لا تتجاهل صوتك الداخلي - سهام عبدالله الشارخ

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حالة الحيرة والتردد التي تنتابنا قبل اتخاذ القرار، أي قرار، تصيبنا بالإرهاق، فعدم وضوح الرؤية أمام الإنسان تربكه، وتجعله في دائرة مغلقة من الأفكار، لا يعرف في أي اتجاه يسير، هل يفعل كذا أم لا؟ هل يقبل أم يرفض؟ هل يسافر أم يبقى؟ هل ينفذ الآن أم يؤجل إلى وقت آخر؟ ومع كل هذه الحيرة فإن شيئا في الأعماق يقول له ما عليه أن يفعل ومع ذلك لا يصغي إليه ربما لأن التنفيذ صعب، أو لأن النتائج غير مضمونة، أو لأن الخيارات متشابهة، ويستمر التفكير وتتزايد الحيرة وقد ينتهي الأمر بأن الآخر قد يتخذ القرار بدلاً عنه. يخطئ الشخص عندما يظن في بعض الأوضاع أن المزيد من الوقت والتفكير سيوصله إلى القرار الصحيح، لأن المهم هو توفر المعلومات الكافية والمطلوبة، وقد أثبتت التجارب أن شيئا من الحدس مع تقييم جيد للوضع يسفر في أحيان كثيرة عن قرارات جيدة، ولكن هناك تحذير من الخلط بين الحدس والتوقع وبين اللهفة والتسرع لعمل شيء لمجرد أنه يوافق رغبتنا وعواطفنا وليس احتياجنا، فهنا تقع المشكلة عندما يؤدي القرار إلى نتائج سيئة. في بعض الأحيان لا يكون القرار المتخذ مرضيا بالصورة التي توقعناها بالرغم من توفر المعلومات وأخذ كل الاحتياطات، ولكن لا يجب أن نشعر بالأسى أو الندم ونلوم أنفسنا، فالرياح قد تجري بما لا تشتهي السفن، وقد يحدث أمر طارئ لم نأخذه في الحسبان وهذا لا يعني أن القرار كان خاطئا. أعود إلى موضوع الحيرة المرهقة التي يعيشها البعض منا قبل اتخاذ قرار يخصه على الصعيد الشخصي حتى لو كان في مسألة عادية لاغموض ولا خطورة فيها، وأجد أنها في كثير من الأحيان لها علاقة بالحالة النفسية التي يكون عليها الإنسان، أو بأحداث ماضية لا علاقة لها بالحاضر، فعندما لا يشعر الشخص بالأمان النفسي والثقة فهو أكثر عرضة للدخول في دائرة الارتباك وتعظيم المخاوف والشكوك، ولكن سرعان ما تتبدد تلك الغيوم التي تحجب التفكير الموضوعي عندما يجتهد الشخص في محاولات الخروج من الحالة النفسية والعقلية بالتوكل على الله أولا، ثم استشارة من يثق فيهم، وأخذ فرصة للتفكير الهادئ المتجرد بعد فترة استرخاء، مع الإصغاء في الوقت نفسه إلى صوته الداخلي المتعقل الذي يقول له ما هو الأصلح له، عندها تتضح الرؤية وتظهر إيجابيات القرار ويشعر الشخص بالارتياح والانشراح، ومع الزمن وتكرار مثل هذه التجارب يصبح الإنسان أكثر قدرة على الفصل بين تجارب الماضي ومجريات الحاضر، وعلى التفريق بين الأوهام والمخاوف، وبين الحقائق والوقائع، ويتعلم أن يعتمد على ربه ثم على معلوماته وأن يصغي إلى يقينه الداخلي.

مشاركة :