الرياض حسين الحربي بيَّن أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور الخضر عبدالباقي أن المحصول النهائي لجدلية الثقافة يشير إلى أنّ الثقافة تتكون من شقين: الأول، منظومة معنوية تتمثّل في الأبعاد المعرفية والفكرية، والثاني منظومة مادية تتمثّل في الأخلاق والسلوكيات، سواء تطابقت مع الأبعاد المعرفية لها أم تضاربت معها، مشيرًا إلى أن الدعوة إلى تجديد الثقافة إنما هي دعوة إلى تجديد الحياة أو جانب من الحياة. وركز الدكتور الخضر في محاضرة ألقاها في المقهى الثقافي لمركز حمد الجاسر الثقافي على الأبعاد الدلالية لكلمة الثقافة، والثقافة في القواميس والمعاجم اللغوية العربية، والعلاقة بين مدلول الثقافة في اللغة العربية والإنجليزية، وسرد مجموعة من تعريفات الثقافة لدى فلاسفة الغرب، وتعريفات لبعض المفكرين العرب كمالك بن نبي أنموذجًا. وأشار إلى أن الثقافة اكتساب إنساني عن طريق مفهوم التنشئة الثقافية، وأن الشخص يحصل على الثقافة باعتباره فرداً في المجتمع، فالحياة الاجتماعية تُصير صعبة ومستحيلة من غير العلاقات والتبادل والتواصل والتفاهم والممارسات المتبادلة التي يشارك فيها الأفراد والمجتمع جميعًا، موضحًا أن الثقافة حقل معقد تتمثل وحداته بما يطلق عليه الصفات أو السمات الثقافية، وتعددية العناصر المكونة للثقافة وتباينها في درجات الثقل والأوزان النسبية من معتقدات وأفكار وتوجهات واجتهادات بشرية، وفنون وآداب بمعنى أنها مزيج من الثابت والمتحول المقدّس وغير المقدّس، والطابع التراكمي التزايدي لهذه المكونات وليست في حالة جامدة، والاستقرار النسبي لبعض المكونات والعناصر المشكلة للثقافة. وأوضح أن الثقافة تتغير بتغير العوامل المكونة لها وتواصلها مع متغيرات جديدة، كالتغيرات البيئية في المجتمع التي تؤدي إلى تغير في ثقافتها كاشتهار بعض المناطق بالثليج والبرد وبعد فترة تصبح هذه الأماكن تعاني الجفاف والحرارة والدفء، مشيرًا إلى أن تغير ثقافة الهنود ترجع إلى تغير بيئتهم، فبدلاً من تناولهم للأحياء البحرية عادوا إلى النبات والحشرات والبذور. كذلك فإن الاتصال بالثقافات الأخرى ينتج عن أي ارتباط بين مجتمعين مختلفي الثقافة تحول فيهما إذ يأخذ كل منهما صفات وعادات من الآخر، وخاصة إذا كانت الصفة الجديدة التي يتم استخدامها أفضل من الأصلية والتقليدية ويطلق عليه الانتشار. كذلك فإن الاختراع مستحدثات الحياة هو صنع ابتداع وسيلة أو آلة جديدة، حولت هذه الاختراعات الثقافة الإنسانية مثل ذلك، مثل الطائرات والتلفاز الذي فتح الثقافات على بعضها والكمبيوتر والاختراعات كالنول الآلي والمحرك البخاري التي غيرت في حياة معيشة الناس. كما أشار إلى أن التطور الداخلي للثقافة قد يتغير من أسلوب جمع الطعام إلى الزراعة بسبب زيادة السكان والتضخم واختفاء الحيوان، مما يؤدي إلى التنظيم الاجتماعي المختلف الأمر الذي يفرز عديداً من التخصصات والفروع العلمية. وفي الختام أوضح أن الثقافة هي الحياة بكل ما تحمله كلمة الحياة من معنى، وهذا المفهوم المثالي والأكثر تعبيرًا عن الدلالة الحقيقية لما ترمز إليه كلمة الثقافة وهو الذي يأخذ بالحسبان ويختزل معظم تلك التعريفات السابقة؛ لذلك فإن الثقافة الأمريكية (حياة الأمريكان)، وكذلك الثقافة العربية هي (حياة الشعوب العربية) بتفاصيلها وتعقيدات المادية والمعنوية، لأن الحياة التي تحياها العرب في الفترة الحالية أو السابقة إنما هي تعبير وترجمة لرؤيتهم الثقافيـة. لذا فإن مصطلح الثقافة يوازي الحياة، فعندما نسأل ونتحدّث عن الثقافة السعودية، إنما نطلب المعرفة والمعلومات عن كيف يعيش السعوديون حياتهم بمختلف جوانبها، وقد نتخصص ونتعمق أكثر ونسأل عن الثقاقة الدينية في المملكة العربية السعودية، وبذلك نحن نطلب معلومات عن كيف رؤيتهم للدين وعن تطبيقاتهم لهذه الرؤية في حياتهم اليومية.
مشاركة :