المعروف والإحسان | محمد بشير كردي

  • 4/22/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من هدي قرآننا الكريم في مجال العلاقات الزوجيَّة قاعدة (المعروف والإحسان)؛ «إمساك بمعروف أو تفريق بإحسان»، إذ قد تصل العلاقة بين زوجين تشاركا معًا لبناء أسرة متحابَّة إلى طريقٍ مسدود لا عودة فيه للوئام. فيكون التفريق بينهما بالإحسان أفضل بعد أن أخفق المعروف بإعادة الوصال إليهما. وبالقياس، تطبَّق هذه القاعدة على العلاقات بين الأفراد في مجالات التعاون والشراكة. فالاتفاق بين الشركاء على عملٍ ما، كتجارة أو زراعة أو صناعة، الرغبة الأساس فيه أن يتكلَّل مشروعهم بالنجاح، ويُحقِّق المتشاركون مكسبًا لتحسين وضعهم المالي والاجتماعي! فإذا ما توقَّف مشروعهم عن السير قُدُمًا، وجب عليهم فكَّ الارتباط بالمعروف، صيانَةً للودِّ وحسن العلاقة. ويتَّسع مجال تطبيق هذه القاعدة ليشمل السياسيِّين وقادة الفكر والرأي في المجتمع الواحد، وكلُّ منهم يطمع في قيام مجتمع العدل والكفاية والمساواة، طارحًا رؤيته على الجماهير أملًا في حشدهم إلى جانبه، وهذا أمر مشروع، حيث إن حرية الفكر والرأي مصانة في كلِّ الأديان السماويَّة، ومعالجة الاختلاف في الرأي بالمجادلة بالتي هي أحسن أمر مطلوب قرآنيًّا، لما يُوفِّره من عدالة واحتكام للعقل. والبُعد عن المجادلة بالتي هي أحسن مدعاة لإثارة الضغائن والفتن، وهو واقع تشهده اليوم بعض شعوب عالمنا العربي التي ضاقت ذرعًا بتسلُّط حكَّامها على مقدَّرات البلاد وثرواتها. ويزداد الأمر سوءًا بقيام رأس النظام بكتم أفواه من يشكو من ظلمه واستبداده، كما حصل قبل خمس سنوات في سورية، التي عانى شعبها طوال هذه السنوات من عقابٍ جماعي مارسه الحاكم من جرَّاء مطالبة الشعب بتغيير نظام حكم استبدادي يقودهم بقوَّة الحديد والنار. فكانت المجابهة المسلَّحة بين الطرفين، التي لم تنته حتى الآن. يسعى المجتمع الدولي إلى وقف نزيف الدم في سورية الذي تعمَّقت جراحه بوقوف قوى الشرِّ إلى جانب الحاكم المستبدِّ بكلِّ عدَّتها وعتادها، مركّزة بحزب حسن نصرالله؛ صوت سيِّده في طهران، وفي دعاة المذهب الصفوي الذين يعملون على إقامة هلال استعماري طائفي في العالم العربي، وبقيصر روسيا الذي يعمل على وجود دائم لأسطوله على شواطئ شرق البحر الأبيض المتوسَّط، إضافة إلى الصهاينة الذين يعملون على تفتيت العالم العربي إلى دويلات تضمن بقاءَهم في الأرض الفلسطينيَّة المغتصبة.. ففي جنيف تجري -هذه الأيَّام- الأمم المتَّحدة حوارًا بين السلطة السورية المستبِّدة وبين ممثِّلي الشعب السوري المُطالبين بتبادلٍ عادل للسلطة، مبنيٍّ على الحوار «بالإحسان والمعروف»، ليعيد للشعب السوري أمنه واستقراره، وليس على مبدأ: «أنا ومن بعدي الطوفان».. فهل يُكتب لهذا الحوار النجاح؟ وهل لدى الدول الكبرى الرغبة الصادقة في إنهاء هذه المأساة الإنسانيَّة؟ أم سيكون لزامًا على قادة العالم الإسلامي نقل المفاوضات إلى محكمة العدل الإسلاميَّة الدوليَّة؟.. و»ما حَكَّ جِلْدَك مِثْلُ ظفرك».

مشاركة :