فرصة لالتقاط الأنفاس

  • 5/7/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بات من الواضح أن إدخال حلب في دائرة الهدنات الموضعية والمؤقتة جاء تحت ضغوط دبلوماسية مضنية، بذلتها واشنطن وموسكو، لوقف التصعيد الدموي الخطر الذي أعقب انهيار جولة محادثات جنيف الأخيرة، وتحت ضغط العامل الإنساني الذي لعب دوراً أساسياً في فرضها على أطراف الصراع بضمانات أمريكية - روسية، فهل تكفي هذه الضمانات لصمود هدنة حلب ثم تمديدها أم أنها ستكون مجرد فرصة لالتقاط الأنفاس، حيث ستعود النار إلى الاشتعال مجدداً إثر انقضاء المهلة المحددة. يأتي فرض الهدنة في حلب أشبه بالولادة القيسرية، التي لا يرغب بها أحد، فكل أطراف الصراع كانت تعتبر معركة حلب معركة مفصلية في معادلة الحرب والسلام، وحشدت كل ما لديها من أسباب القوة للفوز بها، ولهذا جاء التصعيد دموياً غير مسبوق، لا يعترف بالقوانين ولا حتى بأخلاقيات الحروب، وهنا عادة ما يدفع المدنيون الثمن، حيث قصفت المستشفيات، واصطبغت جدران المدينة بلون الدم، وتناثرت الأشلاء في الشوارع، لكن الجميع خسر في النهاية،..ويبقى السؤال إلى أي مدى يمكن للضمانات الأمريكية الروسية أن تحمي الهدنة؟. الأمم المتحدة تراهن على الانتقال سريعاً إلى جنيف، وتربط بين ذلك وبين نجاح الهدنة، وتحذر من أن البديل سيكون كارثياً لأنه سيؤدي إلى نزوح أكثر من 400 ألف باتجاه الحدود التركية. ولكن بغض النظر عن توقعات موسكو بإمكانية العودة إلى مفاوضات جنيف خلال الشهر الحالي، فإن الاتفاق بحد ذاته غير مطمئن، ولا يفصح عن تفاصيل تزيل ما يكتنفه من غموض، سوى الحديث عن ترتيبات جديدة وتنسيق روسي - أمريكي وضمانات من الطرفين للضغط على أطراف الصراع لإنجاح الهدنة. الأرجح أن هذه الضمانات ليست كافية، وإذا كانت كذلك فمن يضمن داعش أو النصرة من فتح النار في أي وقت، ولهذا فإن المطلوب هدنة شاملة تقتنع بها كل الأطراف، وتحديد واضح للمنظمات التي تم توصيفها بقرار أممي على أنها إرهابية، والأهم من ذلك هو اقتناع الأطراف الدولية والإقليمية بعدم وجود أية إمكانية لحسم الصراع بالقوة، وأن لا خيار أمامها سوى الحل السياسي. على الأقل هذا ما تتحدث عنه موسكو وواشنطن. واللتان رسمتا حدوداً لسقوف تدخلهما من دون أن يتصادما في حروب بالوكالة، فيما ألمح الروس صراحة إلى استحالة دخول قوات برية من الخارج بوجود قواتهم في سوريا، فهل نشهد عودة قريبة إلى مسار الحل السياسي، أم أن شلال الدم سيتواصل حتى إشعار آخر؟ يونس السيد younis898@yahoo.com

مشاركة :