محمد كركوتي يكتب: «معارك» الرقائق لن تهدأ

  • 4/1/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وضعت الإدارة الأميركية منذ سنوات الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات)، ضمن النطاق الاستراتيجي لبلادها، ما دفع «المواجهة» بينها وبين الصين بهذا الخصوص، إلى نحو مزيد من التوتر، وإلى صدور سلسلة من القرارات من الطرفين لتوفير حماية أكبر لهذه الصناعة، التي تمثل المحور الأهم في كثير من المنتجات، حتى أن واشنطن طلبت دعماً من حلفائها التقليديين في هذه المواجهة. بالطبع تتحرك بكين في المقابل وفق نفس المفهوم الأميركي الاستراتيجي. وبدا واضحاً في الآونة الأخيرة أن الإجراءات التي اتخذت على الساحة الأميركية لم تكن كافية، ولا سيما فيما يختص بوقف تصدير المواد المتقدمة في صناعة الرقائق للصين. فهذه الأخيرة لا تزال تحتاج إلى التكنولوجيا الغربية المتقدمة، لتوفير إنتاج متطور يحاكي التحولات الراهنة على الساحة العالمية، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي. تسيطر ثلاث دول هي كوريا الجنوبية والصين وتايوان على 70% من إجمالي القدرة التصنيعية، تأتي بعدها اليابان بحصة 13% ومن ثم الأميركتين. لكن «الصراع» الراهن بات منحصراً في تصدير المعدات فائقة التقدم التي تستخدم في التصنيع. فلا يزال الغرب ومعه اليابان يتمتعان بهذه الميزة، التي أفقدت الصين القدرة على تحقيق مستهدفاتها في هذا المجال. وفي العام الماضي بلغت قيمة صناعة الرقائق أكثر من 600 مليار دولار، بينما تشير التوقعات إلى أنها ستصل إلى 1.137 تريليون دولار بحلول 2033. إنها صناعة هائلة الحجم ومتنامية توظف عشرات الملايين من الناس. ولأن الأمر كذلك، فكان من الطبيعي أن تحدث «صراعات» في هذا الميدان، ولاسيما بعدما أقرت واشنطن أنها تفقد بالفعل الريادة فيها، ما دفع الرئيس جو بايدن إلى رصد 280 مليار دولار لدعم الصناعة على الساحة المحلية، بالإضافة إلى مجموعة من القوانين التي تسهل مسار الصناعة بأكملها. لا تزال هناك مصاعب أمام الحراك الصيني الذي يستهدف صناعة رقائق أكثر تقدماً. فالمعدات القديمة ترفع من حجم التكلفة، مع ضرورة الإشارة إلى أن بكين تتمتع بمخزون هائل من الرمال الخاصة التي تستخدم في صناعة الرقائق بشكل عام. وفي كل الأحوال ستتواصل المواجهة على هذه «الجبهة»، وربما تأخذ أشكالاً أكثر قوة في المستقبل القريب. فحتى الإجراءات الأميركية لن تؤثر إلا في إبطاء قدرة الصين على تصنيع الرقائق المتطورة جداً. أي أن المسألة تختص بالزمن أكثر مما ترتبط بالقدرة.

مشاركة :