لطالما كان تحليل الأعمال بمثابة البوصلة التي توجه الشركات نحو اتخاذ قرارات استراتيجية سليمة؛ ففي عالم الأعمال المتسارع؛ حيث تتزايد التحديات وتتنوع الفرص، أصبح الاعتماد على البيانات والتحليلات أمرًا لا غنى عنه. فمن خلال تحليل البيانات المتاحة، بإمكان الشركات فهم سوقها المستهدف بشكلٍ أفضل، وتحديد نقاط قوتها وضعفها، وتوقع التغيرات المستقبلية، وبالتالي اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية. وبتعبير أدق، تحليل الأعمال هو عملية استكشاف عميقة لبيانات الأعمال، بهدف كشف العلاقات والاتجاهات التي قد لا تكون ظاهرة للعيان. فهو يعتمد على مجموعة من الأساليب والتقنيات المتطورة، بدءًا من الإحصاءات الوصفية وصولًا إلى الذكاء الاصطناعي، وذلك لكشف القيمة الكامنة في البيانات وتحويلها إلى معلومات مفيدة تدعم عملية صنع القرار. فهرس المحتوي Toggle تحليل الأعمالمسارات أساسية لتحليل الأعمال1. تحليل SWOT2. تحليل PESTLE3. قوى بورتر الخمس4. نمذجة العمليات التجارية5. تحليل Agile و Scrum تحليل الأعمال ولعل أهمية تحليل الأعمال تكمن في قدرته على مساعدة المؤسسات على فهم عملائها بشكلٍ أفضل، وتحديد فرص النمو، وتحسين العمليات التشغيلية، وتقليل التكاليف، وزيادة الكفاءة. فمن خلال تحليل البيانات المتعلقة بسلوك المستهلكين، يمكن للشركات تطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم بشكلٍ أفضل. كما يمكنها تحديد الأسواق المستهدفة الجديدة، وتطوير استراتيجيات تسويقية أكثر فعالية. وليس أدل على أهمية تحليل الأعمال من تزايد الطلب على المحللين المهرة في هذا المجال؛ فالشركات في مختلف القطاعات تسعى جاهدة لتوظيف خبراء في تحليل البيانات قادرين على مساعدتها على اتخاذ قرارات استراتيجية سليمة. وقد أدى هذا الطلب المتزايد إلى ظهور العديد من الأدوات والبرامج التي تسهل عملية تحليل البيانا؛ ما يجعل هذا المجال في متناول الجميع. مسارات أساسية لتحليل الأعمال ويمثل تحليل البيئة التنافسية لأي مؤسسة حجر الزاوية في صناعة القرارات الاستراتيجية. كما تعتبر أدوات التحليل مثل SWOT وPESTLE وقوى بورتر الخمس من أهم الأدوات التي يتسلح بها صناع القرار لفهم بيئتهم الداخلية والخارجية بشكل أفضل، وتحديد الفرص والتهديدات التي تواجه أعمالهم. 1. تحليل SWOT يعد تحليل SWOT أداة أساسية في ترسانة أي شركة تسعى للنمو والتطور. هذا التحليل، الذي يشمل دراسة نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات التي تواجه المؤسسة، يقدم رؤية شاملة عن وضعها الحالي. كما يوجهها نحو اتخاذ قرارات استراتيجية سليمة. ومن خلال تقييم الموارد الداخلية، مثل: الكفاءات البشرية والتكنولوجيا المتاحة، إلى جانب العوامل الخارجية. مثل: المنافسين واتجاهات السوق، يمكن للشركات تحديد: – نقاط قوتها التي يمكن البناء عليها. – نقاط ضعفها التي يجب معالجتها. – الفرص الواعدة التي يجب اغتنامها. – التهديدات المحتملة التي يجب التصدي لها. ولتوضيح أهمية تحليل SWOT، لنأخذ مثالًا على شركة تجزئة صغيرة. قد تكشف هذه الشركة، من خلال إجراء تحليل SWOT، عن امتلاكها قاعدة عملاء ولاء عالية ومنتجات فريدة من نوعها؛ ما يمثل نقاط قوة أساسية. وفي المقابل، قد تظهر أنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة وقلة الخبرة التسويقية كنقاط ضعف. أما الفرص، فقد تكمن في التوسع في أسواق جديدة أو الانتقال إلى التجارة الإلكترونية. بينما تشكل المنافسة الشديدة والتقلبات الاقتصادية تهديدات محتملة. أضف إلى ذلك، أن تحليل SWOT يوفر للشركات خارطة طريق واضحة للمستقبل؛ إذ يساعدها على تحديد أهدافها الاستراتيجية وتطوير الخطط اللازمة لتحقيقها. ويمكن للشركات تحقيق نمو مستدام وتعزيز قدرتها على التنافس من خلال: – الاستفادة من نقاط قوتها. – معالجة نقاط ضعفها. – الاستفادة من الفرص المتاحة. – التخطيط لمواجهة التهديدات. ولا يقتصر استخدام تحليل SWOT على الشركات الكبيرة؛ بل يمكن تطبيقه على المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وكذلك على الأفراد الذين يرغبون في تطوير مهاراتهم أو حياتهم المهنية. 