(١) الأسرة هي النواة الرئيسة التي تشكل المجتمع، ثم تقوده بعد ذلك إلى مسارب الحضارة،أو إلى دروب الجهل المظلمة.وعندما يقولون بأن دور الأسرة تكمن أهميته في السنوات(الست)الأولى من عمر الطفل-لوجود عدة بيئات تعليمية تربوية بعد ذلك كالمدرسة والمسجد-فإن في ذلك لياً لذراع الحقيقة،لأن المخرجات المنتظرة في مؤسستنا التعليمية ضعيفة وغير قادرة-على الاطلاق-لبناء شخصية الفرد بناء دينياً(عميقاً)وعلمياً وثقافياً. كما أن دور المسجد،يختلط أحيانا بالحفظ والتلقين فيما يختص(بالعلاقة المعرفية مع كتاب الله..القرآن الكريم)،وببيانات عامة عن العقيدة والتوحيد والبراءة من الكفر والالحاد،بدون اهتمام واضح بالسلوك الاجتماعي والقيم الأخلاقية،التي جاء رسولنا الكريم محمد بن عبدالله ليحتفي بها ويتممها ويختم بها عهد النبوءات والرسالات"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". أزعم أن دور الأسرة يمتد طويلاً،حتى بعد إنتاج الجيل القادم من الأحفاد في الأسرة،وإحالة الأبوين إلى(المعاش)و(البيت)من جديد. هذه المنظومة المترابطة من الأفراد داخل الأسرة، إما أن يكونوا أصحاء قادرين على النهوض بأعبائهم وأعباء أمتهم،أو أن تتنازعهم الأمراض النفسية والعقد،فتتفكك بضعفهم الأسر،ليصبحوا أسرى للمشكلات والأزمات من أبسطها وإلى أعقدها..فلا يكون ثمة مجال لأخوة معينة أو لأبوة حكيمة،أو لأمومة حنونة. (٢) ثمة مبادئ أرى أنها تقارب مفهوم الأسرة المثالية التي تحتاجها المجتمعات(السوية)..لعلني أقارب أهمها كالتالي: أ-البنين والبنات هم نعمة الله عز وجل على الانسان،وهم زينة الحياة الدنيا في عيني والديهم،وجميعهم في معظم الحالات عجائن لدنة،تتقولب بمنظر إيجابي أو سلبي بحسب أيدي الآباء المحترفة أو(المتعطلة)،فلا نمارس على النشء احتقاراً وتسفيهاً كل يوم وعند كل موقف،ثم ننتظر منه تصرفات سلوكية رزينة وواثقة ومطمئنة.. فكما قالت العرب في صحرائها الحكيمة ذات ضحى"يداك أوكتا وفوك نفخ"..ولكن الواقع يفصح عن وجود آباء ينتشون بالشكوى من بنيهم في كل مجلس وملتقى(ابني وابني..،وليس لي هم في هذه الدنيا سواه)ثم يتبع ذلك بالدعاء البغيض(بس..الله لايربحه)! بالله عليكم ماذا تنتظرون من أب منكر لنعمة الله يائس من رحمته ،كهذا الأب العجيب؟ ب-من النوازع الفطرية في الشخصية الإنسانية الحب الذي يزرعه الله في قلب الآباء لأبنائهم،فذلك هو الأمر الطبيعي حقا،ولكن ثبت نتيجة لتراكم بعض العقد النفسية في سيرة حياة الأب أو الأم، أن علاقة الحب تلك،لاتكون في أوج تجلياتها،وأحياناً تكون في مستوى متدنٍ للغاية،وقد يحصل هذا لبعض الأبناء دونهم (كلهم)! يحدث هذا(بالفعل)،ولو كان الأمر مريعاً ومستغرباً إلى أقصى حد،ولكن الذي يجب أن يتحقق في كل الأحوال هو (تحكيم)العقل في مواجهة الجدب الطارئ للعاطفة،و(العدل)في المعادلة بين الأبناء سواء من كان منهم قريباً من الوجدان،أو بعيداً عنه.. المعاملة