بدهاء شديد ترك نتنياهو جميع القوى الدولية والإقليمية والإسرائيلية تتحدث عن اليوم التالي. وقد طالبته الإدارة الأميركية بوجود خطة واضحة بهذا المجال . وتنافس كل من غالانت وغانتس ولابيد على تقديم مقترحات بهذا الخصوص . وتفاعلت بعض الأوساط الفلسطينية، وإن كان بصورة غير رسمية مع فكرة اليوم التالي، رغم التأكيد بأنه سيكون يوم فلسطيني بامتياز، دون تدخل من دولة الاحتلال. وتفاعلت بعض أوساط دول الإقليم أيضا بهذا الموضوع، من خلال الحديث عن استعدادها لأن تكون جزءًا من قوة إقليمية دولية للإشراف على المعبر والقطاع . وأشارت السلطة إلى أنه من غير الممكن أن تتولى شأن إدارة معبر رفح إلا في إطار التفاهم الوطني، وبالأخص مع حركة حماس . كانت مهمة نتنياهو الأولى تكمن في صد المقترحات الرامية لوجود إدارة فلسطينية، مهما كان نوعها، بعد انتهاء الحرب، حيث أكد أنه يرفض كلا من «حماسستان وفتحستان».. كما كانت مهمته الثانية تكمن في فرض الوقائع العسكرية والأمنية وصولا للاستيطانية على أرض القطاع. عرض نتنياهو خطوطا عامة في بداية العام للإجابة على سؤال اليوم التالي، ومنها تشكيل إدارة مدنية موالية للاحتلال، تدير شؤون السكان . إلا أنه كان يخطط لتنفيذ أبعاد أخرى، مفادها يكمن في عودة الاحتلال العسكري المباشر، مصحوبا بعودة الاستيطان وتشكيل إدارة مدنية مطياعة. إن نظرة سريعة لطبيعة الخارطة الإسرائيلية الجديدة لقطاع غزة تبرز بوضوح طبيعة المخطط الاستعماري الذي عملت على تنفيذة حكومة اليمين الفاشية، عبر القوة العسكرية الغاشمة . تظهر الخارطة وضوح المخطط الصهيوني الاستعماري على القطاع، من خلال اقتطاع (المنطقة الأمنية العازلة) على الحدود الشرقية والشمالية من القطاع، وإعادة تشكيل مستوطنة نيتساريم التي تقتطع القطاع من المنتصف، والتي تضخمت وأصبحت مساحتها حوالي 7 كيلومترات مربعة، إلى جانب استمرارية السيطرة على محور فيلادلفي – صلاح الدين ومعبر رفح. هناك مؤشرات جدية لعودة الاستيطان لشمال القطاع، من خلال تطبيق خطة الجنرالات التي صممها الجنرال والخبير السابق بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية غئولا ايلند . ترمي هذه الخطة لإفراغ المنطقة من السكان وإعادة بناء المستوطنات عليها . يهدف نتنياهو وأركان حكومته من خلال ذلك إلى تنفيذ أحد أهداف العدوان، بجعل قطاع غزة مكانا غير مهدد لأمن الغلاف ودولة الاحتلال. ولكن يكمن الهدف الاستراتيجي في محاولة تصفية المقاومة، وضرب الهوية الوطنية بوصف القطاع أحد الروافع المهمة لها، وفصل القطاع عن الضفة لمنع قيام دولة فلسطينية، إلى جانب الأهداف الاقتصادية، خاصة العمل على السيطرة على بحر القطاع الغني بالغاز . لقد قام عتاة اليمين المتطرف بمشاركة كل من بن غفير وسموتريتش بتنظيم مؤتمر في الربع الأول من بداية العام بمدينة القدس، يدعو لإعادة الاستيطان إلى قطاع غزة، وها هي حكومة الاحتلال الفاشية تحاول العمل على تنفيذه. وعليه فقد عمل نتنياهو أمام مخططه الواضح على سد الطريق أمام الاجتهادات والمقترحات بخصوص اليوم التالي، الأمر الذي يتطلب إزاحة التفكير الفلسطيني والاجتهادات من أية جهة للتفاعل مع أي مقترحات بخصوص اليوم التالي . إن التصدي لمخطط نتنياهو الاستعماري على قطاع غزة بخصوص اليوم التالي، يكمن بتشكيل حكومة توافق وطني فورية تنفيذا لإعلان بكين، وتعزيز العمل الشعبي والاجتماعي المشترك بين جميع القوى وفاعليات المجتمع المدني، بهدف تقديم الخدمات وتحقيق وحدة النسيج الاجتماعي، وتعزيز حالة الصمود الوطني. بالتأكيد فإن رهانات نتنياهو ستتحطم على صخرة وحدة شعبنا الميدانية، وسترفض كل المكونات السياسية والمجتمعية والعائلية التفاعل مع مقترح الإدارة المدنية، وسيغوص نتنياهو وجيشه في رمال قطاع غزة، الأمر الذي سيرتد عليه، وسيؤدي ذلك إلى تسعير التناقضات بين الجيش الذي يرغب في الانسحاب من غزة وبين نتنياهو والمستوى السياسي الذي يسعى لإطالة أمد العدوان حفاظا على مصالحه الشخصية وتنفيذا لأجندته الأيديولوجية والسياسية المبنية على الاستعمار والاستيطان والتوسع. ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد
مشاركة :