2. تحليل PESTLE يشكل فهم البيئة التي تعمل فيها الشركات عاملًا حاسمًا في نجاحها. ومن الأدوات التحليلية التي باتت تستخدم على نطاق واسع في عالم الأعمال، تحليل PESTLE. ويركز هذا التحليل على مجموعة من العوامل الخارجية التي تؤثر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على أداء المؤسسات، وهي العوامل: – السياسية. – الاقتصادية. – الاجتماعية. – التكنولوجية. – القانونية. – البيئية. ومن خلال فحص هذه العوامل، تستطيع الشركات تحديد الفرص المتاحة وتوقع التحديات المحتملة. وبالتالي اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر استنارة. ولنفترض أن شركة تصنيع متعددة الجنسيات ترغب في دخول سوق جديد. من خلال إجراء تحليل PESTLE، يمكن لهذه الشركة أن تكشف عن مجموعة من العوامل التي قد تؤثر على نجاحها. على سبيل المثال، قد تجد أن السوق المستهدف يتمتع باستقرار سياسي وبيئة اقتصادية واعدة؛ ما يمثل فرصة جيدة للاستثمار. ومع ذلك، قد تكشف التحاليل أيضًا عن وجود لوائح بيئية صارمة أو منافسة شرسة من الشركات المحلية؛ ما يتطلب من الشركة تطوير استراتيجيات خاصة للتكيف مع هذه التحديات. ولا يقتصر دور تحليل PESTLE على مرحلة اتخاذ القرارات الاستراتيجية الأولية؛ بل يتطلب تطبيقه بشكلٍ مستمر لمواكبة التطورات التي تحدث في البيئة الخارجية. فالعوامل التي كانت تعد فرصة في وقت ما قد تتحول إلى تهديد في وقت آخر. وبالمثل، قد تنشأ تهديدات جديدة تتطلب من الشركات تعديل استراتيجياتها. 3. قوى بورتر الخمس يكتسب تحليل قوى بورتر أهمية متزايدة في عالم الأعمال المتسارع. ففي ظل المنافسة الشديدة التي تشهدها الأسواق العالمية، باتت الشركات تبحث عن أدوات تحليلية تساعدها على فهم بيئة عملها بشكلٍ أفضل وتحديد فرص النمو والتحديات التي تواجهها. ومن أهم هذه الأدوات، تحليل قوى بورتر الخمس، الذي يقدم إطارًا شاملًا لتقييم جاذبية الصناعة وتحديد العوامل التي تؤثر على الربحية والتنافسية. ويعتمد هذا التحليل على فكرة أن قوة أي شركة تتأثر بخمس قوى أساسية: – تهديد الدخول الجديد. – قوة التفاوض للمشترين. – قوة التفاوض للموردين. – تهديد المنتجات البديلة. – شدة المنافسة بين الشركات الموجودة. ولنفترض أن شركة برمجيات رائدة قررت إجراء تحليل لقوى بورتر الخمس لصناعتها. قد تكشف هذه التحاليل أن صناعة البرمجيات تتمتع بحواجز دخول عالية؛ مثل: “التكاليف المرتفعة للبحث، والتطوير، والحاجة إلى كفاءات تقنية متخصصة”؛ ما يقلل من تهديد الدخول الجديد. ومع ذلك، قد تظهر قوة تفاوضية كبيرة للمشترين، خاصة الشركات الكبرى التي تشتري بكميات كبيرة. ما يضطر الشركات المنتجة للبرمجيات إلى تقديم أسعار تنافسية. وبالإضافة إلى ذلك، قد تكون المنافسة شديدة في بعض قطاعات صناعة البرمجيات؛ ما يستدعي من الشركات تطوير استراتيجيات تمييزية للحفاظ على حصتها في السوق. ولا شك أن تحليل قوى بورتر يوفر للشركات مجموعة من الفوائد التي تساعدها على اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر فعالية. فمن خلال فهم هذه القوى، يمكن للشركات تحديد: – نقاط قوتها وضعفها. – الفرص المتاحة والتهديدات المحتملة. – استراتيجيات للحد من تأثير القوى التنافسية السلبية وتعزيز القوى التي تدعمها. على سبيل المثال، قد تستثمر شركة البرمجيات في بناء علاقات قوية مع العملاء لتقليل قوة تفاوضهم. أو قد تركز على تطوير منتجات مبتكرة لتعزيز ميزتها التنافسية. 