مُطَوَّعُ أُشَيقِرَ وَقَصِيدَتُه (1-2) - ا. عبدالعزيز القاضي

  • 6/19/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال (رَاعِي أُشَيْقر) ابْنُ عَبْدِالرَّحِيمِ التَّمِيمِيُّ (على البَحْرِ الهِلالِيِّ العرج): الَأيَّامِ ما خَلَّنْ أَحَدْ مَا كُوَنَّهْ ومِنْ لَا كُوَنَّهْ عَابِيَاتِ عْبَاهْ والبَيْتُ من قَصِيدَةٍ شَهِيرَةٍ قِيلَتْ قَبْلَ خَمْسَةِ قُرُونٍ تَقْرِيبًا، وارْتَبَطَتْ بِقِصَّةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ مُثِيرَة، فيها القَلِيلُ من الحَقِيقَةِ والكَثِيرُ من الخَيَال. كما أن نَصَّها المُتَنَاقَلُ يَخْتَلِفُ في تَرْتِيبِ أَبْيَاتِهِ وفي عَدَدِهَا عِنْدَ رُوَاتِها، ورُبَّمَا انْفَرَدَتْ كُلُّ رِوَايَةٍ منها بِأَبْيَاتٍ لَيْسَتْ في الرِّوَايَاتِ الأُخْرَى، وما هذا بِمُسْتَغْرَبٍ لأنها مُتَنَاقَلَةٌ شَفَهِيَّا. ومَطْلَعُها: يٍقُولُ التِّمِيمِي اَلِّذِي شَبِّ مِتْرَفْ مِدَى العُمْرِ ما شَا فِي زِمَانِهْ جَاهْ وهي من القَصَائِدِ الخَوَالِد، وقائِلُها يُلَقَّبُ بـ(مُطَوَّع أُشَيْقِرْ) ويُقَالُ له أَيْضًا (رَاعِي أُشَيْقِرْ). واسْمُهُ على أَرْجَحِ الأَقْوَالِ - وكُلُّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ - هو (ابْنُ عَبْدِالرَّحِيمِ التَّمِيمِيُّ)، ولا يُعْرَفُ اسْمُهُ الأَوَّلُ على اليَقِينِ، ولا أُسْرَتُهُ. تَرْجَمَ له الشَّاعِرُ البَاحِثُ الأسْتَاذ سُعُودُ بنُ عبدِالرَّحْمَنِ اليُوسُف(1) -رحمه الله- في كِتَابِهِ (أُشَيْقِر والشِّعْرُ العَامِّيّ)، وممّا قال عنه في تلك الترجمة(2): «رُغْمَ شُهْرَةِ هذا الشَّاعِرِ سَوَاءٌ من ناحِيَةِ قُوَّةِ شِعْرِهِ أو من خِلالِ قِصَّةِ زَوَاجِهِ التي كانَتْ ثَوْرَةً على تَقَالِيدِ المُجْتَمَعِ آنذاك، إلا أنَّ تَارِيخَ حَيَاتِهِ ووَفاتِهِ وأُسْرَتِهِ التي يَنْتَسِبُ إليها ما يَزَالُ سِرًّا مَجْهُولًا، ولم يكنْ له حَظٌّ من التَّدْوِينِ الصَّحِيحِ كما كان لِشِعْرِهِ. ومَعَ ذلك فإن هناك قَرَائِنَ اسْتَطَعْتُ باسْتِخْلَاصِهَا من شِعْرِهِ وبَعْضِ أَحْدَاثِ حَيَاتِهِ أنْ أَكْتُبَ له تَارِيخًا تقريبيًّا» ا.هـ قلت: ولا شَكَّ في أنَّ ما كَتَبَهُ سُعُودُ اليُوسُفُ عن الشَّاعِرِ هو - على قِصَرِهِ - من أَهَمِّ وأَوْسَعِ ما كُتب عن حياةِ الشَّاعِر. وعَمَلُهُ هذا خُطْوَةٌ مُهِمَّةٌ ومُفِيدَةٌ أَسْهمَتْ في فَتْحِ بَابِ البَحْثِ والتَّحْقِيقِ عن حَيَاةِ (مُطَوَّعِ أُشَيْقِرَ وشِعْرِه). ومما قالَ اليُوسُفُ في تلك الترجمة أيضًا(3): «عاشَ شاعِرُنا في بِدايَةِ القرنِ العاشِرِ بدليلِ أن أشْعَارَهُ كانت تَقْرِيبًا من اللَّوْنِ الهِلَالِي، ولم يَحِدْ عن ذلك إلا نادرًا». قلت: ويقصدُ بـ(اللَّوْنِ الهِلالِي) الشِّعْرَ ذا القافيةِ الواحدة. وليسَ في هذا دليلٌ على أنه عاشَ في أوَّلِ القرنِ العَاشِر، والشعر المُقَفّى بقافِيَةٍ واحدةٍ يُقال في كُلِّ عَصْر. والمُرَجَّحُ ما ذَكَرَهُ المُؤَرِّخُونَ، وآزَرَتْهُ بَعْضُ الوَثائِق، وهو أنه عاشَ في النِّصْفِ الثَّانِي من القرنِ العَاشِرِ الهِجْرِيّ، وتُوُفِّيَ في أَوَائِلِ الحادي عَشَر. وقد أَرَّخَ لِوَفاتِهِ المُؤَرِّخُ عبدالله بن محمد البسّام -رحمه الله- (ت 1346هـ) صَاحِبُ (تُحْفَةِ المُشْتَاق)، فقال مُعَرِّفًا به: «ابن عبدالرحيم من أَهْلِ أُشَيْقِرَ، من آل محمد من الوُهَبِة من تميم، وحِرْوَةْ زِمانُهْ في أوّلِ القرنِ الحادي عشر تقريبًا سنة 1010»(4). ومَعْنَى قَوْلِهِ (وحِرْوَةْ زِمَانُهْ): أي والظَّنُّ أنَّ وَفَاتَهُ. والحِرْوِة من التَّحَرِّي والتَّوَقُّع. كما أَرَّخَ لِوفَاتِهِ قاضي عُنَيْزَةَ المُؤَرِّخُ الشَّيْخُ صالح العثمان القاضي- رحمه الله- (ت 1351هـ) في (تَارِيخِ نَجْدِ وحَوَادِثِها ص92) فذَكَرَ أنَّهَا سنة 1015هـ. والشَّيْخُ صَالِحٌ كان في أَوَّلِ حَيَاتِهِ من المُهْتَمِّينِ بالشِّعْرِ والشُّعَرَاءِ، ونُقِلَتْ عنه بعضُ العِبارَاتِ التي تُفْصِحُ عن سَعَةِ اطِّلاعٍ، ودِقَّةِ فَهْم، كقَوْلِهِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالى (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُون) [49 الصَّافَّات]، مُمَثِّلًا: قال ابن لعبون (كِنّهن في كَنِّهِنّ بَيْضَ النَّعَام). كما نُقِلَ عنه قَوْلُهُ في شِعْرِ محمد العبدالله القاضي: لو كان الشِّعْرُ النَّبَطِيُّ يُسْتَشْهَدُ به على المَنَابِرِ لَاسْتَشْهَدْتُ بِشِعِرِه. وله أبياتٌ أرَّخَ فيها بعض الأحداث بـ(حساب الجُمَّل) مَرَّ بنا شيءٌ منها في حديثِنا عن الشّاعِرِ ابن دويرج. فهو ليس مؤرِّخًا فحَسْبُ، بل أديبٌ له عنايةٌ بالشِّعْرِ ولشُّعَراء. وذُكر اسْمُ عَبْدِالرَّحِيمِ في وَثِيقَةِ (تَقْسِيمِ أَسْهُمِ السَّقِي الخَاصَّةِ بِبِئْرِ البْدَيْ) في بلد أُشَيْقِرَ التي كتَبَها وأَثْبَتَهَا الشَّيْخُ بَدْرُ بن محمد بن بدر الوهيبي التميمي (ت 998هـ تقريبًا). كما وَرَدَ في إحدى المُشَّجَرَاتِ المَخْطُوطَةِ عن التَّفَرُّعَاتِ القَدِيمَةِ لِفَخْذِ آل أبي مِسْنِد من الوُهَبِة من تميم، ونُسِبَتْ إحدى الأَرَاضِي الزِّرَاعِيَّةِ بِأُشَيْقِرَ إلى عبدالرحيم في مَخْطُوطَةِ (دِيوَانِ تَثْمِينِ الأرَاضِي في أُشَيْقِر)، في القرنِ الثاني عشر، وهذا الديوانُ مَكْتُوبٌ - على الأَرْجَحِ - في القَرْنِ الحادي عَشَرَ الهِجْرِيِّ، ونَقَلَهُ الشَّيْخُ عثمانُ بنُ عَقِيلٍ السُّحَيْمِيُّ (ت 1182هـ)، والمُرَجَّحُ أن عبدَالرحيمِ المذكورَ هو والدُ الشَّاعِر(5). كما ورد اسْمُ عبدِالرَّحِيمِ في وَثِيقَةِ (إِثْبَاتِ سَقْيِ القِبْلِي في الرِّبِيعِيَّةِ) في أُشَيْقِر، المَكْتُوبَةِ في أوائلِ القرنِ الحادي عَشَرَ الهِجْرِيِّ على الرَّاجِح. وقد اكْتَنَفَ الأَخْبَارَ عن حَيَاةِ الشَّاعِرِ كَثِيرٌ من الضَّبَابِ والغُمُوض، حتى أنَّ اسْمَهُ وأُسْرَتَهُ لا يَزَالَانِ غَيْرَ مَعْرُوَفَينِ لدى رُوَاةِ الشِّعْرِ النَّبَطِيِّ ومُؤَرِّخِيه، وقد ذَكَرَ هذا اليُوسُفُ فيما نقلناه قبل قليل. وقال أيضا: إن ما يَتَنَاقَلُهُ النَّاسُ من أخبارٍ «عَنِ اسْمِهِ ونَسَبِهِ وعَصْرِه، ما هو إلا أَخْبَارٌ ظَنِّيَّةٌ غَيْرُ مُعْتَمَدَةٍ في تَحْدِيدِهَا الِافْتِرَاضِيِّ؛ لأنَّ المُؤَرِّخِينَ الذين أَرَّخُوا لِبَلْدَةِ أُشَيْقِرَ أَمْثَالَ ابنِ يوسُف وابنِ عيسى وابن بشر وابن غَنَّامٍ، لم يَتطَرَّقُوا إليهِ في شَيْء، رُغْمَ أَنَّ قِصَّةَ زَوَاجِهِ كانتْ تارِيخِيًّا أَهَمَّ مِنْ مَعْرَكَةٍ يَسْقُطُ فيها مِئَةُ قَتِيل، خَاصَّةً أَنَّهُمْ سَجَّلُوا أَحْدَاثًا أَقَلَّ شَأْنًا من أَحْدَاثِ حَيَاةِ ذلك الشَّاعِر. وهذا يَدُلُّ على أنَّ هُناك إِخْفَاءً مُتَعَمَّدًا لِتَارِيخِ وحَيَاةِ ذلك الشَّاعِرِ مِمَّنْ عاصَرُوهُ ونَقَلُوا أَخْبَارَ ذلك العَصْر»(6). قُلْتُ: أَمَّا عَصْرُهُ فقد تَضَافَرَتِ بَعْضُ الشَّوَاهِدِ على تَحْدِيدِهِ كما وضَّحْناهُ قبل قليل. وأما أنَّ هُناك إِخَفَاءً مُتَعَمَّدًا لتَارِيخِ وحَيَاةِ الشَّاعِرِ، فلا دَلِيلَ صَرِيحًا عليه ولا على ما يُشِيرُ إليه. وكَيْفَ تُخْفَى مِثْلُ هذهِ القِصَّةِ والنَّاسُ مَفْطُورُونَ على تَتَبُّعِ الأَخْبَارِ المُثِيرَةِ من أَمْثَالِها، وعلى الإِسْرَاعِ في نَشْرِها؟ إنَّ غِيَابَ مثلِ هذه الأخبارِ عن التَّوْثِيقِ يُعُودُ لأسبابٍ أُخْرَى ليس منها - فيما نَرَى - الإخْفَاءُ المُتَعَمَّدُ كما يَرَى اليُوسُف، خُصُوصًا أَنَّ زَمَن َالشَّاعِرِ بَعِيدٌ جِدًّا. ولَمْ يُسَجَّلْ - وِفْقَ ما أَعْلَمُ - مِنَ الأخبارِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ في أُشَيْقِرَ وفي غيرها من بُلدانِ نجدٍ في القُرُونِ المَاضِيَةِ، ولا عَنْ حَيَاةِ الشُّعَراءِ فيها، إلا القَلِيلُ النَّادِر. ولا يَغِيبُ عنِ الذِّهْنِ العَامِلُ الزَّمَنِي، فالشّاعِرُ كما رأينا عاشَ مُعْظَمَ حَيَاتِهِ في القَرْنِ العَاشِرِ، وخَبَرُهُ وَصَلَ إِلَيْنَا عَنْ طَرِيقِ الرِّوَايَةِ الشَّفَهِيَّةِ فقط، والتَّدْوِينُ التَّارِيخِيُّ في نَجْدٍ لم يَظْهَرْ إلا بَعْدَ وَفَاةِ الشَّاعِر. وهذا كُلُّهُ من أَهَمِّ الأسبابِ التي أَدَّتْ إلى كُلِّ هذا الغَبَشِ حَوْلَ حياتِهِوحَوْلَ قَصِيدتِه. وأما أنَّ المُؤَرِّخِينَ سَكَتُوا عنه بِسَبِبِ الرَّغْبَةِ في دَفْنِهِ وإِخْفَائِهِ كما يُلَمِّح اليوسُف، فلا نَظُنُّ الأمرَ كذلك، لأنَّ مِثْلَ هذه الأخبارِ وإنْ كانتْ مُؤَثِّرَةً في المُجْتَمَعِ النَّجْدِيِّ وَقْتَ حُدُوثِها، لَيْسَتْ دَاخِلَةً في دَائِرَةِ اهتمامِ مُؤَرِّخِي نَجْدٍ، لأنَّ اهْتِمَاماتِهِمْ وعِنَايَتَهُمْ كانت مُتَوَجِّهَةً إلى ما له آثارٌ عَامَّةٌ على حَيَاةِ النَّاس، كأخبارِ النِّزَاعاتِ السياسيّةِ، والحُرُوبِ، ووَفَيَاتِ الأَعْيَان، والأمطارِ، وحَالَاتِ الخِصْبِ والجَدْب، والأَمْرَاضِ والأوبِئَةِ، وأَخْبَارِ غَرْسِ النَّخِيلِ، وحَفْرِ الآبارِ وغير ذلك. أما توثيقُ الشِّعْرِ والترجمةُ للشُّعَرَاءِ، وتَسْجِيلُ الحَوَادِثِ والأَخْبَارِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الشَّاذَّةِ وغَيْرِهَا، فأُمُورٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَنَايَةٌ بِهَا ولا اهْتِمَام. ومِثْلُ هذه الأخبارِ التي يَرَى اليُوسُفُ أنَّها (أَهَمُّ من مَعْرَكَةٍ يَسْقُطُ فيها مِئَةُ قَتِيلٍ، لأنها تُمَثِّلُ ثَوْرَةً على العَادَاتِ والتَقَالِيدِ)؛ لا يَرَاها الجَمِيعُ كذلك، لأنها أخبارٌ فَرْدِيَّةٌ ليس لها تَأْثِيرٌ على حَيَاةِ عامَّةِ النَّاس. ولَعَلَّهُ َباَلَغ في تَقْدِيرِ أَهِمِّيَتِهَا. وهذه القِصَّةُ لَيْسَتْ حَدَثًا فَرِيدًا نَادِرًا بل حَدَثَ أَمْثَالُهَا في أَمْكِنَةٍ وأَزْمِنَةٍ مُخْتَلِفَة، وتَحْدُثُ اليومَ وسَتَحدُثُ غدًا؛ فهِيَ قَضِيَّةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، والقَضَايَا الإِنْسَانِيَّةُ تَتَكَرَّرُ في كُلِّ زَمَان. وهذه القَضِيَّةُ دَافِعُهَا فَرْدِيٌّ شَخْصِيّ، ولَيْسَتِ الثَّوْرَةُ على (التَقَالِيدِ) هِيَ هَدَفَها وغَايَتَهَا، وإنِّمَا اعْتَرَضَتْ التَقَالِيدِ طَرِيقَ أَبْطَالِها فنَبَذُوهَا. وعَوْدًا إلى اسْمِ الشَّاعِرِ أَقُوُلُ ذَكَرَ سُعُودُ اليُوسُف (ص20) الخِلَافَ في اسْمِه، وذَكَرَ أَنَّهُ: «عُرِفَ عند عَامَةِ النَّاسِ باسْمِ (ابن عبدالرحيم) وإن كان هناك من يُسَمِّيهِ (عبدالرحيم) ولكنَّ اسْمَ وَالِدهِ ظَلَّ مَجْهُولًا، وإنْ ذَهَبَ كَثِيرٌ من العَامَّةِ إلى تَسْمِيَتِهِ (محمد بن عبدالرحمن) ونَسَبَهُ آخَرُونَ إلى بَعْضِ الأُسَرِ المَشْهُورَةِ في بَلْدَةِ أُشَيْقِر». قلت: وكَتَبَ الشَّيْخُ عثمان بن عبدالرحمن أبا حسين، إَمَامُ مَسْجِدِ الشَّمَالِ في أُشَيْقِرَ، المُتَوَفَّى سنة 1417هـ اسْمَ الشَّاعِرِ في تَقْدِيمِ قَصِيدَتِهِ التي كَتَبَهَا سنةَ 1370هـ(7) فقال: (مما قال مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالرَّحِيمِ التَّمِيمِيُّ المُلَقَّبُ أَبَا مِسْنِد)، فسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، وذَكَرَ أَنَّهُ يُلَقَّبُ (أَبَا مِسْنِد). وجاء في بَعْضِ نُسَخِ مُدَوَّنَةِ جَبْرِ بنِ جَبْرٍ ما نَصُّهُ: «ووُهَبَة أُشَيْقِرْ مِنْ بَنِي تَمِيم، قال ابن عبدالرحيم من أَهَلْ أُشَيْقِر: يُقُولَ التِّمِيمِي الذِي رَدّ في الصِّبَا/ ضَمَايَاهِ من بَعْدَ الصِّدِيرِ حْيَامْ»(8). وذكر سُعُودُ اليُوسُف (أُشَيْقِرُ والشِّعْرُ العَامِّيُّ ص20 الهامش رقم 1) أَنَّ من الناسِ من يَنْسُبُ الشَّاعِرَ إلى أُسْرَةِ (أَبَا حسين) المَعْرُوفَة، لكنَّهُ نَفَى هذا لأنَّ لَقَبَ (أبا حسين) كما يَقُولُ لمْ تُشْتَهَرْ به الأسْرَةُ إلا مَعَ نِهَايَةِ القَرْنِ العَاشِرِ أو بِدَايَةِ الحَادِي عَشَر. وقد سَأَلْتُ اليوسُفَ- رحمه الله- في مَنْزِلي عن هذا مُشافَهَةً قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَشْهُرٍ قَلِيلَة، فَكَرَّرَ النَّفْيَ وأَكَّدَه. فقُلْتُ له: لَكِنَّ عَدَمَ تَسَمِّي الأُسْرَةِ بهذا الِاسْمِ في ذلك الوَقْتُ لا يَلْزَمُ منه عَدَمُ وُجُودِهَا، ولا يَقْطَعُ بِعَدَمِ انْتِسَابِ الشَّاعِرِ إليها. لكنَّ الوَقْتَ لم يَكُنْ يَسْمُح بالمُنَاقَشَةِ، فأجّلناها إلى وقتٍ أَفْسَحَ، ثم تُوُفِّيَ -رحمه الله- بَعْدَ ذلك بأَشْهُرٍ قَلِيلَة. كما نَفَى أن يَكُونَ الشَّاعِرُ من آل أبامِسْنِد نِسْبَةً إلى أُسْرَةِ المِسْنِد التميمية المعروفة، وقال (أشيقر والشعر العامي ص20 الهامش1): «لا يُوجَدُ أَسَاسٌ لذلك، وكانَ أَقْدَمُ شَخْصٍ عَثَرْنَا على اسْمِهِ وهو يَحْمِلُ لَقَبَ (أبا مسند) هو أحمد بن محمد بن أبي مِسْنِد وقد عاش في سنة 1018 تَقْرِيبًا،هي تَارِيخٌ مُتَأَخِّرٌ كثيرًا عن عَصْرِ هذا الشَّاعِرِ مما يُؤَكِّدُ عَدَمَ انْتِسَابِهِ لِهَذِهِ الأُسْرَة»(9). قُلْت: ومَرَّ بنا قَبْلَ قَلِيلٍ أنّ اسْمَ (عبدالرحيم) ورد في إحدى المُشَجَّراتِ المَخْطُوطَةِ عن التَّفَرُّعَاتِ القَدِيمَةِ لِفَخْذِ آل أبي مِسْنِد. كما رفضَ اليُوسُفُ أن يكونَ لَقَبُ (المُطَوَّع) أُطْلِقَ على الشَّاعِرِ لأنه كان إِمَامَ مَسْجِد، فقال (أشيقر والشعر العامِّيّ ص21): «أَرْفُضُ أنْ يكونَ لَقَبُ المُطَوَّعِ غَلَبَ عليهِ لأنَّهُ كان رَجُلَ عِلْمٍ وإمَامًا لأَحَدِ المَسَاجِد، وذلك لأن سِيرَتَهُ من خِلالِ أَشْعَارِهِ تُخْرِجُهُ عن النِّطَاق، وتُبْقِيهِ رَجُلًا عَادِيًّا كان للعِشْقِ في حَيَاتِهِ دَوْرٌ كَبِير». وكان قد فَسَّرَ تَلْقِيبَهُ بـ(المُطَوَّع) بقوله (ص21): «وقد يكونُ ذلك بِسَبَبِ مَعْرِفَتِهِ للقِرَاءَةِ والكِتَابَةِ في عَهْدٍ كان الجَهْلُ سِمَتَهُ الغَالِبَة، بدَلِيلِ أَنَّهُ قامَ بكِتَابَةِ قَصِيدَتِهِ ... على عَبَاءَتِهِ بِدَمِ الظَّبِي الذي ذَبَحَهُ إِخْوَتُهُ ُأمَامَ عَيْنَيِهِ في نُفُودِ الدَّهْنَاءِ قُرْبَ بَلْدَةِ الأَرْطَاوِيَّةِ حَالِيًّا، وهو يُعرف بِنَقَا المُطَوَّع». وهكذا فإنَّ كلَّ الأخبارِ المُتَنَاقَلَةِ عن اسْمِ الشَّاعِرِ ولَقَبِهِ وأُسْرَتِهِ وعَصْرِهِ ومُنَاسَبَةِ قَصِيدَتِهِ وغَيْرها، هي كما يَقُولُ سُعُودُ اليُوسُفُ (أَخْبَارٌ ظَنِّيَّةٌ). وكما ذَكَرْنَا من قَبْلُ فإنَّ فيها الكَثِيرَ من الخَيَالِ والقَلِيلَ من الحَقِيقَةِ، وتكادُ تَنْحَصِرُ (الحَقِيقَةُ) في وُجُودِ القَصِيدَةِ وحدها ونِسْبَتِها إليه، على اخْتِلافٍ في اسْمِهِ واخْتِلافٍ كَبِيرٍ أَيْضًا في بَعْضِ أَبْيَاتِها وفي عَدَدِهَا، أما قِصَّةُ الزَّوَاجِ فَمُسْتَفِيضَةٌ، والِاسْتِفَاضَةُ لا يَرُدُّها رَأْيٌ لا يَسْتَنِدُ على دَلِيلٍ قَاطِع. لذلك فإنَّنَا نَعْجَبُ من أَحْكَامِ اليُوسُفِ القَاطِعَة، وإِصْرَارِهِ على النَّفْيِ فيما يَتَعَّلُق بِأُسْرَةِ الشَّاعِرِ وبِلَقَبِهِ، وتَقْدِيمِ تَعْلِيلاتٍ لِلرَّفْضِ لا تَتَّكِئُ على أَسَاسٍ مَتِين! وإذا كانَ رَفْضُ انْتِسَابِ الشَّاعِرِ إلى أُسْرَةٍ مِنَ الأُسَرَ بِلا دَلِيلٍ قد يَكُونُ مَفْهُومًا وإن يَكُنْ غَيْرَ عِلْمِيٍّ، فإنَّنَا لا نَجِدُ في رَفْضِهِ تَفْسِيرَ لَقَبِ (المُطَوَّع) بأنه كان طَالِبَ عِلْمٍ أو إِمَامَ مَسْجِدٍ؛ ما يُبَرِّرُهُ، ولا نَجِدُ لهذا التَّكَلُّفِ في تَفْسِيرِ هذا اللَّقَبِ بـ(مَعْرِفَتِهِ للقِرَاءَةِ والكِتَابَةِ في عَهْدٍ كانَ الجَهْلُ سِمَتَهُ الغَالِبَةَ) ما يُوجِبُ كُلَّ هذا التَّحَفُّظ. فهَلِ (الطُّوعُ) وهو التَّدَيُّنُ، سُلُوكٌ يُنافِي (الشِّعْرَ) ويُنَاقِضُ (العِشْقَ)؟ وهل هما من العُيُوبِ والرَّذَائِل؟ وهل (المُطَوَّعُ) مَعْصُومٌ منهما! قال الشاعر محمد الصالح القاضي (ت 1289هـ): لا عادِ عَيْنِي في هَوَى البِيضِ مُغْرَاتْ طَرْدَ الهَوى وِشْ بُهْ مِنَ العايِبَاتِي؟ لو كان الشَّاعِرُ من بَلَدٍ غَيْرِ أُشَيْقِرَ، وفي زَمَنٍ غَيْرِ القَرْنِ العَاشِرِ والحَادِي عَشَرَ، لَقَبِلْنَا - شَكْلًا - تَفْسِيرَ اللَّقَبِ بِأَنَّهُ يَعْنِي القِرَاءَةَ والكِتَابَةَ. لكنَّ أُشَيْقِرَ منذُ القَرْنِ العَاشِرِ الهِجْرِي أو قَبْلَهُ بقَلِيلٍ حتى قِيَامِ الدَّعْوَةِ الإصْلاحِيَّةِ مُنْتَصَفَ القَرْنِ الثَّاني عَشَرَ الهِجْرِيّ، كانَتْ هِيَ (منَارَةَ العِلْمِ في نَجْد) وكانَتْ تُصَدِّرُ (العُلَمَاءَ والقُضَاةَ) إلى البُلْدَانِ والمَنَاطِقِ الأُخْرَى، وكَثِيرٌ من أَهْلِهَا كانُوا يَعْرِفوُن القِرَاءَةَ والكِتَابَة. ولَقَبُ (المُطَوَّع) كان يُطْلَقُ في نَجْدٍ حتى وَقْتٍ قَرِيبٍ على طَالِبِ العِلْم، وعلى العَابِدِ، والزَّاهِد. أما العَالِمُ والقَاضِي فيُلَقَّبَانِ بـ(الشَّيْخ). ولو كانَ الشَّاعِرُ إِنَّمَا لُقِّبَ بـ(المُطَوَّع) لأنَّهُ كانَ يُجِيدُ الكِتَابَةَ والقِرَاءَةَ، وهذا يُوحِي بأنَّهُ الوَحِيدُ أو واحدٌ من قِلَّةٍ قَلِيلَة يُجِيدُونَهُمَا؛ لو كان في مُجْتَمَعٍ جَاهِل لرُبَّمَا وَصَلَ إلينا بَعْضُ الوَثَائِقِ بِخَطِّهِ أَصَالَةً أو تَجْدِيدًا أو نَقْلًا أو إشارةً، كما وَصَلَتْ إلينا بخَطِّ غَيْرِهِ، وهذا ما لَمْ يَحْدُث، فهذا (دِيوَانُ الصُّوَّامِ في أُشَيْقِرَ) وهو مَجْمُوعٌ دُوِّنَتْ فيه الوَثَائِقُ القَدِيمَةُ المَكْتُوبَةُ في أُشَيْقِرَ، وهذا (مَجْمُوعُ ابن عيسى)، وهذه وَثَائِقُ أُشَيْقِرَ والوَشْمِ وسُدَيْرَ الخاصَّةُ والعامَّةُ، لا تَجِدُ فيها وَثِيقَةً وَاحِدَةً مَكْتُوبَةً في القَرْنِ العَاشِرِ أو الحادي عَشَرَ في أُشَيْقِرَ، كَاتِبُهَا رَجُلٌ اسْمُهُ (ابن عبدالرحيم) أو (عبدالرحيم). أما قِصَّةُ ذَبْحِ الظَّبِي في سِينَارْيُو القَصةِ، وكِتَابَةُ القَصِيدَةِ بِدَمِهِ، فَـ(خَبَرٌ ظَنِّيٌّ) أيضًا دَاخِلٌ في بَقِيَّةِ الأَخْبَارِ الظنِّيّةِ التي أشار إليها اليوسف، ولا يَقُومُ دَلِيلًا على نَفْيِ اللَّقَبِ. وقد وَرَدَ ذِكْرُ الغَزَالِ في القَصِيدَةِ لكنْ لَمْ يَرِدْ فيها شَيْءٌ عن (كِتَابَةِ القَصِيدَةِ بدَمِه)، ونَظُنَّ أنَّ هذه الفِكْرَةَ صَنَعَتْهَا مُخَيِّلَةُ الرَّاوِي بِوَحْيٍ مما وَرَدَ في القَصِيدَة. ولا يَعْنِي هذا -ولا يُلْزِمُ أَيْضًا- أَنَّنَا نُثْبِتُ ما نَفَاهُ اليُوسُف، كَلّا، وإنَّمَا غَايَتُنَا هي نَفْضُ هذِهِ الأَخْبَارِ ومُناقشَتُها ومُعَايَرَتُهَا بمَعَايِيرِ المَنْهجَ ِالعِلْمِيِّ. وكلُّ ما لا دَلِيلَ قاطِعًا على إِثْبَاتِهِ أو نَفْيه، يَقْتَضِي المَنْهَجُ التَّوَقُّفَ عِنْدَهُ، دُونَ الحُكْمِ عليه بِتَأْيِيدٍ قَطْعِيٍّ أو رَفْضٍ قَطْعِيٍّ، ولا بَأْسَ في إِبْدَاءِ الرَّأْيِ والتَّرْجِيحِ بِنَاءً على قَرَائِنَ أو شَوَاهِد، هذا هو المَنْهَجُ. ومن يَتَتَبَّعْ ما قِيل َفي هَذِهِ القَضَايَا الخَاصَّةِ بالقَصِيدَةِ والشَّاعِرِ، وفي تَوْجِيهِ مُنَاسَبَةِ القَصِيدَةِ يَلْمَحْ مُحَاوَلاتٍ جَادَّةً، مقصودَةً أو غيرَ مقصُودَةٍ، لِتَلْفِيقِ (رِوَايَةٍ تَوْفِيقِيَّةٍ مُرِيحَةٍ) لمُناسَبَتِهَا، وقَصْرِ الإِثَارةِ فيها على الجَانِبِ الخَيَالي. وكِتَابَةُ التَّارِيخِ بهذا الأُسْلُوبِ (تَزْيِيفٌ لِلتَّارِيخِ) وإِنْ كَانَ يَتِمُّ بِحُسْنِ نِيَّة. أما القَصِيدَةُ فقد وَرَدَتْ في عَدَدٍ من مَخْطُوطَاتِ الشِّعْرِ النَّبَطِيِّ، منها على سَبِيلِ المِثَالِ: مَخْطُوطَةِ شَارْلْ هُوبَيْر (ت 1301هـ-1884م)، وأَصْلُهَا في مَكْتَبَةِ جَامِعَةِ ستراسبورغ بفرنسا، المجموع رقم (1238)، ق40. ولها أيضا نُسْخَةٌ في 3 وَرَقَاتٍ بخَطِّ الشَّيْخِ عثمان أبا حسين، سنة 1370هـ وهي المُشَارُ إليها قبل قليل، وعَدَدُ أَبْيَاتِهَا 55 بيتًا. كما أَوْرَدَهَا محمد بن عبدالرحمن اليحيى، في مخْطُوطَةِ (لُبَابِ الأَفكْاَر في غَرَائِبِ الأَشْعَار)، 734-2. وهي مَنْشُورَةٌ في عَدَدٍ من المَرَاجِعِ يَطُولُ ذِكْرُهَا، منها على سَبِيلِ المِثَالِ: كِتَابُ (من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية) من تأليف منديل بن محمد الفهيد (دار اليمامة، الرياض، ط1، 1398هـ-1978م، ج1، ص200)، وعددُ أبياتها فيه 41 بيْتًا(10)، و(أشيقر والشعر العامي) لـ سعود بن عبدالرحمن اليوسف، ص24(11)، وعدد أبياتها فيه 61 بيتًا. ووردت أيضا في مَجْمُوعِ الرِّبِيعِي المخطوط(12)، وعدد أبياتها عنده 59 بيتًا، وسَنَنْشُرُ صُورَتَهَا بِخَطِّهِ في نِهَايَةِ هذا الحَدِيث. ولا نَعْلَمُ متى سَجَّلَهَا في مَجْمُوعِهِ، لكِنَّنَا نَعْرِفُ أنه ابْتَدَأَ تَدْوِينِ القَصَائِدِ في مَجَامِيعِه من بعد وفَاةِ والِدِهِ -رحمه الله- سنة 1346هـ حتى وفاتِهِ هو -رحمه الله- سنة 1402هـ، وربما كان يُدَوِّنُ قبل ذلك. والمُلاحظُ أن القَصِيدَةَ عنده جاءتْ أَكْثَرَ تَمَاسُكًا في التَّسَلْسُلِ والأَحْدَاثِ -نِسْبِيًّا- منها في الرِّوَايَات الأخرى، وانْفَرَدَتْ بِأَبْيَاتٍ صَرِيحَةٍ لها ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بالقِصَّةِ المُتَدَاوَلَةِ في مُنَاسَبَتِها كما سَيَأْتِي. وما هذا بِمُسْتَغْرَب، فهو شَاعِرٌ فَحْلٌ، ورَاوِيَةٌ ثَبْتٌ، وناقدٌ بَصِيرٌ أيضًا، فلا تَكَادُ تَجِدُ فيما يُدَوِّنُهُ من القَصَائِدِ بَيْتًا مُخْتَلّا في الوزنِ؛ أو أبياتًا غَيْرَ مُتَوَازِنَة. الهوامش: (1) الأستاذ سعود بن عبدالرحمن اليوسف من الوهبة من تميم، وهو من شعراء أشيقر. ولد عام 1371هـ وتوفي -رحمه الله- في 13-2-1443هـ. شاعر نظم ومحاورة، وشعره متين