شيخة الجابري تكتب: كيف حدث ذلك؟

  • 5/13/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرة هي القضايا التي تشغل البال وتقلقهُ، من الأمور الشخصية أو الأسرية أو المجتمعية، تحيلني إلى تذكر مقولة كان يرددها كبارنا، وهي «ابن آدم ما دامه حي ما يرتاح»، وهي صحيحة، نعم فالعقلُ الذي لا يهدأ يُتعبُ صاحبه، بخاصة إن كان مشغولاً بأمور تتعلق بعلاقات شخصية وصداقات وارتباطات في هذا الزمان الذي عيبهُ يكمن في بنيهِ وليس فيه، فالذي يحترق من أجل الآخرين يذوي قبل أوانه، ولا يجد من يلتفتُ إليه، بمعنى آخر، وكما تقول إحدى الصديقات «محد درا بك يا اللي في الظلام تغامز». هكذا يمضي بنا العمر وتمر الأيام، يرهقنا ما نراه حولنا من تحولات أثّرت بشكل مباشر في حياة الإنسان ولم تعد تلك البساطة حولنا، ولا ذاك الترابط الذي يجعل الجار يخاف على جاره وأسرته فيحميها في غيابه ويهتم بالأبناء ويسد الخلل في غيابه، ولم يعد للجدة وحتى الأمهات القديرات دور في توجيه الأبناء أو تربيتهم، فقد أصبحت الأمهات موضة «جديمة»، رغم أن بعضهن يقرأ ويكتب ولديهن «واتساب، وسناب» وهواتف حديثة، لكن إنسان هذا الزمان تغيّر، كما تغيرت الظروف والمعطيات والتحديات كذلك. كان الإنسان في الزمن الماضي مستوراً، غير أن بعض أبناء هذا الزمان أصبحوا مكشوفين بشكل مقزّز، أصبحت المادة هي المحرك الرئيس، وهي سبب الحراك من حولنا، بينما كانت القيم والأخلاق هي المحرك في سنوات خلت، ويؤلمنا كثيراً عندما نقول الماضي، وهو ليس ماضياً بقدر ما هو بضع سنوات مضت وتركت الأثر المُريع إثر تراجعها، ففي الوقت الذي تظهر لنا نماذج إيجابية من حولنا ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يأتي من يقفز عليهم من الذين يسمونهم مؤثرين، والحقيقة أن بعضهم مدمرون، من «فاشلستات» ومن على شاكلتهن. تضج المحاكم في مواقع عديدة بقضايا يندى لها الجبين، أبطالها وبطلاتها أولئك الذين أصبحوا قدوات للأبناء في غياب الرقابة الأسرية، قضايا في غالبيتها تحريض على الفجور والفسق والتعري، محتويات أودت بحياة عديدين في دول مجاورة لنا، وهناك قضايا كثيرة لأفراد ربما يعرفهم أغلبنا واختفوا فجأة من ساحات التواصل الاجتماعي، لأنهم وقعوا فريسة تهورهم وتعديهم على مجتمعاتهم وعلى أفراد تلك المجتمعات بدعوى النقد، وهو ليس بنقدٍ، بقدر ما هو تجريح وفضحٌ لا يرضاه أحد. لذا، عقولنا مُتعبة مما نشاهد ونتابع في هذا الزمان «الأغبر»، كما يغني له أحد المطربين، بينما الزمن ليس أغبر، ولكن يبدو أن الضبابية التي تسود من حولنا جعلت حتى قصائد الشعراء مُرهقة، ومُتعبة وعاجزة عن البوح الجميل الذي تعودناه.

مشاركة :