فِي الحيَاة أَشياءٌ كَثيرة، تُنغِّص عَلينَا جَمَال حيَاتنا، وصَفَاء أوقَاتنا، ورَوعة لَحظاتنا، ولَن أُطيل فِي هَذه المُقدِّمة، بَل سأَدخُل إلَى المَوضوع مُبَاشرةً، حَتَّى نُعطي الفِكرة مَا تَستحق مِن الطَّرح والشَّرح..! المَشَاكِل نَوعَان: نَوعٌ صَغيرٌ تَافه، ونَوعٌ كَبيرٌ مُحزن، فهَل فَكَّرتَ فِي يَومٍ مِن الأيَّام؛ أيُّهما أكثَر وَجعًَا وأَلمًا وإزعَاجًا؟ أهي المُصيبَة الكُبرَى، أَم المُصيبَة الصُّغرَى..؟! أَعلَم أنَّ الأغلَبية ستَقول: إنَّ المُزعج هي المَصَائِب الكُبرَى، ولَكن عَامِل المَعرفة -وصَاحب القَلم المُتشرِّف بالكِتَابة لَكُم- يَرَى عَكس ذَلك.. إنَّني أَرَى أَنَّ المَصَائِب الصُّغرَى هي التي تُزعج، أمَّا المَصَائِب الكُبرَى -وإنْ كَانت مُزعجة- فهي فُرصَة للتَّأمُّل والتَّدبُّر، والإطرَاق والتَّفكُّر..! ولَو أَردنَا طَرح الأمثِلَة سأَقول لَكُم: تَأمَّلوا المُصيبة الكُبرَى.. إنَّها تَتمثَّل في خسَارة مَالية كَبيرة، أو مَوت قَريب أَو عَزيز، أَو شَيء مِن نَحو ذَلك، وهَذه الأمُور لَا تَحدُث؛ إلَّا كُلّ خَمْس سَنوَات، أَو عَشْر سَنوَات مَرَّة وَاحدة، وإذَا أَتَت، فهِي تُعطينا فُرصَة للتَّأمُّل والتَّفكُّر، فإذَا مَات قَريب لَك، بَدَأْتَ تُراجع نَفسك، وتَشعر بأنَّ هَذا مَصير كُلّ حَي، فـ»كُلّ مَن عَليهَا فَان ويَبقَى وَجه رَبُّك ذُو الجَلَال والإكرَام».. وإذَا خَسرتَ في مَالك، عَقدتَ مُؤتَمرًا صَحفيًّا بَينك وبَين نَفسك، لمُنَاقشة أسبَاب الخسَارة، وكَيف حَدَثَت..؟! مِن هُنَا أَقُول: إنَّ المَصَائِب الكَبيرَة تَأتي بفَوائدٍ كَثيرة.. أمَّا المَصَائِب الصَّغيرة فهي مُزعجة حَقًّا، ولَكَ أَنْ تَتخيَّل شَخصًا يَتّصل بِك كُلّ يَوم، ويَقول لَك: «كَيف حَالك»؟ أَو شَخصًا عِند الإشَارة يُزعجك باستعمَال البُوري؟ أَو شَخصًا يُصدر ضَحكات مُزعجة دَاخل المَقهَى؟ أَو إذَا انقَطَعت الميَاه عَن مَنزلك كُلّ صَبَاح؟.. إنَّ هَذه الأشيَاء البَسيطَة التَّافِهَة، هي المُزعجة حَقًّا، لأنَّها تَافِهَة ومُتعِبَة..!. حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ أُذكِّر بقَول الفَيلسوف «ريتشارد كارلسون»: (لَا تَهتَم بصَغَائِر الأمُور فكُلّ الأُمورِ صَغَائِر)..!!. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :