رندة تقي الدين: صدمة وبلبلة في فرنسا بعد حل ماكرون مجلس النواب

  • 6/11/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ حوالي شهر كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يستضيف مئات رؤساء الشركات العالمية العملاقة وكبار ممثلي مؤسسات استثمار ومصارف العالمية في قمة " اختاروا فرنسا" في قصر فرساي التاريخي العريق ليشجعهم على الاستثمار في فرنسا . أما اليوم بعد الصدمة سياسية التي أطلقها الرئيس إثر انتخابات البرلمان الأوروبي التي نتجت عن فوز كبير لحزب مارين لوبن التجمع الوطني اليميني المتطرف مع حصول رئيس الحزب جردان برديلا (عمره ٢٨ سنة )على أكبر نسبة من الأصوات بـ ٣١،٤ في المئة مقابل اقل من ١٥ في المئة لحزب ماكرون "النهضة" من سيتشجع إلى الاستثمار في مثل هذا الجو من عدم اليقين . لم يتوقع أحد قرار ماكرون بحل المجلس خصوصا أن الانتخابات للبرلمان الأوروبي ليست بمثابة استفتاء شعبي وطني مثل الانتخابات التشريعية . أعلن عن موعد انتخابات تشريعية في ٣٠ يونيو والدورة الثانية في ٧ يوليو، انهالت على الرئيس من جميع الجهات الانتقادات لهذه الخطوة حتى من حزبه وقد صدم رئيس حكومته غبريال اتال الذي لم يكن على علم بهذا القرار الذي اقتصر على معرفة شلة قليلة من مقربي ماكرون . حل المجلس أدى إلى تراجع لقيمة اليورو وصعود مستوى تكلفة القروض وقلق بالغ من الأسواق في فرنسا لتخوفهم من تسليم رئاسة الحكومة إلى بارديلا وتأليفها من حزب لوبن. وصفت الصحف الفرنسية خطوة ماكرون بحل المجلس بالرهان الخطير والبعض رأى أن هذه الخطوة هي لعبة بوكر مع أسئلة حول ما اذا كان يتحتم على الرئيس أن يستقيل. لكن ماكرون اكد في حديث له في لوفيغارو ماغازين ان مهما كانت نتيجة الانتخابات التشريعية فهو لن يستقيل ويبقى الى نهاية عهده الثاني الذي ينتهي في ٢٠٢٧ . اذا تمكنت لوبن من الفوز في الانتخابات التشريعية باغلبية مطلقة في البرلمان سيصعب على ماكرون الحكم مع اليمين المتطرف الذي في حملته للرئاسة مكن ماكرون من الفوز على أساس أنه متراس بوجه اليمين المتطرف . اما على صعيد السياسة الخارجية والدفاعية رغم انهما يبقيان لنفوذ الرئيس حسب الدستور إلا أن هناك قلق بالغ لدى أوساط الخارجية الفرنسية من أثر ذلك على موقع فرنسا على صعيد الدول فهو يتوجه الى إيطاليا في باري للمشاركة في قمة الدول الصناعية السبعة التي قيل إنه قد يحضرها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأسبوع المقبل ثم يغادر إلى سويسرا لقمة الدعم الى أوكرانيا ويتوجه الاثنين القادم إلى بروكسيل للقاء شركائه الأوروبيين لتناول معهم موضوع أثر هذه الانتخابات على سير الاعمال الأوروبية. كان من المفروض أن يتوجه الى المغرب في أول زيارة بعد فتور العلاقات ولتكريس المصالحة والتقارب مع المغرب في أوائل يوليو قبل الدورة الثانية من الانتخابات سيجبر على تأجيلها . وزير خارجيته ستيفان سيجورني رئيس حزبه سيضطر الى الحضور في فرنسا وتأجيل زياراته الى الخارج وذلك في ظل حرب أوكرانيا التي تأخذ كثير من وقت الرئيس الفرنسي وحرب الاحتلال على غزة واهتمام ماكرون بشكل خاص بإيجاد حل للبنان على صعيد منع توسيع الحرب الإسرائيلية على البلد وسد الفراغ المؤسساتي وانتخاب رئيس. ان هذا الوضع الجديد الذي نتج عن زلزال حل المجلس الفرنسي قد يؤدي الى تراجع دور فرنسا في جميع هذه الملفات يواكبه سرور اكيد لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تربطه علاقة صداقة قديمة بمارين لوبن التي أعلنت سابقا انها اخذت قرضا من روسيا ولكنها قالت انها سددته. منذ حرب أوكرانيا وهي تدعي انها ضد غزو روسيا لاوكرانيا لأنها مدركة أن أغلبية الشعب الفرنسي مؤيدة لاوكرانيا . لكن القلق الأكبر من تسلم حزب التجمع الوطني زمام الحكم في فرنسا هوالاقتصاد اذ ان لوبن التي ليس لديها أي خبرة ولا قناعة مستمرة باي خطة اقتصادية كانت في الماضي تريد الخروج من الاتحاد الأوروبي واليورو لكنها عدلت . هي أيضا ضد اصلاح قانون ماكرون للتقاعد الذي رفع سنه الى ٦٤ سنة ولوبن عارضته مطالبة بتخفيضه الىما بين ٦٠ الى ٦٢ سنة . وكان برديلا انتقد بشدة اصلاح التقاعد الذي اجراه ماكرون لكنه قال مؤخرا دون الإجابة على السؤال حول احتمال تغيير هذا الإصلاح " علينا ان نصحح الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبت " والمعروف ان في أولوية حزب لوبن الحد من الهجرة خصوصا الاسلامية ووضع قيود بين الحدود الأوروبية . فالاوساط الاقتصادية قلقة جدا من احتمال وصولها الى الحكم مع رئيس يبقى دون نفوذ على الصعيد الاقتصادي والمالي . فرهان ماكرون ان الشعب الفرنسي سيتنبه الى هذه الخطورة ويعطي حزبه وحلفائه اغلبية أوسع مما كانت لديه في البرلمان ما أعاق تقدمه في الإصلاحات هو رهان خطير قد ينقلب عليه حتى انه سيبقى في الرئاسة حتى ٢٠٢٧

مشاركة :