رندة تقي الدين: ماكرون الساعي لتحسين شعبيته

  • 1/9/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

التغيير الحكومي الذي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتعيين رئيس حكومة جديد غابريال اتال ٣٤ عام وهو أصغر رئيس حكومة تولى هذا المنصب في الجمهورية الخامسة بدلا من السيدة اليزابيت بورن التي بقيت ٢٠ شهر على رأس الحكومة هدفه السعي إلى تحسين مستوى شعبيته الذي تراجع بشكل كبير. يحظى حاليا بـ ٢٧ في المئة فقط من تأييد الشعب الفرنسي له علما انه ما زال أمامه خلال عهده الرئاسي الثاني ثلاث سنوات ونصف والدستور الفرنسي لا يسمح للرئيس ان يبقى اكثر من عهدين . غبريال اتال من اقرب المقربين لماكرون وكان مناضلا في أول طلعته في الحزب الاشتراكي الفرنسي ولكنه سرعان ما التحق بتيار ماكرون Renaissance أو "نهضة" ويحظى حاليا بأكبر مستوى من الشعبية في استطلاعات الرأي الفرنسية . فخبرته الوزارية بدأت عندما كان ناطقا رسميا للحكومة في العهد الأول من ماكرون ثم تولى حقيبة وزير الحسابات والموازنة مع وزير المالية برونو لومير. ثم منذ ستة اشهر عينه الرئيس وزيرا للتربية حيث اعتبرت الأغلبية في الجمعية الوطنية المتمثلة بنواب اليمين الفرنسي المتطرفين برئاسة مارين لوبن رئيسة التجمع الوطني والجمهوريين الأكثر اعتدالا أنه كان ناجحا لأنه أدخل إصلاحا في المدارس الرسمية فور وصوله بمنع العباية التي تمثل انتماء الى الدين الإسلامي والدستور الفرنسي علماني . والإصلاح الآخر هو اجبار التلاميذ ارتداء لباس رسمي موحد للمدارس . مشكلة ماكرون ان تياره النهضة لا يملك الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية امام أحزاب اليمين وتحالف اليسار المعارض الذي يرأسه اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون اعتبر أن هذا التغيير الحكومي لا يأتي بأي جديد لانه يبقى ماكرون هو رئيس الحكومة الفعلي . كثيرون يعتبرون أن ماكرون لا يسمع لاحد وانه سلطاوي . سؤلت نائبة معارضة عن رأيها في التغيير الحكومي قالت لا شيء يتغير فماكرون هو رئيس الحكومة ووزير الخارجية والدفاع . المقربين من ماكرون يقولون انه رئيس يريد ترك اثر في تاريخ فرنسا انه استطاع تنفيذ إصلاحات . من الصعب جدا ادخال إصلاحات في فرنسا بسبب الإضرابات والتظاهرات . فالرئيس الراحل جاك شيراك الذي كان أكثر شعبية لم يستطيع القيام بأي إصلاح . كذلك الأمر بالنسبة للرئيسين بعده نكولا ساركوزي ثم فرانسوا هولاند. واجه ماكرون في عهده الأول تظاهرات السترات الصفر وشللها على الاقتصاد والحياة الفرنسية ثم الكورونا وتأثيرها على الحياة اليومية وإدارة عواقبها . انتهى ماكرون في العهد الأول وكان في ٣٩ من عمره وهو الآن في السنة والنصف الأولى من عهده الثاني وتراجع شعبيته ملفت . على صعيد السياسة الخارجية يتم انتقاده على الفشل في دول افريقية كانت الحكومات فيها حليفة لفرنسا لكن اثر الانقلابات فيها خرجت فرنسا منها مثل مالي والنيجير وبوركينا فاسو . كما انه فشل في علاقاته مع المغرب في حين انه حاول تحسينها مع الجزائر ولم تتكلل بالنجاح لان العلاقة الفرنسية الجزائرية صعبة ومعقدة بسبب التاريخ الاستعماري ولأن السلطة العسكرية في الجزائر لا تحبذ تحسين العلاقة مع فرنسا . أما في المشرق فكان أول رئيس الذي أسرع إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت ما لقى تأييدا كبيرا محليا في لبنان وفي فرنسا التي تربطها علاقة تاريخية ودية مع لبنان ولكن تحولت لاحقا الى فشل لأنه حاول اقناع رؤساء الأحزاب اللبنانية بالقيام بإصلاحات والآن يسعى عبر مبعوثه الخاص الوزير السابق جان ايف لودريان إلى لبنان بإقناع المسوؤلين في لبنان بانتخاب رئيس . منذ بضعة أيام غير مدير عام الاستخبارات الفرنسية السفير برنار ايميي الذي بقى على رأس الاستخبارات لاطول مدة من ستة سنوات ونصف رغبة باجراء تغيير وتحميل مسوؤلية غيره بالفشل في افريقيا ثم عندما قامت حماس بهجوم ٧ أكتوبر على الكيبوتز الإسرائيلي كانت ردة فعل ماكرون أن من حق الاحتلال الإسرائيلي الدفاع عن النفس واعتمد موقف مشابه للحليف الاميريكي للاسبوعين الاولين إلى أن قام بزيارة الأردن ومصر فغير موقفه وبدأ يطالب بوقف اطلاق نار دائم حتى انه تقدم بمشروع قرار في مجلس الامن مع الامارات يطالب بذلك لكنه واجه الفيتو الأميركي . تراجع شعبية ماكرون مردها الى أن شخصيته تثير غيرة البعض لأنه لامع ومثقف إضافة الى أنه قليلا أن يسمع لرأي أي وزير فهو صاحب القرار في معظم القطاعات . فالمواطن الفرنسي كثير المتطلبات من رئيسه ودولته وهو قليلا ما يرضى على رئيس بعد ان يتم انتخابه . فمثلا الرئيس الراحل جاك شيراك كان اكثر الرؤساء شعبية عندما توفي في حين أنه واجه تراجع كبير في شعبيته خلال عهديه . ماكرون بدأ عهده الأول بفترة شهر عسل مع الشعب الفرنسي تحولت الى تراجع كبير بعد أن تم انتخابه للعهد الثاني وعدم إعطاء تياره النهضة الأغلبية المطلقة ما جعل عمله الإصلاحي اصعب لأنه يتطلب موافقة الأحزاب اليمينية المعارضة فيحاول ماكرون عبر هذا التعديل انطلاقة جديدة . وعلق رئيس الحكومة الجديد غابرييل اتال لدى تسلمه منصبه ان اصغر رئيس جمهورية عين اصغر رئيس حكومة لاهتمامه بمستقبل الشباب على ان يكون رمز الجرأة والاقدام كما أعلن ماكرون على موقع اكس .

مشاركة :