ديننا الحنيف هو دين الرحمة والعفو والتسامح والتكافل وكل مكارم الأخلاق وهذا ما أكده نبينا نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ،فبهذه الأخلاق وبالمعاملة الحسنة ينتشرهذا الدين في شتى بقاع الأرض كما انتشر في دول شرق آسيا وادغال افريقيا واوربا وأمريكا كما يقول ربنا سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ،لكن يبدو أن هذه الآية العظيمة قد غابت عن بعض دعاتنا الموكل إليهم مهمة التوجيه والإرشاد داخل البلاد الإسلامية وخارجها حيث نراهم يمارسون الأساليب الفجة القاسية المنغلقة في إطلاق عباراتهم الدعوية، ثم نراهم يطلقون العبارات المنفرة في حديثهم الذي لا يخلو دائمًا من التشنج والصياح، وهذا ما يتعارض تمامًا مع التوجيهات الربانية التي تضمنتها تلك الآية الكريمة، ولعل المتتبع لواقع الخطب المنبرية التي نتعايش معها يجد فيها الكثير من تلك المخالفات التي يمكن أن تكون أساليب تنفير وإبعاد لا توجيه وإرشاد حيث نراها تفتقد للحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن. ويبدو أن اعتلاء دكة المنابر أصبح مشاعًا ولا تحكمه شروط أو معايير أو صفات لذا نرى أن بعض منابرنا قد أصبحت متنفسًا للمتشنجين وإليكم البعض اليسير من العبارات غير اللائقة، والتي قالها بعض الخطباء أمام الجموع البشرية ، حيث يقول أحدهم منتقدًا بعض المسلسلات الكوميدية السعودية: «إن من يشاهد ذلك المسلسل هم السفهاء والرعاع والسذج».. فأين القدوة من ذلك وأين الموعظة الحسنة؟ ، ثم نسمع خطيبًا آخر يطلق بعض العبارات غير اللائقة على بعض النساء وبعض الشباب، ثم نرى خطيبًا آخر يدعو على أصحاب بعض المذاهب ويطلق عليهم بعض الألفاظ غير اللائقة أيضًا، ثم نرى خطيبًا آخر وهذه تحديدًا يتناقلها العديد من الخطباء حينما يدعون على الكفار، فيقولون اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم دمر ‏أراضيهم ويتِّم أطفالهم ورمّل نساءهم وأحرقهم، ومثل هؤلاء الخطباء ‏نراهم قد تناسوا أن تلك الأراضي يقف عليها مسلمون أيضًا، وأن من ‏أولئك الأطفال من قد يكون مسلمًا أو من تلك الزوجات من قد يُسلمن .ولعل هذه العبارة تحديدًا قد ‏أصبحت ضمن الكثير من الخطب المنقولة، وإلا كيف بها تطلق دون ‏النظر إلى مضامينها المنفرة التي يتخذها أعداء الإسلام حجة علينا ‏بأننا أمة حاقدة، وديننا يدعو إلى القتل والدمار، وهذا ما لا يتفق أبدًا ‏وتعاليم ديننا السمحة. ‏إن الدعوة إلى الله واعتلاء دكة المنابر أمانة يستوجب حفظها والالتزام ‏بشروطها، والصدق في الحديث أمر واجب لا يليق بالمؤمن أن يخالفه، ‏والفُجر في الخصومة من خلال نشر التباغض والتشاحن، واستخدام ‏فحش القول وبذيئه، وختامًا نأمل أن يلتفت القائمون على اختيار أولئك ‏الخطباء والدعاة إلى تلك المخالفات الشرعية الصريحة وسد منابعها، ‏والتوجيه بالابتعاد عن تلك الممارسات، وأن يتقي كل خطيب ربه فيما ‏يقول . والله تعالى من وراء القصد.‏