اغرب ما في الحرب الروسية على أوكرانيا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يقطع التواصل الهاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في وقت الاتحاد الأوروبي ورئيسه حاليا ماكرون ينظر في تنفيذ العقوبات التدريجية على النفط يعلن قصر الايليزي أن ماكرون بادر بالاتصال ببوتين. قد يكون هذا الاتصال الـ ٢١ منذ بداية الحرب الروسية.. ماكرون يقول باستمرار "نحن لسنا في حرب مع روسيا ولكننا نريد انسحابها من أوكرانيا ووقف إطلاق النار". صحيح أن المواجهة العسكرية بين روسيا وفرنسا لم تحصل ولكن أوروبا حاليا تزود أوكرانيا بالأسلحة للدفاع عن سيادتها واستقلالها. وكيف فرنسا وأوروبا ليست في حرب مع روسيا وقد وضعت حظر على أموال معظم الشركات الروسية وجمدت ثروات مالية وعقارية للأثرياء الروس المقربين من بوتين في كل دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. معظم الشركات الفرنسية والأوروبية التي كانت تعمل في روسيا جمدت أو سحبت أعمالها من روسيا. وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي جمدوا منذ شباط فبراير بالتنسيق مع الولايات المتحدة أصول البنك المركزي الروسي كي لا تستخدم روسيا احتياطها من العملات الصعبة في الخارج. منذ اليوم الأول من غزو أوكرانيا قد خسر أصحاب المليارات الروس المعروفين بالـ Oligarch ٣٩ مليار دولار أي أكثر مما كانوا ربحوه منذ بداية السنة، فمثلا رئيس شركة لوكاويل للنفط الروسية فاغيت اليكبيروف خسر ٦،٢ مليار يورو بسبب عقوبات تضغط على رجال أعمال مقربين من بوتين. حسب وزارة المالية الفرنسية تم تجميد في فرنسا عقارات يملكها اثرياء روس oligarch بقيمة ٥٧٣،٦ مليون يورو في الأشهر الأولى من الغزو وقد زادت الآن مع زيادة رصد الفريق المالي الفرنسي لموجودات الروس في البلد.. فقد وضعت السلطات الفرنسية اليد على ٣٣ عقار لأثرياء روس منهم ١٩ مسجلين تحت تسمية شركة عقارية مدنية SCI ))، والعقارات الروسية التي تم تجميدها هي في باريس وفي جنوب فرنسا في الكوت دازور في سان جان كاب فيرا وفي سان تروبي وكان ونيس وانتيب وأيضا في جزيرة سانت بارتيليمي في الكاراييب. فتأكيد ماكرون ان فرنسا وأوروبا ليست بحرب أو بمواجهة عسكرية مباشرة مع بوتين تشير إلى تخوف وقلق في أوروبا من توسيع الحرب من أوكرانيا الى أوروبا. فكان ماكرون في بداية الغزو يقول إن فرنسا لن ترسل سلاح ثقيل إلى أوكرانيا، إلا أنه والمستشار الألماني عدلا عن هذا الموقف بالتنسيق مع الولايات المتحدة إذ أن أوروبا بدأت ترسل سلاح إلى أوكرانيا.. فاليوم اتصل مجددا ماكرون ببوتين وأمضى ساعتين معه عبر الهاتف ليطلب منه إيقاف القصف والمجازر في ماريوبول . أعلن الكرملين أن بوتين وضع ماكرون في صورة " العملية العسكرية الخاصة " وعن اجلاء المدنيين من ازوفستال. أما الرئاسة الفرنسية فأعلنت أن ماكرون أكد مجددا النتائج الخطيرة الكبرى للغزو الروسي على أوكرانيا، وعبر ماكرون عن بالغ القلق إزاء الوضع في ماريوبول والدونباس ودعا روسيا إلى إتاحة إجلاء المدنيين من معمل أزوفستال وترك حرية خيار التوجه للمدنيين الذين يتم إجلائهم، وأعرب ماكرون عن استعداده للعمل مع المنظمات الدولية والعاملين في المجال الإنساني لرفع الحصار الروسي عن الصادرات الغذائية الأوكرانية عبر البحر الأسود لخطورتها أيضا على الأمن الغذائي العالمي. وأعرب ماكرون عن استعداده للعمل من أجل حل يتم التفاوض عليه للإتاحة لأوكرانيا أن تستعيد السلام في السيادة وسلامة أراضيها. وكان ماكرون أجرى اتصالا هاتفيا قبل اتصاله ببوتين بالرئيس الأوكراني زيلينسكي . إن استمرار الاتصالات بين الرئيسين الفرنسي والروسي وإن لا يعطي أي نتيجة لأن بوتين ماض بغزوه وبحربه مبرر بأن يوما ما ستتوقف الحرب ويجب أن تكون أوروبا جاهزة لإيجاد حل مع بوتين، فإلغاؤه يبدو مستحيلا حتى ولو أن اقتصاده ينهار وحربه تثبت أن جيشه ضعيف وأن المقاومة الأوكرانية اقوى مما اعتقد . ولكن في النهاية إذا بقي بوتين على رأس روسيا لا يمكن للأوروبيين أن يقاطعونه إلى الأبد. فهو ليس بشار الأسد على رأس بلد لا يهدد أوروبا ولكنه على رأس على بلد مع سلاح نووي كبير وهو عضو دائم في مجلس الأمن. فهذه الأسباب تجعل ماكرون مدركا أنه بحاجة إلى عدم قطع شعرة معاوية معه.
مشاركة :