المختلفة من الآباء هي الرصاصة الأولى التي تدق في ركب الجماعة الأسرية،بعد أن يشعر بعض أفراد الأسرة بالظلم والغبن والمهانة! ج-ومن المبادئ الرئيسة كذلك، الرغبة الجادة والحاسمة في(الاشتغال)الجاد على صياغة الأبناء صياغة دينية علمية تربوية ثقافية صحيحة،من خلال الاحتفاء دوماً بذلك الهاجس،الذي يجعل الأبوين في تفكير مستمر بما من شأنه إنتاج تلك الصياغة الأسرية المثالية..من خلال وضع الخطط الاستراتيجية لتحقيق الأهداف المرجوة،وتخصيص الوقت الملائم لتحقيقها داخل البيت.. إن الأبوين اللذين يقع مركزهما المعيشي خارج البيت لايمكن أن يحملا هذا الهاجس (الأسري) النبيل. د-الحوارية،التي تعني عدم شعور الأبناء بصوت واحد متسلط ومهيمن، تتساوى في حضرته كل المواقف والإشكالات،وتهيمن عليه كثير من شواهد العشوائية والارتجال وثقافة الجهل والاستبداد. جميل أن يتقبل الأبناء بإذعان وطاعة لآراء الآباء ولكن الأجمل والأكثر نفعاً وتأثيراً،هو أن يستشف الأبناء من تلك الآراء الأبوية أطيافاً مقنعة من المنطقية والعقل والإقناع..والأكثر جمالا-بعد ذلك- أن يشترك الجميع على السواء آباء وأبناء في صياغة قرارات الأسرة والنهوض بها ومعالجة مشكلاتها وأزماتها! (٣) ومن الشواهد الجليلة التي يستدل بها على تلك الأسر(المثالية)، بصياغاتها(الصحيحة)السابقة هو ما ينتج عنها من مشاهد،تظل جلية ومعلقة بضياء آسر فوق شرفات تلك البيوت المطمئنة(الرائعة)،ولعل أكثرها بروزاً : أ- احترام الصغير من الإخوة للكبير في كل الحالات،وأن يكفل الأب لأبنائه الكبار وضعهم في موقعهم الذي كفله لهم الزمن المقدر من الله عز وجل. ب-الدفء والمتعة والاطمئنان التي تتجلى جميعها في اللقاءات التي تجمع أفراد الأسرة في كل حين لايبتعد كثيراً عن الحين(الآخر). ج-العطف والحنو على ضعاف(الجانب)في الأسرة من أطفال أو بنات(لم يتضح مستقبلهن العملي والحياتي بعد)،حتى وإن خرج عن هؤلاء تصرفات طائشة أو متسرعة..فالطفل طفل،،والبنت هي امرأة مجتمعنا الذكوري،الذي يحبذ غالبا أن تستظل المرأة تحت جناحي الرجل أباً وزوجاً وأخاً،،فإذا لم تجد الحنان والأمان عند ذلك(الرجل) فكيف يكون مصيرها،في فضاءات لاتعبأ بها،ولا تذلل لها دروب الحياة، لتسير وحدها بطاقاتها وإمكاناتها المستقلة.. (٤) ..ربما تستنتجون بأن نثاري هذا(متمحور) في معظم مفرداته على واجبات الآباء نحو أبنائهم (خاصة)،وهذا أظنه بسبب كثرة الموضوعات التي أراها تهتم كثيراً في الجانب المقابل(واجبات الأبناء نحو آبائهم)،وبسبب إصراري على أن المسألة في تلك العلاقات تظل ديالكتيكية بين الطرفين(فكما لكل منهما حقوق، فعليه واجبات لابد من الوفاء بها) (٥) ولذلك ،فيبدو إن تداعيات أخرى للموضوع لابد من إرجائها للقاء القادم بإذن الله.! faisal.s.g@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (14) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :