كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن تفاصيل الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، الذي أظهر تراجعا في النمو السكاني في المغرب، وكشف أن خمس جهات تؤوي أكثر من 70% من السكان، وسبع مدن كبرى تستقطب حوالي 40% من السكان الحضريين. وقالت إن “هذه الديناميكية الديموغرافية معززة بشكل رئيسي بالوسط الحضري حيث ارتفع عدد سكانه من حوالي 3,4 ملايين نسمة سنة 1960 إلى 23,1 مليون نسمة سنة 2024، أي بزيادة 19,7 مليون نسمة عن سنة 1960، وهو ما يعادل نموا سنويا قدره 3,04%، فيما ارتفع عدد السكان بالوسط القروي من 8,2 مليون نسمة إلى 13,7 مليون نسمة، بمعدل نمو سنوي قدره 0,8% خلال الفترة نفسها. وحسب المندوبية، تراجع معدل النمو السنوي من 2,6% بين 1960 و1982 إلى 1,25% بين 2004 و2014 وإلى 0,85% بين 2014 و2024 من جانبه يشير أيوب رضواني الباحث في الجغرافيا السياسية، إلى أنّ نتائج الإحصاء العام للسكن و السكنى الأخيرة تتطلب فهمًا دقيقًا لِأنّها تُقدم بيانات على مستويين مُختلفين. و يوضح الرضواني في حديثه لموقع القناة الثانية أنّ هذه النتائج تُقسم إلى نوعين: نتائج عامّة و نتائج قطاعيّة. و تتضمن النتائج العامّة بيانات كَعدد السكان و توزيع الجنس (الإناث و الذكور)، بالإضافة إلى البيانات التي تتعلق بالأطفال و التوزيع الجغرافي للسكان بما في ذلك نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية و نسبة الذين يعيشون في المناطق الريفية. و تُبين هذه النتائج العامّة أنّ المغرب يُعاني من نسبة مُرتفعة من السكان الذين يعيشون في المدن (60%)، و نسبة أقلّ تُشكل حوالي 40% من السكان الذين يعيشون في القرى. و يُؤكد الرضواني أنّ النوع الآخر من النتائج هو النتائج القطاعيّة، و هي أكثر أهمية في تحليل البيانات المُتعلّقة بِالإحصاء العام للسكن والسكنى. و تُقدم النتائج القطاعيّة معلومات مُفصلّة عن كلّ قطاع من قطاعات الحياة، مثل: الصحة، التعليم، التشغيل، و غيرها. و يُشدّد رضواني على أنّ هذه النتائج القطاعيّة ضروريّة في فهم الواقع على مستوى كلّ قطاع على حِدة.و يُشير الرضواني إلى أنّ هذه الأجوبة قد لا تكون مُوضوعيّة دائمًا و قد تَحتوي على عوامل شَخصيّة أو عوامل أخرى لا تُعبر عن الواقع المُجرّد. و في تفاعله مع سؤال استفادة الأحزاب السياسية في المغرب من المعطيات التي توفرها المندوبية السامية للتخطيط، خاصةً فيما يتعلق بالإحصاء العام، وهل ستُوظف هذه البيانات في رسم السياسات العامة، وتخليق الحياة العامة، وتدبير الشأن العام، وفهم مُعضلات المجتمع، وإيجاد حلول ناجعة للفقر، ومكامن الخلل الأخرى. قال الرضواني أن الدعم الحكومي المُخصص للأبحاث يحوز دورا مُهما في تطوير المشهد السياسي. وأشار إلى قرار الدولة في السنة الماضية بتخصيص دعم للأحزاب السياسية، مُشددًا على أن هذا الدعم كان يُفترض أن يُوجّه نحو الأبحاث والدراسات التي تُساعد الأحزاب على تشخيص الواقع، واقتراح حلول للمشاكل القائمة، وفهم المجتمع وتطلعاته بشكل أعمق. ويرى رضواني أن الإحصاء العام يُمثل مصدرًا مهمًا لفهم الديناميات الديمغرافية والاقتصادية للمجتمع. ويُضيف أن الأبحاث والدراسات يُفترض أن تُقدم تشخيصًا دقيقًا الواقع، وترسم آفاقًا مستقبلية، وتُقترح حلولاً عمليةً، وهو ما يُعرف بـ"التشخيص والتنبؤ"، مُؤكدًا أن هذه الأبحاث قادرة على تقديم حلولٍ جذريةٍ لمشاكل البلاد. كما يُؤمن الرضواني بأن مراكز الأبحاث تُمثل فرصةً قيّمةً للأحزاب لتطوير أدائها، شرط أن تُحسن استغلال الميزانيات المُرصودة وتتعاون بفعالية مع هذه المراكز. ويُشير إلى أن مراكز الأبحاث يُمكنها الاعتماد على معطيات المندوبية السامية للتخطيط، وتقارير مؤسسات أخرى مثل مجلس المنافسة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ولجنة النموذج التنموي، والمجلس الأعلى للحسابات. هذه المعطيات، بحسب رضواني، تُشكل قاعدةً متينةً للأحزاب لبناء تصورات واقعية، واقتراح حلول مُناسبة. مع ذلك، يُرجّح رضواني أن الأحزاب الحالية قد لا تستغل هذه المعطيات بالشكل الأمثل، متوقعًا أن تُواصل اعتمادها على الأساليب التقليدية للحصول على الأصوات، بدلًا من الاستثمار في الأبحاث والدراسات لتطوير برامجها وتقديم حلول حقيقية. ويستثني من ذلك الأحزاب التي قد تُقرر الخروج عن المألوف والعمل بمنهجيةٍ مُعاصرة.
مشاركة :