ثمة حياة لآخرين أجمل - نجوى هاشم

  • 4/19/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أتوقف دائماً أمام السعداء.. تأسرني صورهم.. وصفاء ملامحهم.. أتوقف لأنني لا أجد تفسيراً ملائماً للحالة التي أمامي لشخص سعيد.. وهو لا يملك شيئاً.. وأتجاوز التفسير عادة.. لأنه سيتحول إلى متاهة وسيزيد الأمور تعقيداً.. أقصد أمور الفهم التي أحياناً كثيرة لا نفهمها.. امرأة بسيطة.. قابلتها منذ أيام ليس لديها شيء.. تعاني من متاعب صحية.. لا تملك سوى دخل الضمان الاجتماعي.. ذهبت لزيارتها والاطمئنان عليها.. كنت مكتئبة وكل الطرق التي تؤدي إليّ مغلقة.. من اتصالي بها واستئذانها في الزيارة مع والدتي.. شعرت ببعض المنافذ تتفتح داخلي.. صوتها المرحب.. والهادئ والمستكين داخل الرضا.. يمنح الأمان.. ويُهدئ المزاج.. في منزلها الذي يشع نظافة.. ورغم إجهادها وضعف صحتها وتعايشها مع مرض القلب وضعفه.. إلا أنها تحتويك باستقبالها.. بابتسامة وكأنها لوحة تفاؤل.. عليك أن تحتفظ بها داخلك.. وتعود لها كلما حاصرك بهتان اللحظة وما أكثرها من لحظات.. حديثها الجميل وذكرياتها مع والدتي.. وذلك الاستقبال المفعم بالكرم.. والشبع.. والسعادة بك.. شعرت وكأنني أتحلل من كآبتي.. تمتعت بسردها الرفيع للحكايات القديمة والحديثة.. تمنيت أنني لم أغادر منزلها والذي تحول بالنسبة لي لجهة اطمئنان كاملة.. لم أسألها لماذا تتوشحين بالسعادة؟ ولماذا أنتِ أسيرة للحظة الامتنان دائماً؟ تلك الليلة مضت ولكنها حملتني معها في داخلها ولم تتركني على الأقل لأيام.. ظللت أشعر وكأنّ تلك المرأة الجميلة ولحظاتها الأجمل التي عشتها هي المرفأ الذي أحتاجه.. وأستند إليه كلما ضاقت الأزمنة.. امرأة بسيطة محدودة الدخل.. لا تقرأ ولا تكتب.. ولكنها تتفهم الحياة وتعيشها بسعادة مفرطة تنقلها إليّ.. دون أن تعرف.. ومن هنا يتحدد مفهوم السعادة الذي في الغالب هو مفهوم متغير ومجهول.. ولا يمكن أن تحددّه ثروة أو رفاهية مفرطة.. أو تعليم متقدم أو ثقافة متزايدة..! لا يمكن لشخص أن يستوعب لماذا فلان سعيد رغم أنه لا يمتلك شيئاً وآخر تعيس رغم أنه يمتلك كل شيء؟ ولماذا ذلك الشخص البسيط يضحك من قلبه ولا يتوقف ليعدد متاعبه وآخر ليس لديه هموم حقيقية بل هموم المرفهين ويصر على إزعاجك بها؟ تقول هيلين كيلر "أبواب السعادة كثيرة ولكن أحياناً البشر يقفون عند الباب المغلق ولا ينتبهون إلى الأبواب الأخرى المفتوحة". نبدو وكأننا كذلك نختار الأبواب المغلقة ونقف أمامها وكأنها حزننا الأبدي الذي لا ينتهي.. ومن ثم ننغمس في دائرة من التعاسة بالاختيار دون استيعاب أنّ الحياة واحدة وليس لدينا حيوات أخرى..! ورغم أن فكرة السعادة وكيف لك أن تكون سعيداً فكرة مكررة إلا أنّ الخبراء والباحثين لم يتوقفوا عن مناقشتها وإصدار تقارير بشأنها.. ففي آخر تقرير نشرته النيويورك تايمز لبعض الخبراء عن السعادة توصلوا من خلاله لبعض النصائح وأوصوا بها باعتبارها مفتاحاً للسعادة: أولها: وكانت من أطول الدراسات الحديثة وقتاً هي تعلق السعادة بأسرتنا والأصدقاء والأزواج خاصة في العطلات.. حيث لابد من قضاء وقت أطول مع الأسرة والأصدقاء..! ثانياً: العدالة الاجتماعية تبعث على السعادة.. حيث آظهرت دراسة أن الدول الإسكندنافية هي أكثر الدول سعادة بسبب تحقيق العدالة في الأجور ومنظومة التأمين الاجتماعي الفعالة..! ثالثاً: العرفان بالجميل.. فمن كان شاكراً سيجد السعادة في كل شيء.. من لا يشكر الله لا يشكر الناس..! رابعاً: الصحة الجيدة.. العلاقة بين الصحة والسعادة معروفة ولكن أيهما أولاً.. الصحة تسبب السعادة أم العكس؟ خامساً.. السعادة مهمة جداً للأطفال.. فالسعداء منهم يتعلمون بسرعة ويكونون أكثر إبداعاً وصلابة في وجه الفشل ويكونون صداقات بسرعة..! سادساً.. لا تبالغ.. في إظهار سعادتك أو خلق جو من المرح بصورة مبالغة قد تصيب من حولك بالإحباط..! سابعاً.. لا تجعل البحث عن السعادة شغلك الشاغل.. لأن الجري وراء السعادة باستمرار قد لا يكون أمراً صحياً..! ثامناً.. إذا لم تنجح في تحقيق السعادة تظاهر بأنك سعيد..!! أخيراً.. يمكننا أن نكون سعداء إذا تجاوزنا تلك الأسوار الضبابية التي تحجب الضوء.. ولكن كم من الزمن نحتاج؟ وكم نحتاج لنبقى داخلها.. خاصة وأنها قد تتحول إلى نقطة أبعد من الهاوية..!!

مشاركة :