محكم، وهو أيضا باحث له عدد من المؤلفات العلمية والأدبية، منها (شعراء من الوشم) و(ديوان الحدائق الشعرية) و(من آثار علماء أشيقر) و(دائرة المعارف الأشيقرية). كما أشرف على الطبعة الثالثة من كتاب (أربح البضاعة في معتقد أهل السنة والجماعة) التي جمعها الشيخ علي بن سليمان آل يوسف (توفي في 9-12-1337هـ) وله ترجمة كتبها أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في كتاب (أشيقر والشعر العامي ص319). (2) أشيقر والشعر العامي، أعده وعرّف بشعرائه سعود بن عبدالرحمن اليوسف، دار الصميعي للنشر والتوزيع - الرياض، ط1 1416هـ 1995م ص20. (3) أشيقر والشعر العامي ص20. (4) ورد هذا في مخطوطة بخطّ يده منشورة في كتاب (الوُهَبَة التّميميون نسبهم وعشائرهم)، لعبد الله بن بسَّام البسيمي، و أ.د. خالد بن علي الوزَّان، وهو لا يزال تحت الإعداد وقت كتابة هذه السطور في 26-2-1445هـ.زودني بمحتواها وبما كُتب عن الشاعر في هذا الكتاب، الشيخ عبدالله بن بسّام البسيمي. (5) من مسودة كتاب (الوُهَبَة التّميميون نسبهم وعشائرهم). (6) أشيقر والشعر العامي ص20 الحاشية رقم (1). (7) انظر القصيدة بخط الشيخ عثمان بن عبدالرحمن أباحسين في ذيل هذه السياحة. (8) انظر: الوزان والبسيمي: (مدونة جبر بن جبر في الأنساب)، مجلة الدارة، ع4، س34، 1429هـ، ص15 و33. (9) قوله (يُؤَكِّدُ) نتيجة اعتمدها لأنه أبناها على مُقَدِّمَةٍ افْتِرَاضِيَّةٍ، وهي قوله فيما نقلناه في المَتْنِ قبل قليل: «عاشَ شاعِرُنا في بِدايَةِ القرنِ العاشِرِ بدليلِ أن أشْعَارَهُ كانت تَقْرِيبًا من اللَّوْنِ الهِلَالِي، ولم يَحِدْ عن ذلك إلا نادرًا». فهذا الدليلُ الذي بنى عليه الحُكْمَ بأنه عاش في بداية القرن العاشر، لا يصْمُدُ أمام الحقيقة، وهي أن اللون الهلالي وهو (الشعر ذو القافية الواحدة) ليس من خصائص الشعر قبل القرن العاشر، بل هو نَمَطٌ موجود في كل القرون اللاحقة إلى اليوم. وبناء النتائج القاطعة على مقدماتٍ افتراضية خللٌ منهجيٌّ يقع فيه كثير من الباحثين. (10) ذكر في تقديمها أن اسمه عبدالرحيم المطوّع التميمي، وأنه تزوج بنت صائغ سِرًّا وأنَّه رُزق منها بولد، وأن صديقة زوجته أشارت عليها بإشاعة الخبر فأشاعته، فلما علم أهله غضبوا وقرَّروا أن يخرجوا للبرّيَّة وهو معهم فيُخَيِّرُوهُ بين تطليقها أو قتله، وعندما نزلوا عند النِّقا (الكثيب) المعروف وجدوا غزالا نائما فأمسكوه، فلما شاهده تذكر أوصاف زوجته، فلما أخبروه بخبرهم قال لهم أمهلوني لأستخير، فصعد إلى أعلى النِّقا وكتب القصيدة، ثم عضَّ إبهامه فمات جزعا وقهرًا. (11) منقول بتصرف من مسوّدة كتاب (الوُهَبَة التّميميون نسبهم وعشائرهم) من إعداد أ.د. خالد بن علي الوزان وأ. عبدالله بن بسّام البسيمي، وهو لا يزال (تحت الإعداد). (12) جاء في تقديمها: «مما قال عبدالرحيم التميمي لمّا حدُّوه إخوانه على طلاق زوجته لأنَّهْ ما هيب أصيلة، وقالوا طلقها وإلا قتلناك، اختر. وأنشد هذه القصيدة، فلما خلص منها رمى نفسه من النقا فمات».

مشاركة :