ليس معنى أن تفعل ما تُحب أن تتعدى على حدود ما لا يُحبّه غيرك، بمعنىً آخر، ليس من المنطق أن تستمع إلى أغنية تحبها وسط جمع من الناس وبصوت مزعج وضجيج لا يُطاق، الأصل في ذلك أن تجلس في مكان هادئ يخصك وحدك وتستمع لما تحب في الوقت الذي يناسبك، وبمتعة عالية لا تؤذي فيها من حولك، وتشحن فيها طاقتك الإيجابية إذا كان هدفك من الاستماع الاستمتاع. وليس من المنطق مثلاً أن تجلس في جماعة وتنشغل عنهم بالحديث في هاتفك النقال، أو الجلوس في زاوية ما بعيداً عمن يشاركونك المجلس، أو أن تستحوذ على أحد الجالسين في حديث جانبي يُلفتهم نحوك، فمن آداب المجالس أن يحترم الحضور بعضهم، وألّا يتجاوز أحدهم حدود التعامل مع الآخرين أو يأتِ بسلوك ينفّر الأصدقاء منه. وبمناسبة المنخفضات الجوية الماطرة والتي تبدأ شدّتها كما تقول الأرصاد غداً، حيث يدخل على البلاد منخفض جديد يسمى الهدير، فإنه من الواجب عليك أن تلتزم وغيرك بالتنبيهات والتحذيرات الصادرة عن الجهات المعنية في الدولة في عدم الخروج من المنزل أثناء ذروة الحالة، وعدم المجازفة بعبور الوديان والدخول إلى الأماكن التي تغمرها المياه، فإن ما تفعله عندها هو أن تنصاع إلى تحقيق ما يُحبه غيرك لك، حرصاً على سلامتك، لا ما تُحبّه أنت، وهو الذي قد يعرض سلامتك للخطر. وهكذا نقيس أساليبنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا في الحياة التي نتشارك فيها مع الآخرين كل الأحداث والمواقف التي تمر بنا ويتلقاها كل فردٍ منّا بأسلوب وطريقة تختلف عن الآخر، ومن هنا ولأن الحياة شراكة مع الآخرين فأمر إنجاحها من الأهمية بحيث يحقق التناغم، ويضمن الانسجام، فتكون علاقاتنا الإنسانية قصيدة شعر، أو مقطوعة موسيقية هادئة مُنسابة تُشبه شروق الشمس عند صباح تطلُّ فيه على موجة تعانق الأرض، وتغازل السماء. مثل تلك الطرق المُثلى في التعامل كفيلة بأن تجعلك مَثار إعجاب أو تقليد فالمرء يقلّد السلوك الحسن، ويتمنى لو كان هو من قام بفعلهِ، لذا تأتي المحبة فوق كلّ شيء، لكنها مشروطة بعدم التعدي على ما يحبّه الآخرون، فليس بالضرورة أن يتفق كل الناس على أمرٍ واحد، أو سلوك معيّن، فالأصل في القاعدة التشارك في الحياة باحترام وتقدير ومحبة، وانتظامٍ في الفعل وما يتمخض عنه من نتائج. هكذا تكون حياتنا جميلة، مفعمة بالحركة، والانسيابية، تلك التي تجعلك تفعل ما تُحب، دون التعدّي على ما لا يُحبّه غيرك، ودمتم بخير.
مشاركة :