رفقاً أيها الإخوة بالعمالة

  • 4/11/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن مظاهر رحمة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حفلت بها سيرته العطرة، حياته صلى الله عليه وسلم امتلأت بها سنته المُطهرة، ترحم الصغير، الكبير، الغريب، البعيد، المرأة، الضعيف، اليتيم، الفقير، العمال والخدم، جاء صلى الله عليه وسلم بشريعة كلها خير وعدل ورحمة للعباد، قال الله تعالى في مُحكم التنزيل (وما أرسلناك إلّا رحمةً للعالمين). ومن مواطن ومظاهر الرحمة إحسان مُعاملة العمالة وإعطاؤهم حقوقهم كاملة بدون نقصان، كانت سيرته وسنته صلى الله عليه وسلم خير شاهد على معاملتهم مُعاملة إنسانية كريمة، والشفقة عليهم والبر بهم وعدم تكليفهم ما لا يُطيقون من الأعمال، التواضع معهم بل جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم إخواناً لمن يعملون عندهم، فقال عليه الصلاة والسلام (إخوانكم خولُكم -خدمكم- جعلهم الله تحت أيديكم). وحقوق الخدم والعمال في سنة وهدي النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة منها. المسارعة في إعطائهم أجرهم، ألزم النبي صلى الله عليه وسلم، صاحب العمل أن يوفّي العامل، الخادم والخادمة، أجره المكافئ لجُهده، دون ظُلم أو تأخير. الحذر من إيذائهم حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من إهانتهم أو ضربهم، أو الدعاء عليهم، من حقوق الخدم والعمال في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدم تكليفهم ما لا يُطيقون من العمل والشفقة بهم، بل والإنفاق والتصدق عليهم ومُساعدتهم فيما يُكلفون من أعمال. إن ظاهرة تعنيف العمالة أمر يجب عدم إنكاره وأمر واقع مع الأسف الشديد، يُفترض أن نكون أول الملتزمين والمتقيدين بهديه وإرشاداته في التعامل الإنساني مع كل بني البشر وخاصة من أتى ليخدمك ويقوم على شؤون مستلزمات بيتك، مصنعك، ورشتك..، بل بعضهم يترك كل شيء في المنزل على عاتق الخادمة حتى لا يتركها تأخذ قِسطاً من الراحة في وقت القيلولة أو في أي وقت آخر بل يظن بصلفه وعنجهيته أن هذا أو هذين المغلوبين على أمرهما مكائن تعمل بلا توقف، إن هذه العاملة قطعت المسافات البعيدة من أجل كسب العيش حتى تلقى كل هذا الجبروت والظُلم حتى يذهب بها إلى غسل سيارته وسيارات أبنائه بحجة أن المركبة في حرم المنزل ولا ينبغي للسائق إذا كان عنده سائق أن يدخل إلى حرم المنزل بزعمه عدم اختلاط السائق بالخادمة ويهون عليه تعذيب وتحميل الخادمة ما لا تُطيق، أمر فيه إجحاف وظُلم بحق هذه المسكينة والمغلوبة على أمرها، تركت الأهل والزوج طمعاً في الكسب الحلال ونصيبها يقودها عند هذا الذي جُرّد من الرحمة والإنسانية، الأكل حدِّث ولا حَرج تأكل بقايا الأكل وبطريقة غير لائقة يُفترض أن تحظى من نفس الأكل الذي يأكلونه، أمر في غاية الاستغراب؟، ألا يُدرك ويعرف ما توعده المولى عزّ وجل وما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن ظلم وحمّل العامل، العاملة فوق طاقتهما، قد يكون هذا التصرف الأرعن يقود الخادمة إلى عمل مكيدة (انتقام) جرّاء هذا الجور والاستبداد، الوعد عند جبّار السماوات والأرض إنه إنسان عديم الرحمة والمروءة وقد تبقى العاملة، السائق إلى وقت مُتأخر من الليل ولا يقف عند هذا الحد بل تأخذه نفسه الأمّارة بالسوء إلى إيقاظهما مُبكرين، العاملة تحضر وجبة الإفطار لأبنائه، وزوجته المصون في سُبات عميق، السائق لإيصال أبنائه ولم ينم إلاّ ساعات قليلة من الليل وهذا قد يؤدي إلى حادث مؤلم لا قدر الله، بسبب عدم أخذ كفايته من النوم. أين الرحمة والعطف والإنسانية ولا نغفل ظاهرة إبقاء الخادمة في المنزل وتقفيل عليها الشقة أو المنزل بحجة الخوف من هروبها، ألا تعلم بهذه الطريقة غير الحضارية والسامجة قد تكون لها ردة فِعل سيئة باستطاعتها عمل المُستحيل لكي تهرب من هذا الجحيم وبأي طريقة كانت وقد يكون لذلك تبعات خطيرة لكل ما ذكرناه آنفاً الانتقام والعياذُ بالله من أحد أفراد العائلة وقد يكون لها إفرازات وانعكاسات لا يُحمد عُقباها وبعدها لن ينفع البُكاء على اللبن المسكوب، عندما يقع الفأس على الرأس: يا أخي الكريم قد يحصل لا قدر الله حريق كيف تستطيع هذه المسكينة التصرف وبعدها يذهب الأخضر واليابس وقد تقول يا ريت إللي جرى ما كان وتعُض أصابع الندم. هناك فئة أُخرى لا تلتزم بدفع مُستحقات هؤلاء الضعفاء من رواتب شهرية يمضي الشهر والشهران وبعضهم أكثر، يا أخي ألم تسمع ولم تقرأ الوعيد الشديد من الهادي البشير (ورجل استأجر فاستوفى منه ولم يعطه أجره) رواه البخاري. هؤلاء جميعاً لديهم عوائل يصرفون عليها، ينتظرون هذا العائد وهذه الرواتب لكي يعيشوا عليها وهما الذين تركوا ديارهم وأولادهم وأزواجهم طلباً للرزق بغض النظر عن دياناتهم، فلنتقِ الله عزّ وجل قبل أن ينزل علينا عقاباً في الدنيا وقد يؤجله عزّ وجل ليومٍ تشخص فيه الأبصار فيلقى كل مُذنب ومُخطئ جزاءه الأوفى من رب العالمين، إن هذه المعاملات السيئة أياً كانت لا يقبلها صاحب لُبٍ وبصيرة ومن في قلبه ذرة من الإيمان. أرجو من الله عزّ وجل أن يهدي ضالنا ويُصلح لنا نفوسنا وأن نخاف الله سبحانه وتعالى في كل من يعمل لدينا وأن نتقي الله رب العالمين ونعود إلى طريق الحق والصواب إنه سميعٌ مُجيب وبالإجابة جدير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشاركة :