تعتزم الإدارة الأمريكية بلورة اقتراح نهائي سيقدم لكل من دولة الاحتلال وحماس، تحت شعار «خذه أو اتركه»، الهدف من ذلك عدم فتح المجال للمفاوضات من جديد. وعليه فسيتم تحميل الطرف الرافض مسؤولية التعطيل إذا رفض العرض. شكّل العرض الأخير الذي تعتزم الإدارة الأميركية تقديمه نكوصا وتراجعا عن مقترح الرئيس بايدن، والذي أصبح قرارا لمجلس الأمن حمل الرقم 2735. هذا التراجع والنكوص جاء بسبب تعنت نتياهو ووضعه العراقيل في دواليب القرار. تعمل الإدارة الأميركية وخاصة من خلال وزير خارجيتها بلينكن على توفير طوق النجاة لنتياهو، واعتماد اعتراضاته كقاعدة ارتكاز لمفاوضات جديدة في إطار التعامل معها كوقائع، في ظل غض النظر عن المقترح الأساسي، بل العمل على تجاوزه. وافقت حماس بعد أقل من دقيقة على مقترح بايدن الذي عرضه في مؤتمر صحفي أمام أنظار العالم في 2 يوليو، والذي زعم بايدن في وقتها أنه اقتراح إسرائيلي. عملت الإدارة الأميركية بعد ذلك على ترسيم المقترح في مجلس الأمن. وجد نتنياهو أن المقترح سيعمل على إرباك حساباته، ويعوق تنفيذ مخططه الاستراتيجي المبني على استمرار تنفيذ أعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بقطاع غزة وسحب ذلك وإن كان بوتائر مختلفة على الضفة الغربية ابتداءً من شمالها. كان نتنياهو في كل مرة يضع شروطا جديدة تتجاوز القرار إلى أن فجّر المسألة بشكل صارخ في مؤتمره الصحفي الذي ضخم به من شأن محور فلادلفيا – صلاح الدين واعتبره شريان الحياة لحماس. يعمل نتنياهو وحكومته الفاشية على إعادة بسط سيطرة الاحتلال على قطاع غزة، بما في ذلك إعادة الاستيطان. إن الإعلان عن حاكم عسكري لإدارة الشؤون المدنية والإنسانية في القطاع، إلى جانب الإصرار على الوجود الاحتلالي في كل من معبر رفح ومحور فلادلفيا- صلاح الدين، وإعادة بناء مستوطنة نيتساريم والإعلان عن تكليف الجيش بتنفيذ المساعدات بدلا من المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية مؤشرات واضحة على اعتزام نتنياهو بسط سيطرة الاحتلال على قطاع غزة. إن الخطوات التي يقوم بها نتنياهو تتجاوز بالكامل إعلان بايدن وقرار مجلس الأمن. إن الإثارة الإعلامية التي تروجها الإدارة الأميركية، وخاصة من وزير خارجيتها بلينكن الذي أعلن أنه تم إنجاز 90% من النقاط، ومتبقٍ فقط 10% ترمي إلى تعزيز نفوذ الحزب الديمقراطي بالسباق الانتخابي في مواجهة حملة ترامب، كما ترمي إلى توفير خشبة خلاص لنتنياهو، خاصة أن الإعلام الرسمي الأميركي بدأ يلوح بشروط جديدة تخص المعتقلين وضعتها مؤخرا حماس، الأمر الذي سيعوق وفق هذا الإعلام من إتمام صفقة تبادل أسرى وإبرام اتفاق تهدئة بما يمهد لإمكانية إدانة حماس. تعلم الإدارة الأميركية أن المقاربات التي تعمل على بلورتها لن تكون مقبولة لحماس، والشعب الفلسطيني بصورة عامة، وهي من نوع المقترحات الشكلية التي تبقي على شروط نتنياهو، من طراز تقليص نقاط المراقبة في محور فلادلفيا- صلاح الدين وتخفيف درجة المراقبة في نيتساريم، بما يعني النسف الكامل لقرار 2735 الذي كان ينص على وقف إطلاق النار وعودة غير مشروطة للنازحين من الجنوب إلى الشمال وإبرام صفقة تبادل أسرى، علمًا بأن حماس أبدت مرونة كبيرة بما يتعلق بهذا الملف وانسحاب كامل لجيش الاحتلال. لا تريد الإدارة الأميركية ممارسة أي نوع من الضغوطات على نتنياهو وهي بدلا من ذلك تتكيف مع اشتراطاته وتعمل على تبنيها وتنسف مقترح رئيسها وتحاول تغير المعادلة بما يسمح لها بإنقاذ نتياهو وإدانة حماس والمقاومة. تدرك الإدارة الأميركية أن حساسية اللحظة الانتخابية تجنبها من ممارسة أي ضغط على نتنياهو وحكومته، حتى لا يُستغل ذلك انتخابيًا من ترمب والحزب الجمهوري. إن مواجهة شراك بلينكن والإدارة الأميركية يكمن بالعمل على تشكيل وفد مشترك للتفاوض كما تم إبان عدوان 2014، وكذلك التوجه من خلال منظمة التحرير والوفد المشترك لمجلس الأمن عبر المجموعة العربية للمطالبة بتنفيذ القرار 2735 تحت الفصل السابع. بهذا التكتيك ستتخلص حماس من مسؤولية إلقاء اللوم عليها في حالة رفضها مقترح «خذه أو اتركه» الأميركي، وستحمل العالم مسؤولية تنفيذ القرار تعبيرا عن الإرادة الدولية، وسيؤدي ذلك لإدارة نتنياهو وحكومته الفاشية التي رفضت تنفيذ القرار. ـــــــــــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد
مشاركة :