ليس واضحاً حتى الآن متى تنتهي «المعارك» الدائرة على مختلف الساحات من أجل تحقيق أفضل مستوى ممكن للنمو، لا شيء مضموناً في هذا الأمر، حتى في الاقتصادات التي بدأت فعلاً «تتنشق» هواء النمو، وخصوصاً تلك اليائسة من أجله بفعل انتخابات مستحقة هذا العام، كما سيحدث في الولايات المتحدة وبريطانيا، وانتخابات برلمانية مهمة في الاتحاد الأوروبي. ورغم عدم الوضوح بشأن مستويات الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الاقتصادات المحورية على الساحة الدولية، تمكنت في النهاية من البقاء خارج دائرة الركود، بما في ذلك الاقتصاد البريطاني الذي دخل وخرج عدة مرات، ولكن بسرعة لافتة، بمعنى آخر، انتهت التهديدات بشأن الركود أو الهبوط الناعم، الأمر الذي يحول التركيز إلى النمو الذي تلقى ضربات قوية عبر الموجة التضخمية العالمية، وبالطبع بفعل جائحة «كورونا» التي جمدته لفترة ليست قصيرة. العيون كلها تحدق في البنوك المركزية، التي أخذت بالفعل زمام المبادرة في العامين الماضيين بصورة لم تترك مجالاً حتى للسياسيين لاتخاذ قرارات مالية لا تقبلها، أو لا تستحسنها. واستطاعت تحقيق قفزات نوعية في مواجهة التضخم، الذي لا يزال حاضراً على الساحة بشكل أكثر «لطفاً» مما كان عليه في العامين الماضيين. ورغم أن التوقعات تشير إلى إمكانية قيام هذه البنوك بخفض الفائدة فيما تبقى من هذا العام، إلا أن ذلك ليس مضموناً، إذا ما حدثت أي انتكاسة في مسار أسعار المستهلكين، فحتى في الولايات المتحدة التي تحقق نتائج أفضل من كل النتائج التي حققتها بقية البلدان الغربية ذات الاقتصادات المشابهة، يرى المشرعون أن الضمانات بفائدة أقل قبل نهاية العام، ليست موجودة. لكن في النهاية تبقى الآمال بأن يتحقق النمو في الأشهر المقبلة، ولا بأس حتى لو كان قريباً من الصفر ناحية الأعلى، فمنطقة اليورو مثلاً، ستعد وصول النمو فيها إلى 0.8% نوعاً من الانتصار! أما بريطانيا الأكثر تأزماً في أوروبا عموماً، «ستحتفل» بنمو متوقع عند 0.3%، لماذا لأن البديل سيكون ركوداً لا تتحمله الحكومة الحالية التي تواجه واحدة من أكبر الهزائم الانتخابية وفق كل التوقعات. ويبقى الاقتصاد الأميركي في أفضل حال بنمو متوقع 2.2% في العام الجاري، حتى أن صندوق النقد الدولي عده من الاقتصادات القائدة للنمو العالمي. إنها مرحلة حساسة جداً، يختلط فيها الاقتصاد بالسياسة بقوة.
مشاركة :