقع المتلبس بالرتابة والهجنة، وتحن إلى استعادة تفاصيل الإنسان والحيوان والطبيعة في تحققها الوجودي العاري. ووشح الأستاذ رشيد الشناني مسامع الجمهور الحاضر بوصلات موسيقية أعادت الجميع إلى الزمن الموسيقي الأصيل، حيث الكلمة الشعرية التي لا تخطئها حاسة، والإحساس الفني المرهف، وفي نهاية الأمسية منحت لشعراء الأمسية شواهد تقديرية وهدايا، والتقطت صور مخلدة لذكرى اللقاء.
مشاركة :