يتجه مجلس الشورى في جلسته بعد غدٍ الأحد إلى رفض قانون نيابي بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ينص على إلزام الحكومة بتحديد مدى زمني لتنفيذ المقترحات برغبة التي رفعها النواب ووافقت عليها. واعتبرت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى أن مشروع القانون النيابي تشوبه شبهة عدم الدستورية. وأوضحت اللجنة أن التعديل الوارد في مشروع القانون يخالف الدستور، والذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، فالنص الدستوري يحدد قواعد وحدودًا لا يجوز تخطيها ولا يمكن لأي سلطة أن تتدخل في عمل سلطة أخرى، فالحكومة ينبغي أن تكون مستقلة في تنفيذ الرغبات المقترحة وفقاً للإمكانيات المتوافرة والمساعدة على التنفيذ، والظروف المتغيرة التي تحكم مسائل تنفيذ المشاريع التي تنطوي عليها الرغبة. وأضافت التعديل يُخرج الرغبة من مجرد كونها رغبة تخضع في قبولها لمطلق تقدير الحكومة وفقاً لاعتبارات تختص بها الحكومة، لتدخل في نطاق الوجوب والإلزام. ورأت اللجنة التشريعية والشئون القانونية إن الواقع الفعلي والعملي للسلطة التشريعية يحتم أن يراعي كل مجلس حق المجلس الآخر في تعديل لائحته الداخلية المنظمة لعمله، إلا أن المشرّع مقيد بعدم مخالفة ما يتم اقتراحه من تعديلات لأحكام الدستور. منوهةً إلى أن مشروع القانون يخالف البند (أ) من المادة (32) من الدستور، وقالت إذا قبلت الحكومة تنفيذ الرغبة، فإنها تدخل في نطاق الوجوب والإلزام بالتنفيذ في موعد محدد ولو كان تقريبياً أو مبدئياً، مما يعد تدخلا في اختصاصها بإلزامها بالإنجاز في مدى زمني معين، رغم أن الحكومة تعمل في ظروف قابلة للتغيير ولا يمكن توقعها مقدمـًا لتستطيع في ضوئها تحديد هذا المدى الزمني. واعتبرت أنه في حالة عدم التزام الحكومة بتنفيذ الاقتراح برغبة والذي سبق لها الموافقة عليه، فلمجلس النواب اتخاذ آليات الرقابة الدستورية المتاحة لأعضائه حسب القواعد المقررة. وأشارت إلى ما ورد في المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية لسنة 2012م بشأن تعديل المادة (68)، حيث قالت المذكرة ـأن تعديل المادة 68 من الدستور جاء لتحقيق ضمانة جديدة لتفعيل دور الرغبات المكتوبة التي يبديها مجلس النواب للحكومة، ولتقرير حق مجلس النواب في طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه، وتبادل الرأي بصدده، فلقد كانت المادة (68) تكتفي بأن تبين الحكومة كتابة أسباب التعذر في تنفيذ الرغبات التي يبديها مجلس النواب، ولم تحدد لها مدة معينة تلتزم فيها بإيضاح هذه الأسباب، فجاء تعديل البند (أ) من هذه المادة ليلزم الحكومة بالرد على مجلس النواب خلال ستة أشهر، وهو ما يؤدي إلى أن تدرس الحكومة رغبات المجلس في وقت معقول وأن تتخذ قرارها بشأن إمكان تحقيقها أو تعذر هذا التحقيق، على أن تبين الحكومة الأسباب في حالة تعذر الأخذ بالرغبة. وإذا لم تلتزم الحكومة بالموعد المحدد للرد كان للمجلس أن يلجأ إلى إحدى وسائل الرقابة التي خصه الدستور بها. وأكّدت بأن المذكرة التفسيرية أفات بأن التعديل على المادة (68) من الدستور كان له هدف محدد هو تحديد مدة لرد الحكومة على الاقتراح برغبة، وليس أي هدف آخر على النحو الذي ورد في مشروع القانون بتعديل المادة (127) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب. وكان مجلس النواب قد صوّت في أبريل 2015 بالموافقة على تعديل المادة 127 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب بحيث يتضمّن إلزام الحكومة بوضع جدول زمني لتنفيذ الاقتراحات برغبة التي توافق عليها. وتنص المادة 127 من المرسوم بقانون بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب والمعمول بها حالياً على أن لمجلس النواب إبداء رغبات مكتوبة للحكومة في المسائل العامة، وعلى الحكومة أن ترد على المجلس كتابة خلال ستة أشهر، وإن تعذر الأخذ بهذه الرغبات وجب أن تبين للمجلس أسباب ذلك. فيما جاء التعديل ليضيف عبارة على أن يتضمن الرد تحديد المدى الزمني المبدئي لتنفيذ الرغبة في حال قبولها. واحتجّت الحكومة عبر وزارة شؤون مجلسي الشورى والنواب على التعديل الذي صوّت عليه النواب، واعتبرت أنه يتضمن شبهة عدم دستورية؛ حيث أنه يخالف المادة (68) من الدستور، لأن وضع مدة زمنية للحكومة بتنفيذ الرغبة للموافقة عليها سيكون تدخلاً في صلب صلاحيات الحكومة. وقالت الحكومة هناك تعاون بين الحكومة ومجلس النواب منذ الفصل التشريعي الأول في الموافقة على العديد من الرغبات التي تم رفعها إلى المجلس، وعليه فإنه يخشى أن يكون التعديل المطروح في المشروع بقانون بمثابة مساءلة سياسية للحكومة. مشيرة إلى أن المادة (68) من الدستور تم تعديلها في 2013م، حيث تم تحديد فترة زمنية لرد الحكومة على المجلس في الموافقة على الرغبة من عدمه، وعليه فإن الحكومة تقترح بأن يكون التعديل الوارد في المشروع بقانون عن طريق تعديل دستوري بإضافة مادة جديدة أو فقرة جديدة في المادة (127) من الدستور، بيد أن المشكلة التي قد تثار حتى لو تم اقتراح تعديل الدستور تكمن في أن وضع مدة زمنية لتنفيذ الرغبة سيعد بمثابة مساءلة سياسية للوزير، حين لا يتم تنفيذ الرغبة في الفترة المحددة، كما أن هذا الأمر مبتدع ولا يوجد له مثيل في الدساتير الأخرى.
مشاركة :