4. نمذجة العمليات التجارية يمثل نمذجة العمليات التجارية (BPM) أداةً حديثة وفعالة لتحسين الأداء المؤسسي؛ إذ تساهم في فهم أعمق لآليات سير العمل داخل الشركات والمؤسسات. كما تعتمد هذه المنهجية على تحليل دقيق للعمليات الحالية، وتقديم تصورات بصرية واضحة من خلال الرسوم البيانية والانسيابية؛ ما يسهل على صانعي القرار: – تحديد نقاط القوة والضعف. – التعرف على الفرص المتاحة لتحسين الكفاءة والإنتاجية. كما تتجاوز فوائد BPM مجرد تحليل العمليات الحالية؛ إذ تمكن الشركات من اكتشاف وتصحيح الأخطاء والاختلالات التي تؤدي إلى تباطؤ العمل وزيادة التكاليف. ومن خلال رسم خرائط واضحة للعمليات، يمكن تحديد المراحل المعقدة أو المتكررة؛ ما يفتح الباب أمام تبسيط الإجراءات وإزالة العقبات التي تعيق سير العمل السلس. علاوة على ذلك، تساهم BPM في تعزيز التعاون بين مختلف الأقسام والموظفين؛ إذ توفر لغة مشتركة لفهم كيفية تفاعل العمليات المختلفة؛ ما يساهم في: – اتخاذ قرارات أكثر استنارة. – تحقيق أهداف المؤسسة بشكل أكثر فعالية. ولتوضيح ذلك، يمكن الاستعانة بمثال مؤسسة الرعاية الصحية التي استخدمت BPM لتحسين عملية قبول المرضى. فقد كشفت النمذجة عن وجود العديد من الإجراءات غير الضرورية والتأخيرات في نقل المعلومات بين الإدارات المختلفة. ومن خلال تبسيط هذه العملية وإدخال أنظمة رقمية لتسجيل البيانات، تمكنت المؤسسة من: – تقليل وقت الانتظار للمرضى. – تحسين تجربتهم بشكل ملحوظ. – تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل التكاليف التشغيلية. 5. تحليل Agile و Scrum ثمة حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن منهجيات Agile و Scrum باتت من الأدوات الحاسمة في مجال التحليل التجاري. لا سيما في سياق مشاريع تطوير البرمجيات. هاتان المنهجيتان تعكسان التوجه نحو أساليب أكثر مرونة وتعاونًا بين فرق العمل. وهو ما أصبح أساسيًا لتحقيق نجاح مستدام في بيئة الأعمال المتغيرة باستمرار. وبالطبع Agile ليست مجرد إطار عمل؛ بل هي فلسفة تستند إلى التكيف السريع مع التغيرات. كما تقوم على التخطيط التكيفي والتحسين المستمر. وهي تقدم بُعدًا جديدًا للاستجابة الفورية لتغير متطلبات السوق والعملاء. في المقابل، Scrum يمثل إطارًا عمليًا أكثر تحديدًا ضمن Agile؛ إذ ينظم العمل في تكرارات زمنية قصيرة تسمى “سباقات” (sprints)؛ ما يسمح بتسليم المنتجات بشكل تدريجي ومنتظم. علاوة على ذلك، تعد Scrum و Agile أدوات حيوية للعديد من شركات تطوير البرمجيات. فمثلًا، تعتمد الشركات التي تتبنى هذين الإطارين على تقسيم المشاريع الكبيرة إلى أجزاء صغيرة وقابلة للإدارة، وتوزيعها على فرق عمل متعددة التخصصات. كما يعمل الفريق على كل سباق بشكلٍ تعاوني؛ إذ يتم تقديم تحديثات دورية للمنتج وتقييم النتائج بناءً على التعليقات المستمرة من أصحاب المصلحة. هذه المنهجية ليست فقط وسيلة لتعزيز التعاون بين أعضاء الفريق؛ بل إنها تضمن أيضًا تحسين جودة المنتج النهائي بشكل تدريجي وتكاملي. ومن خلال إعادة تقييم المتطلبات وتعديل أولويات العمل باستمرار، يتم تحسين المخزون الخلفي للمنتج بما يتماشى مع التغيرات في احتياجات العملاء. وفي النهاية، يتضح لنا أنه بالرغم من التطور التكنولوجي الهائل؛ إلا أن دور الكفاءات البشرية في مجال تحليل الأعمال لا يزال حاسمًا. فالمحللون المهرة هم من يترجمون البيانات إلى معلومات قيمة. كما يتخذون القرارات الاستراتيجية بناءً على فهم عميق لطبيعة الأعمال والبيئة التنافسية؛ لذلك، فإن الاستثمار في تطوير مهارات المحللين وبناء فرق عمل متكاملة يمثل استثمارًا طويل الأجل في نجاح أي مؤسسة. الرابط المختصر :
مشاركة :